مدارات

النمسا: الشيوعيون يحققون نجاحا انتخابيا مهما

رشيد غويلب
شهدت مدينة غراتس ثاني اكبر المدن النمساوية ، أول من أمس الأحد انتخاباتها المحلية. وكما كان متوقعا احتل حزب الشعب اليميني المحافظ موقع الصدارة وحصل على 38,2 في المائة. وكان الصراع على المركز الثاني يدور بين الحزب الشيوعي النمساوي، وحزب الحرية اليميني الشعبوي. ووفق النتائج المعلنة، حتى ساعة إعداد هذا التقرير، احتل الشيوعيون المركز الثاني، و حصلوا على 20 في المائة من أصوات الناخبين، بزيادة قدرها 0,1 في المائة، وسيشغلون 10 مقاعد في المجلس الجديد.
وقد استطاع الحزب جذب أوساط من الناخبين كانت في العادة لا تشارك في التصويت. وجاء اليمين الشعبوي، بحصوله على 15,8 في المائة ثالثا. وتراجع الديمقراطيون الاجتماعيون إلى الموقع الخامس ، وحصلوا على 10,1 في المائة بخسارة قدرها 5,2 في المائة، واحتل الخضر المركز الرابع بحصولهم على 10,5 في المائة، وخسارة 1,7 في المائة. وغادر حزب القراصنة مجلس المدينة، فيما دخل المجلس حزب ليبرالي جديد حاصل على 4 في المائة. وكانت نسبة المشاركة في التصويت عالية إذ بلغت 57,1 في المائة.
انتخابات مبكرة
كان مقررا أن تجري الانتخابات في موعدها المحدد في الخريف المقبل، ولكن حل مجلس البلدية، بعد أن رفض الشيوعيون إقرار موازنة المدينة، أدى إلى تفكك التحالف الذي وافق عليه حزب الشعب المحافظ مجبرا قبل عامين، والذهاب إلى انتخابات مبكرة. لقد كان إصرار محافظ المدينة "ناغل" على بناء محطة كهرومائية على نهر المور قد عجل في رفض الشيوعيين الموازنة، لأسباب تتعلق بحماية البيئة، وشارك الشيوعيين الموقف حزب الخضر والمنظمات المدافعة عن البيئة، وكذلك رؤية الشيوعيين القائمة على ان المبالغ المخصصة للمشروع غير الضروري يمكن ان توظف في مجالات اجتماعية أكثر تأثيرا على الحياة اليومية لمواطني المدينة. والحل البديل الممكن ، والذي دعمه الشيوعيون هو إجراء استفتاء عام حول بناء المحطة من عدمه، وهو أمر رفضه محافظ المدينة. وتحول ملف بناء المحطة الكهرومائية إلى موضوع مركزي في الحملات الانتخابية، وقد أصر الشيوعيون على ضرورة الرجوع إلى رأي السكان في القضايا التي تمس حياتهم اليومية.
أسباب النجاح
ويتجاوز تأثير هذا النجاح حدود المدينة، وحتى البلاد بأجمعها. ويعكس قوة غير مسبوقة للحزب الشيوعي في المدينة يحافظ عليها ويعززها منذ عشرين عاما، فضلا عن انه يأتي في لحظة تاريخية تشهد صعود اليمين الشعبوي المتطرف في الكثير من البلدان الأوربية، بضمنها النمسا. ولذلك كان فرح الشيوعيين واحتفالهم به كبيرا. وبهذا الصدد تقول مرشحة الحزب الرئيسة، ورئيسة كتلته في مجلس المدينة ألكا كار: " انا سعيدة جدا. لقد حققنا هدفنا الذي رسمناه للحملة الانتخابية: ثاني قوة في المدينة وتعزيز قوتنا التصويتية، مقارنة بانتخابات 2012 ، والتقدم على حزب الحرية اليميني المتطرف، وهنا لابد من توجيه الشكر إلى ناخبينا وكل الذين ساهموا في تحقيق النتيجة".
وهنأ ميرو مسنر المتحدث الاتحادي باسم الحزب الشيوعي النمساوي (السكرتير) الشيوعيي غراتس على هذا النجاح السياسي الرائع: " لقد كافأ الناخبون كتلة الحزب، على ثباتهم في الدفاع عن حقوق المواطنين الاجتماعية، بطريقة رائعة، ومع الإقبال العالي على المشاركة في التصويت، حصل الحزب الشيوعي على أصوات جديدة، وسيبقى الحزب في السنوات اللاحقة عامل ثبات وتأثير في الحياة السياسية في المدينة، والمعارضة الاجتماعية. وباسم قيادة الحزب هنأ الكا كار وكل الذين ساهموا في تحقيق النتيجة".
وتعيد ألكا كار أسباب النجاح إلى: "اعتقد ان عملنا في السنوات الأخيرة قيم بشكل صحيح، وأننا كنا صادقين وأصحاب مواقف ثابتة، ولم نخدع احدا، ولم نطرح مواقف لا يمكن الوفاء بها. إن مجموع هذه الأشياء هو الذي دفع الناس إلى الثقة بنا طوال هذه السنوات". وأضافت " بالتأكيد لعب الموقف من بناء المحطة الكهرومائية دورا رئيسا، وهذا ما تلمسناه في تظاهرة السبت الاحتجاجية، لقد تلقينا الكثير من الشكر على موقفنا الثابت، على الرغم من انه لم يكن سهلا بالنسبة إلينا، وهو ما دفع الكثيرين إلى الثقة بنا".