مدارات

وزيرة العمل اليونانية: معطيات صندوق النقد الدولي مضللة

رشيد غويلب
عبرت وزيرة العمل في اليونان افتشيا اختسوغولو عن أملها مجددا بخروج البلاد من الأزمة المالية - الاقتصادية التي تعصف بها منذ قرابة سنوات عشرة. جاء ذلك في حوار مطول أجرته معها أخيرا جريدة حزب اليسار الألماني "نويس دويجلاند" (ألمانيا الجديدة). وفي ما يلي عرض لاهم الموضوعات التي طرحتها الوزيرة والتي تكشف عن صراع حكومة اليسار في اليونان مع المراكز المالية الرأسمالية لإنهاء سياسات التقشف الجائرة وإخراج البلاد من أزمتها.
في البداية أكدت الوزيرة إن الاقتصاد اليوناني يتعافى، على الرغم من بقاء معدلات البطالة عالية جدا، ولكن يمكن البدء في وضع الأفكار بشأن ما بعد نهاية حزمة "الدعم" في منتصف العام القادم، وخروج اليونان نهائيا من الازمة. إن إعادة الحقوق الأساسية إلى العمال في سوق العمل ، التي جمدتها مذكرات التفاهم المفروضة على اليونان من المراكز المالية، ستساهم بالتأكيد في المعركة الدائمة ضد البطالة. ومنذ إعادة انتخاب حزب اليسار في عام 2015 انخفضت البطالة بمقدار 4 في المائة، وجميع التوقعات تشير إلى استمرار هذا الانخفاض، على الرغم من الظروف الصعبة والمعقدة التي تعيشها البلاد، والضغوط الهائلة التي تواجهها الحكومة. وفي مواجهتها البطالة توظف الحكومة صندوق الهيكلة، ولكن الأهم من ذلك هو إن اقتصاد البلاد بدأ بالنمو مجددا، ومنذ منتصف 2016 بدأ التراجع في دورة الركود.
وبخصوص "الاصلاحات" التي يفرضها الدائنون، اشارت الوزيرة إلى إن صندوق النقد الدولي يطالب اليونان بالمزيد من التقشف، وتخفيض المعاشات التقاعدية مجددا، وإلغاء المزيد من حقوق العمال. ينبغي على الصندوق إن يدرك ما فعل بالبلاد، وعدد برامج "الاصلاح" التي اجبرت الحكومة على تنفيذها، وعليه إن يعترف إن "إصلاحات" سوق العمل التي نفذت في سنوات 2010 – 2014 أدت إلى رفع القيود عن سوق العمل، وان البلاد بحاجة إلى إعادة نظام تحديد الأجور وحقوق العمال بمشاركة النقابات.
وأشارت الوزيرة إلى الضجة المفتعلة من قبل الدائنين حول منحة أعياد الميلاد التي صرفتها الحكومة لدعم المتقاعدين من الأموال الفائضة لموازنة 2016 ، بعد تحقيق الأهداف المرسومة، مشددة على إن الحكومة توظف كل الإمكانات المتاحة، للقيام بتدابير مهمة لدعم العدالة الاجتماعية. لقد أقرت الحكومة الدعم وقدمته، وبالمقابل تراجع الدائنون عن فكرة تخفيف محدود لعبء الديون. وستستمر المفاوضات مع الاعتقاد بالتوصل إلى اتفاق سريع. وعلى العموم يعتقد صندوق النقد إن اليونان سخية جدا إزاء المتقاعدين، لكن الأرقام التي قدمها كبير اقتصاديي الصندوق موريس أبسفيلد، ورئيس الصندوق في أوروبا باول تومسن هي ارقام مضللة.
وعندما يجري جمع الأرقام المدفوعة للتقاعد والمعونات الاجتماعية الأخرى تصل في اليونان كمعدل إلى 70 في المائة من المعدل المعمول به في الاتحاد الأوربي. ويصل معدل دخل الفرد السنوي من الفئة العمرية فوق 65 سنة في اليونان إلى 9 آلاف يورو، مقابل 18 ألف يورو في بلدان الاتحاد ، و20 ألف يورو لبلدان منطقة اليورو.
في البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوربي، وفي مؤسسات الاتحاد هناك مواقف مختلفة بشان التعامل مع اليونان. والحكومة ترى إن العودة إلى نظام مشاركة النقابات في تحديد الأجور وحقوق العاملين الأخرى معيار مهم، لأنه احد مكونات النظام الاجتماعي الأوربي، ولأنه يساعد على تنظيم سوق العمل واستقراره. فالأجور لا تزال منخفضة في اليونان بفعل "الإصلاحات" المفروضة منذ عام 2010 الحد الأدنى للأجور انخفض بنسبة 22 في المائة، وبالنسبة للشبيبة بنسبة 32 في المائة. وفي الوقت نفسه ارتفع معدل البطالة من 7 إلى 27 في المائة، وقد أدى ذلك إلى هجرة الشبيبة من ذوي المؤهلات العالية.
إن المفاوضات الجارية صعبة. ولكن يجب التفريق بين ردود فعل صندوق النقد الدولي، والمؤسسات الأوروبية. فالصندوق يعارض مطالبة اليونان بالعودة إلى قوانين العمل التي تعطي دورا للنقابات، لأنه يدعي إن ذلك سيضعف قدرات اليونان على المنافسة. في حين ترى مؤسسات الاتحاد إن لليونان الحق في العودة إلى قوانين العمل المعمول بها في بلدان الاتحاد. بالإضافة إلى إن عام 2017 هو عام الانتخابات في بلدان أوربية مؤثرة، لذلك هناك توقع وصول إلى اتفاق قريب بشان اليونان، فلا احد يريد الاحتفاظ بالمشاكل إلى ما بعد الانتخابات.
وشددت الوزيرة على إن الحكومة اليسارية وفّت بكل التزاماتها، وتتوقع إن تنفذ الإطراف الأخرى التزاماتها. ولكن من الضروري إن تعرف الحكومة كيف ستسير الأمور بعد إنهاء حزمة "المعونات" الثالثة.
من جانبها أعلنت الحكومة اليونانية عدم استعدادها للقيام بإجراءات تقشف أخرى، وهو أمر سيستمر، إلى ما بعد عام 2018، وعلى صندوق النقد الدولي أن يحسم أمره .