مدارات

أوربا.. اليمين الشعبوي يتحدى الديمقراطية

رشيد غويلب
ضيفت مدينة كوبلنز الألمانية السبت الفائت اجتماعا نوعيا لأبرز أحزاب اليمين الشعبوي المتطرف في اوربا، شاركت فيه وفود قادمة من فرنسا هولندا والنمسا، إلى جانب البلد المضيف المانيا.
وكانت كتلة اليمين الشعبوي في البرلمان الأوربي المسماة "اوربا الأمم الحرة" هي التي دعت الى عقد الاجتماع. ومنذ سنوات تحاول هذه الأحزاب بناء تحالف قوي، ولكنها كانت تعاني في السنوات السابقة افتقار الساحة الألمانية الى حزب شعبوي قوي. ومع تصاعد دور حزب "البديل من اجل المانيا" اليميني، وجدت فيه هذه الأحزاب ضالتها.
منذ الصباح تجمع قرابة 700 من أنصار اليمين الشعبوي الألماني الى جانب 300 من الصحافيين امام قاعة المؤتمر، لسماع خطاب زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف ماري لوبين التي تسعى إلى كرسي الرئاسة الفرنسية في انتخابات الربيع المقبل. كذلك كلمة خيرت فيدرز المعادي للمسلمين في هولندا، في حين حظيت باهتمام اقل كلمة ماتيو سلفيني زعيم حزب "رابطة الشمال" الفاشي الايطالي، وهيرلد فيليمسكي من النمسا.
وجاء انعقاد الاجتماع بعد فوز الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني 2016 وتنصيبه رسميا الجمعة الفائت. وجاء فوز ترامب ليعطي زخما جديدا لأحزاب اليمين الشعبوي وهي تدخل عام 2017، عام الانتخابات العامة في كل من هولندا وفرنسا وألمانيا على التوالي. وشكل انتصار ترامب أيضا رافعة لصعود قيم التعصب والانغلاق، وتعزيز الخوف من الآخر. ولهذا دخلت أحزاب اليمين المتطرف قاعة الاجتماع بمعنويات عالية، معتبرة اجتماعها قمة أوربية مضادة تجسد طموحها. ويتوقع ان تؤدي نتائج الاجتماع إلى خلافات جديدة في حزب "البديل من اجل المانيا"، الذي يعد أكثر أحزاب اليمين الشعبوي حضورا، اذ تلقت زعيمة الحزب المشاركة فراوكا بيتري دعما من ضيوفها الأجانب كمرشحة رئيسة لحزبها في الانتخابات العامة في ألمانيا في خريف العام الحالي، وذلك بالضد من تطلعات منافسيها من قادة الحزب الآخرين. وقالت فراوكه بيتري إن ترامب أشار إلى مخرج من طريق مسدود، وهذا ما يعتزم الشعبويون فعله بالنسبة لأوروبا.
أما مارين لوبن زعيمة حزب الجبهة الوطنية، الحزب اليميني المتطرف في فرنسا والتي تصدرت المؤتمر، فبدت متفائلة أكثر من أي وقت مضى وقالت إن هذا الاجتماع سيرسم ملامح أوروبا الغد. واعتبرت أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصول ترامب إلى سدة الحكم بمثابة ضربة للأحزاب التقليدية التي تقود دول الاتحاد الأوروبي. واضافت ماري لوبان إن بعض النقاط التي ذكرها ترامب في خطابه تظهر قواسم مشتركة مع ما يقوله أنصارها. أما خيرت فيلدرز الزعيم اليميني الشعبوي الهولندي فوصف هذه المرحلة بالربيع الوطني. هذا وفي المقابل خرج مئات المتظاهرين تلبية لدعوة أحزاب اليسار والنقابات في كوبلنز غربي المانيا احتجاجا على هذا اللقاء، حيث عرض الناشطون صورا لقادة فاشيين، هاتفين عباراتٍ تندد بالفاشية والأهواء اليمينية المتطرفة، ومرددين اهداف الثورة الفرنسية "مساواة، حرية ، اخوة".