مدارات

الشيوعي الفرنسي يدعو إلى أكثرية يسارية / رشيد غويلب

في افتتاح القرية الأممية بمهرجان جريدة "لومانيتيه" الشيوعية الفرنسية نهاية الأسبوع الفائت، ندد رئيس تحرير الجريدة باترك لوهيرك بـ"الرأسمالية المنفلتة، التي لا ترحم، وتريد تحويل العالم الى غابة، والتي تشن حربا اقتصادية من اجل الأرباح ضد الشعوب. وهذه العولمة، وعلى الرغم من الخصوصية الوطنية، تتطلب مواجهتها وحدة القوى التقدمية للنضال من اجل التحويل الإنساني للعالم"، واضاف "نحن لا نتكلم لغة واحدة، لكننا نفهم بعضنا البعض، لأننا نحس ونسعى لنفس الأهداف".
وأكد باترك لوهيرك ان المشكلة الآنية، والشديدة الخطورة اليوم، هي قعقعة السلاح حول سوريا، وان "العمل العسكري من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدماء والمعاناة، في الحرب الاهلية التي استمرت طويلا، وتسببت في وقوع آلاف الضحايا". ولان الحكومة الفرنسية تبنت توجها مغامرا، فان من واجب جميع قوى البلاد التقدمية تشكيل قوة مضادة، للعمل وبكل قواها من اجل التوصل الى حل سياسي في سوريا وحولها.
من جانبه أكد السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي بيير لوران في لقاء مع الصحفيين وزوار المهرجان، موقف حزبه الرافض للمغامرة العسكرية في سوريا، وهو الموقف الذي يجد تجاوبا من أوساط واسعة داخل الحزب الاشتراكي الحاكم، ويشكل مصدر ازعاج لقيادة هذا الحزب وللرئيس فرانسوا هولاند. انتقد لوران السياسة الاقتصادية والاجتماعية لحكومة الحزب الاشتراكي ، التي تقدم باستمرار تنازلات للشركات، وتطالب العاملين الفرنسيين بمزيد من التضحيات، خصوصا من خلال "إصلاح" قوانين التقاعد والضرائب. ولكن هذا لا يمنع الشيوعيين من العمل المشترك مع الاشتراكيين، من اجل أغلبية يسارية على أوسع نطاق ممكن، حيثما تكون هناك مواقف ومصالح مشتركة. وبهذا يبتعد لوران عن مواقف مرشح "جبهة اليسار" للانتخابات الرئاسية الاخيرة جان لوك ميلتشون، الذي يهاجم، منذ شهور طويلة، حكومة الحزب الاشتراكي بكلمات نابية. وفي الوقت الذي يطالب فيه ميلتشون بالمشاركة في الجولة الاولى من الانتخابات المحلية التي ستجري في العام المقبل بقائمة مستقلة لقوى جبهة اليسار، يدعو السكرتير الوطني للحزب الشيوعي رفاقه الى دراسة اوضاع المدن والبلديات كل على حدة، ووفق ظروفها الخاصة، والعمل على التحالف مع الاشتراكيين حيثما امكن، لتقوية المواقف اليسارية في مواجهة اليمين المتطرف، وخصوصا "الجبهة القومية".
ومن المعروف ان للحزب الشيوعي الفرنسي 759 عمدة بلدية، و2397 نائب عمدة و 6596 عضوا في مجالس المدن والبلديات، ضمنها 37 مدينة يحكمها الشيوعيين، ويبلغ عدد سكان العديد منها اكثر من 20 الف نسمة، ويبلغ مجموع سكانها 3,3 مليون نسمة. ويقع ثلثا هذه البلديات في منطقة باريس الكبرى. ويبلغ الدعم المالي الذي يحصل عليه الحزب، من هذه البلديات بموجب القانون 15 مليون يورو، تمثل نصف ميزانيته، وهو عامل إضافي يؤثر في اختيارات الحزب لتحالفاته الانتخابية بعيدا عن الخطاب الشعبوي، الذي لا يخلو من التطرف.