مدارات

احتجاجات حاشدة رافقت "مؤتمر الأمن" في ميونخ الألمانية

رشيد غويلب
احتضن فندق "بايرشهوف" وسط مدينة ميونخ الالمانية في الفترة من 17 – 19 شباط الحالي "مؤتمر الأمن" السنوي الذي يحمل اسم المدينة المضيفة، وتقليدا يعرف المؤتمر باعتباره ملتقى الاقوياء والحاكمين في العالم. والمؤتمر هو ساحة لمناقشة الاستراتيجيات العسكرية والسياسية للبلدان الغربية المهيمنة، وانعقد هذا العام تحت ضغط التوجهات الجديدة لاعادة تنظيم نظام الأمن العالمي.
وشهد المؤتمر اكبر حضور للولايات المتحدة في القارة الأوربية منذ تولي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب مهام منصبه. وضم الوفد كل من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، وكل من وزير الدفاع ، ووزير الأمن الداخلي، ويقود الوفد عضوا مجلس الشيوخ جون ماكين وشيلدون وايتهاوس.
مشاركة واسعة
وضمت قائمة المشاركين في المؤتمر، الذي تقدم الحكومة الألمانية مبالغ طائلة لتمويله، ويضيفه ويرعاه الجيش الألماني،25 رئيس دولة، و80 وزير خارجية ودفاع، و 500 مما يسمى بصناع القرار، بضمنهم سكرتير عام الأمم المتحدة الجديد انطونيو غوتريس، وقادة حلف الناتو والاتحاد الأوربي، والعديد من رؤساء الحكومات ووزراء خارجية الدول المتنفذة والتابعة، والمدراء التنفذيين لشركات صناعة الاسلحة والمعدات العسكرية في العالم. ويشارك في دورات المؤتمر زعماء البلدان التي تشهد حروبا واضطرابات، وتعد ساحات للصراعات الاقليمية والدولية، ولذلك حضر دورة هذا العام رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني. وشارك في دورة هذا العام الرجل الأكثر ثراء في العالم بيل غيتس.
اهم القضايا المثارة
وتصدر اهتمام المؤتمرمستقبل العلاقات بين البلدان على ضفتي الأطلسي، ومستقبل حلف الناتو بعد انتخاب دونالد ترامب، والعلاقات بين الغرب وروسيا الاتحادية. وكذلك التحديات المرتبطة بالحرب على الارهاب، والحرب المعلوماتية.
ركزت مساهمات الوفد الأمريكي على طمأنة الأوربيين، والاعتراف بالشراكة، وشكر اوربا لمساهمتها في حروب افغانستان والعراق، والحروب الدائرة في العديد من البلدان الأخرى. ولكن هذه المساهمات لم تعط المساهمات وضوحا تاما بشأن السياسة المستقبلية للرئيس الأمريكي. ، وشددت إن الدعم الأمريكي لبلدان الناتو يعتمد على تنفيذ هذه البلدان التزاماتها المالية تجاه الحلف، في اشارة إلى تخلف بعض البلدان عن تسديد كامل هذه الإلتزامات. وطالب نائب الرئيس الأمريكي حلفاءه الأوربيين على رفع المساهمة إلى 2 في المائة من الناتج الأجمالي المحلي.
قراءة قوى اليسار الأوربي
ونوهت قوى اليسار الأوربي إلى الشكوك بشان مسار الحكومة الأمريكية، ولكنها حذرت من التوظيف الخاطئ لتصريحات ترامب حول حلف الناتو، لاقدام البلدان الأوربية المتنفذة فيه على تصعيد سباق التسلح، وتوتير العلاقة مع روسيا، تحت لافتة الشعار الخطير"المواجهة بالمثل". وان قوة اوربا يجب إن تكمن في النضال المشترك من اجل نظام سلام عالمي، وليس في الثالوث العسكري واشنطن – بروكسل – موسكو. وبعد 15 عاما من الحرب على الإرهاب يشهد العالم المزيد من القتلى، والمزيد من المعاناة والمزيد من الإرهابيين. و ضخ المزيد من اموال الضرائب لتمويل صناعة وشراء المزيد من الدبابات والمدافع، وإثارة دوامة العنف لا تؤمن السلام في العالم.
احتجاجات حاشدة
وعلى غرار الدورات السابقة جوبهت جلسات المؤتمر باحتجاجات حاشدة دعا اليها تحالف يضم 80 منظمة، بضمنها الألمانية وبدعم من المنظمات الاجتماعية وقوى اليسار السياسية. وشارك في احتجاجات هذا العام، التي كان تجمعها الختامي في ساحة "مارين" وسط المدينة، قرابة 5 آلاف متظاهر، وتعد هذه الاحتجاجات من اكبر تظاهرات السلام في المانيا. وشدد قادة حركة الاحتجاجات على إن هذا المؤتمر لا يهتم لا بالأمن ولا بالحلول السلمية، وانما ينصب جهد المشاركين على مضاعفة الأرباح، ومصالح المهيمنين. ولهذا هناك ضرورة لكشف خطط المجتمعين الحقيقية، وطرح البدائل السلمية لها، وعدم السماح بتشتيت جهد الساعين لها. وساهم في الاحتجاجات جمهرة واسعة من اللاجئين المهددين بالترحيل إلى بلدان هي ساحات حرب حقيقية، وخصوصا عمليات اعادة اللاجئين الجارية قسرا إلى بلد مثل افغانستان، الذي تعده الحكومة الالمانية من البلدان الآمنة.
وشارك 4 آلاف رجل امن في حماية مكان المؤتمر، وفي عرقلة المشاركة وتعطيل مسار الاحتجاجات، وقد اختلقت قوات الأمن اسباب مختلفة لعرقلة وصول الحافلات القادمة من مختلف المدن الالمانية إلى مركز مدينة ميونخ.