مدارات

اليونان: الفاشيون الجدد يقتلون ناشطا يساريا / رشيد غويلب

في ليلة الاربعاء الفائت شهدت العاصمة اليونانية اثينا مقتل موسيقي الراب، والناشط اليساري بافلوس فيساس، البالغ من العمر 34 عاما، على ايدى احد الفاشيين الجدد. والضحية معروف في اليونان من خلال اغانيه المعادية للفاشية.
وتمت مهاجمته من قبل مجموعة من الفاشيين الجدد مكونة من 30 - 40 عنصرا، عندما كان موجودا مع 5 من اصدقائه في احدى مقاهي حي كيراتسيني العمالي في العاصمة اليونانية. وعندما حاول فيساس واصدقاؤه الافلات من القوة الفاشية المهاجمة، حاصروه، وجه له احد اعضاء حزب "الفجر الذهبي" الفاشي طعنتين في القلب، وارداه قتيلا. وقد قامت الشرطة باعتقال الجاني البالغ من العمر 45 عاما، والذي اعترف بارتكابه الجريمة. وسبق لمجموعة فاشية تنتمي لذات الحزب ان هاجمت قبل اسبوع من الحادث 8 من اعضاء الحزب الشيوعي اليوناني، وقد تزايدت هجمات الفاشيين، على نطاق واسع، منذ دخول حزب "الفجر الذهبي" البرلمان اليوناني على اثر الانتخابات العامة في عام 2012.
وعلى اثر الحادث طافت العديد من المدن اليونانية تظاهرات معادية للفاشية شارك فيها عشرات الآلاف من انصار الديمقراطية. وقد تزامنت هذه التظاهرات مع اضراب العاملين في القطاع العام التي ساهم فيها في العاصمة وحدها 150 الف ضد سياسة التقشف المفروضة على البلاد منذ اندلاع الازمة المالية - الاقتصادية، التي يعتبر اليونان اكثر البلدان تضررا منها.
واستمرت التظاهرات ليومين على التوالي، رفع فيها المتظاهرون شعار" اخرجوا الفاشست". وشهدت التظاهرات صدامات بين المحتجين وقوات الشرطة، وستشهد الايام القادمة تظاهرات مماثلة في عواصم اوربية أخرى. وشارك المئات من اليونانيين في التأبين، الذي نظم في نفس الحي، الذي شهد جريمة القتل .
وانتقد رئيس الوزراء اليوناني سمارس بشدة الفاشيين الجدد بعد الحادث، وقال في تصريح بث عبر شاشات التلفزيون الخميس الفائت: " لن نسمح للجيل الثاني من النازيين بتسميم الحياة الاجتماعية. والديمقراطية هي اقوى بكثير مما يتصور اعداؤها". واكد ان الخلافات السياسية لا يمكن حلها بالعنف، وبالتأكيد لا يمكن حلها مطلقا بإراقة الدماء.
وقد اثارت جريمة القتل جدلا سياسيا واسعا بشأن حدود الديمقراطية، ومدى التزام بعض الاحزاب بالدستور، احد نواب حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ الحاكم، اتهم حزب اليسار اليوناني المعارض بعدم احترام الدستور. في حين اتهم حزب اليسار، الذي يتزعم المعارضة البرلمانية، ويحتل الموقع الثاني في البرلمان، اتهم الحزب الحاكم بتصعيد التوتر في الحياة السياسية، جراء وضعه حزب اليسار، وحزب "الفجر الذهبي" الفاشي" في سلة واحدة.
وفي الوقت الذي ينكر فيه الفاشيون في البرلمان ان الجاني عضو في حزبهم، تكذب هذا الانكار الصور، ومقاطع الفيديو التي تظهر الجاني مشاركا في العديد من فعاليات حزبهم. وقال المتحدث باسم الحزب في البرلمان انهم ادانوا حادثة القتل فورا وبشدة. وعندما توجه حزب اليسار الى المطالبة بدقيقة صمت في البرلمان، اراد الفاشيون الجدد المشاركة فيها، مما حدا بحزب اليسار الى سحب طلبه. وتم الوقوف دقيقة صمت على روح الضحية بعد ظهر نفس اليوم، عندما غادر اعضاء الكتلة البرلمانية للحزب الفاشي قاعة البرلمان. وحذر النرويجي ثوربيورن ياغلاند السكرتير العام للمجلس ألاوروبي، بعد الحادث العنيف من "تطور خطير للغاية" في اوربا. هناك "خطر حقيقي" في اليونان وأجزاء اخرى من اوربا ان يؤدي خطاب الكراهية والعنف الى القتل باعصاب باردة. ان البلدان الاوربية مطالبة بعدم السماح " للمجموعات المتطرفة بتدمير المجتمع الديمقراطي".
وتجمع قوى اليسار الجذري في اوربا على ان سياسة التقشف وافقار السكان التي تعتمدها اللجنة الثلاثية (صندوق النقد الدولي، الاتحاد الاوربي والبنك المركزي الاوربي)، انتجت البربرية واليأس. وهذه هي الارضية التي تنتعش عليها الفاشية. لهذا يجب تطوير مقاومة مشتركة لسياسة التقشف. ولهذا ايضا يكتسب التضامن مع قوى اليسار اليوناني، في ضل هذه الظروف الصعبة، اهمية خاصة، اكثر من أي وقت مضى.