مدارات

الآلاف يتذكرون روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت

رشيد غويلب
قبل 98 عاما، وفي الخامس عشر من كانون الثاني 1919، قام جنود الفيلق الحر اليميني بقتل مؤسسي الحزب الشيوعي في ألمانيا، المناضلين الأممين البارزين روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت، ولا تزال ذكرى القتل الوحشي للقائدين الشيوعيين حية حتى اليوم.
وقد دأبت قوى اليسار الألماني ، منذ جمهورية فابمر في عشرينيات القرن العشرين على الاحتفاء بهذه الذكرى سنويا وبأشكال مختلفة من الفعاليات، التي تنوعت بتغير الظروف، وتعدد القراءات للتجربة التاريخية للحركة العمالية العالمية والألمانية، إلا أنها حافظت على حيويتها، واكتسبت زخما جديدا بعد انهيار التجربة الاشتراكية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
وعاشت العاصمة الألمانية برلين أول من أمس الأحد ذروة الفعاليات السنوية في هذه المناسبة وتضمن برنامج الاستذكار سلسلة من الفعاليات الفكرية والسياسية والثقافية والفنية تنظمها قوى اليسار الألماني ومنظماتها الطلابية والشبابية مجتمعة او على انفراد، وتتوج الفعاليات عادة بتنظيم مسيرة جماهيرية في نهاية الأسبوع الثاني من كانون الثاني.
وعملت مجموعات من الشرطة على استفزاز المشاركين في المسيرة، واعتدت على كراديس المتظاهرين الذين كانوا يحملون لافتات للتضامن مع حركة التحرر الكردستانية، وقوى اليسار التي تتعرض إلى الملاحقة والاعتقال في تركيا، والتي طالبت بإطلاق سراح قادة حزب الشعوب الديمقراطي الذين يقبعون في سجون اوردوغان.
وفي صباح الأحد وضع الرئيسان المشاركان لحزب اليسار الألماني بيرند ركسنغر وكاتيا كيبنك، بمصاحبة رئيسي الكتلة البرلمانية للحزب، وبمشاركة الآلاف من المحتفلين اكاليل القرنفل الأحمر على النصب التذكاري للقائدين الأمميين.
ولم تمنع درجات الحرارة المنخفضة الآلاف من المشاركة في المسيرة الاستذكارية، التي جابت شوارع برلين وصولا الى مقبرة "فريدرشفيلد". وتحدثت الشرطة عن مشاركة 3,5 الف في المسيرة، في حين أكد منظموها بلوغ عدد المشاركين ضعف هذا الرقم على الأقل ، على الرغم من موجة البرد الشديد التي تضرب البلاد.
وسادت أجواء التضامن النضالي المسيرة التي تميزت بحضور لافت للشبيبة القادمة من مختلف انحاء ألمانيا للمشاركة في المسيرة وحضور فعاليات الاستذكار الأخرى. وسارت المسيرة على شكل كراديس تتقدمهم لافتة كبيرة كتب عليها: " لوكسمبورغ، ليبكنخت، لينين، لا احد ينسى- انهضوا وقاوموا". وشارك في المسيرة اعضاء حزب اليسار وشبيبة الحزب، والحزب الشيوعي الألماني، والشبيبة الشيوعية، ومنظمات ماركسية أخرى، إلى جانب العديد من المنظمات اليسارية الأجنبية، والعديد من الشخصيات النقابية والثقافية المعروفة.
وبثت مكبرات الصوت الأغاني الثورية العمالية . وعبر المتظاهرون والمتحدثون في المسيرة عن رفضهم العنصرية ومعاداة السامية، وانهم ضد إغلاق الحدود الأوربية في وجه اللاجئين. وطالبوا بالنهوض لمواجهة خطر صعود اليمين المتطرف. وكانت عبارات "الصراع الطبقي" و "الثورة" حاضرة بقوة وتأتي من زوايا مختلفة من المسيرة التي قطعت شوارع وسط العاصمة الألمانية برلين باتجاه أضرحة الشهداء. وبعد انتهاء المسيرة استمر تدفق الزائرين طوال اليوم وفي الأيام التالية على النصب التذكاري للشهداء.
وكان روزا لوكسبورغ وكارل ليبكنخت قد ساهما في 1918 / 1919 في تأسيس الحزب الشيوعي في المانيا، وقادا ثورة نوفمبر الشهيرة، وبعد فشل المحاولة الثورية، وقمعها الدموي، تم اعتقالهما من قبل المليشيات اليمينية، واعدامهما في 15 كانون الثاني 1919 تنفيذا لطلب رئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي اليميني غوستاف نوسكا.