مدارات

فرنسا .. اليمين التقليدي والمتطرف في مستنقع الفضائح

رشيد غويلب
تلقي الفضائح بظلالها على انتخابات الرئاسة الفرنسية، وأخذت وسائل إعلام فرنسية تتحدث عن انتشار رائحتها الكريهة، ففي السابع من شباط الحالي فتح التحقيق الجنائي مع الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي بتهم تتعلق بتمويل غير شرعي لحملته الانتخابية في عام 2012. ويشير ملف الاتهام إلى إن ساركوزي تجاوز السقف القانوني لتمويل حملته الانتخابية، والتي لم تنجح في ابقائه في قصر الاليزيه.
وفي الثامن من شباط تناقلت وسائل الأعلام تورط مرشح اليمين المحافظ فيون في فضيحة توظيف وهمي لزوجته واثنين من أولاده. وتجري حاليا التحقيقات الأولية في القضية، فيما لم يصدر بعد قررا بشأن المزيد من التحقيقات الرسمية والمتوقع أن يخضع خلالها فيون إلى المساءلة. وكان فيون قد صرح خلال الشهر الفائت: "الشيء الوحيد الذي قد يمنعني من الترشح هو وجود شيء يمس بشرفي أو خضوعي الى تحقيق". ولكنه عاد ليؤكد استمراره في خوض السباق الانتخابي: "أنا المرشح وسأستمر مرشحا حتى الانتصار". وذكرت تقارير فرنسية أن بينيلوب زوجة فيون حصلت على ما يزيد على 831 ألف يورو، مقابل عملها كمساعدة برلمانية لزوجها في الفترة 1998- 2012، وخضعت إلى مساءلة حول قدر العمل الذي أنجزته، فضلا عن تلقيها مكافأة قدرها 45 الف يورو بعد إنهاء خدماتها. و ظهرت اتهامات جديدة باستعانة فيون باثنين من أبنائه للعمل كمحامين، ودفع لهم 84 ألف يورو، في الفترة 2005 - 2007، وكانا خلالها ما زالا طالبين. ونتيجة لهذه الاتهامات استقبل مواطنون المرشح المحافظ الساعي إلى كسب أصواتهم في بلدة تراو الصغيرة بالهتاف "محتال"، ولافتات كتب عليها "أعيدوا لنا اموالنا".
وحسب استطلاع أجرته في كانون الأول جريدة لوموند ، فان ثلث الفرنسيين يرون إن الديمقراطية بشكلها الحالي "لا تمثل بالضرورة الشكل الأمثل للحكم". ومن المرجح إن نسبة الساخطين ليس على السياسة فحسب، وإنما على الديمقراطية لم تتراجع هذه الأيام.
فيون ليس وحيدا
لا ينفرد رموز اليمين المحافظ في الغوص في مستنقع الفضائح، بل تشاركهم فيه زعيمة " الجبهة القومية" ومرشحها، والعضو في البرلمان الأوربي اليمينية المتطرفة مارين لوبان. والتهمة الموجهة أليها هي توظيفها اثنين من المساعدين، يقوم البرلمان الأوربي بدفع رواتبهما، ويعملان في الحقيقة في خدمة حزب لوبان.
والمثير للسخرية إن كل من فيون ولوبان قد وعدوا في تصريحات سابقة، بنيتهم مواجهة النظام السياسي السائد والنخبة المتنفذة. وتحدث فيون بعد فوزه بالانتخابات التمهيدية عن "النخب المتغطرسة، والطبقة القيادية غير الفاعلة"، وانه سيعمل على "الغاء امتيازاتهم". وهي الكلمات التي أطلقتها لوبان ذاتها.
وردود أفعال المعنيين بالاتهامات لا تعكس نية لاعتذار حقيقي أو حتى تراجعا، فساركوزي سارع إلى الاستئناف ضد فتح التحقيق معه. وفيون اعتذر علنا ولكن ليس عن التهم الأساسية الموجهة أليه، فقد عبر عن أسفه لتوظيف أفراد من أسرته. ولم يتناول تهمة العمل الوهمي، وأصر إن زوجته تلقت راتبا عادلا لقاء الخدمات التي قدمتها. ولوبان رفضت إعادة الرواتب غير الشرعية التي تلقاها مساعدوها. وبالمناسبة سيخفض البرلمان الأوربي المخصصات الغذائية واليومية للنواب بمقدار النصف.
إن المستفيدين من استمرار الفضائح هم مرشحي الوسط واليسار: من جانب المرشح الأوفر حظا المستقل ووزير الاقتصاد السابق ماركون، ومن الجانب الآخر المرشح الاشتراكي بينوا هامون، الذي ارتفعت نسبة المصوتين له، حسب استطلاعات الرأي المتوفرة إلى أكثر من 15 في المائة. ولا تزال مرشحة اليمين المتطرف ماري لوبان تتقدم المتنافسين، وستكون الجولة الثانية من الانتخابات هي الحاسمة حيث ستؤدي جبهة واسعة من اليمين التقليدي والوسط واليسار إلى منع وصول مرشحة اليمين المتطرف إلى القصر الرئاسي.