مدارات

تظاهرات روما: لا لأوربا الليبرالية الجديدة

عادل محمد
افتتح الاتحاد الأوروبي قمته في الذكرى الـ60 للتوقيع على وثيقته التأسيسية (معاهدة روما) في عام 1957 وسط إجراءات أمنية مشددة وهواجس حول مستقبل المشروع الأوروبي الذي تخيم عليه مجموعة من الأزمات.
وقرر القادة الأوروبيون الاحتفال بذكرى مرور 60 سنة على تأسيس اتحادهم في العاصمة الإيطالية وفي نفس القصر الذي شهد ولادته، في قمة يخيّم عليها ملف خروج بريطانيا من هذا الاتحاد، وتنامي المنظمات اليمينية العنصرية المتطرفة في القارة العجوز، بالإضافة إلى ملفات مواجهة التهديدات الإرهابية وموجات الهجرة واللجوء والأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وتقول جريدة منفستو الايطالية اليسارية إن العاصمة الايطالية بدت مدينة "معسكرة" بالكامل، وخصوصا بعد هجوم الخميس الإرهابي في لندن. ونشرت الجريدة صباح امس الاول تقريرا "مخيفا" عن المدينة العريقة. لقد تمت إقامة منطقتين أمنيتين في المدينة، واستقدم 5 آلاف من الشرطة والقوى الأمنية الأخرى، ونصبت 100 كاميرا مراقبة حديثة. وقد منعت حركة المرور على الطرق وبعض محطات مترو الأنفاق في وسط روما.
وتحت شعار "أوربا للجميع" انطلقت في روما صباح السبت التظاهرة الاحتجاجية الأولى. وقد نظمت التظاهرة من قبل تحالف "اوربتنا"، الذي يضم النقابات وقوى يسار سياسية، ومنظمات المهاجرين، والحركات الاجتماعية. وشاركت في التظاهرة "حركه ديمقراطية في اوروبا 2025" التي أسسها قبل عام وزير المالية اليوناني الأسبق يانس فوروفاكس ، الذي شارك شخصيا في التظاهرة. وجاء في النداء الذي أصدره منظمو التظاهرة: "نتظاهر من اجل أوربا متعددة الإثنيات، تضامنية، وأوربا المهاجرين". و"أوربا ميدان نشاطنا". وبهذا ينتقد النداء ليس فقط سياسة التقشف القاسية، بل أي بديل قومي لأوربا. وفي فعل احتجاجي رمزي لسياسة الاتحاد الأوربي تجاه اللاجئين والمهاجرين، طوق المحتجون احد الجسور في إطراف العاصمة الأوربية بالأسلاك الشائكة. ونشروا على موقعهم الإخباري في الانترنيت: "لقد قمنا بتمثيل ما يحدث يوميا على الحدود الأوربية".
وانطلقت بعد ظهر اليوم نفسه تظاهرة منتدى "اوقفوا اليورو" ، ويعمل في المنتدى الحزب الشيوعي الايطالي- اعادة التأسيس ومجموعة من الحركات اليسارية، وطالبت التظاهرة بـ"الخروج من الاتحاد الأوربي وحلف الناتو، وبطرح بديل جذري". وقد انطلقت التظاهرة متأخرة عن موعدها ساعتين بسبب إجراءات التفتيش المكثفة التي مارستها الشرطة. ووفق تقارير صحفية، منعت الشرطة وصول ثلاث حافلات كبيرة إلى موقع التظاهرة، تحمل أكثر من 120 متظاهرا. وكانت الشرطة قد داهمت في ليلة السبت بيوت ومراكز فيها مجموعات يسارية، وادعت مصادرتها "لأدوات خطرة". ونشبت صدامات بين المحتجين والشرطة، عندما حاولت الأخيرة محاصرة وعزل قسم من المتظاهرين.
لقد بينت التظاهرتان كلتاهما وجهتي نظر مختلفتين، في الحركة اليسارية، بشأن الملف الأوربي. من جانب الدعوة إلى إصلاح الاتحاد الأوربي، أو إعادة بنائه على أسس ديمقراطية، في الجانب الآخر الدعوة إلى حل الاتحاد الأوربي.
من جانبه حذر البابا فرنسيس عند استقباله القادة الأوروبيين في الفاتيكان مساء الجمعة من أن الاتحاد "مهدد بالموت" إذا لم يعد إلى مبادئ الآباء المؤسسين "كالتضامن". وتابع البابا "أوروبا يعود إليها الأمل عبر التضامن الذي يشكل أقوى ترياق ضد الشعبويات المعاصرة"، وذلك في معرض حديثه عن المهاجرين والشباب.