مدارات

الانتخابات البلدية الفنلندية: خسارة مدوية لليمين المتطرف لصالح قوى اليسار

يوسف أبو الفوز
أعلنت في العاصمة الفنلندية، هلسنكي، مساء الأحد الفائت، نتائج الانتخابات البلدية الفنلندية، التي بلغت نسبة المشاركين فيها 58,8 في المائة، بزيادة ملحوظة عن الانتخابات البلدية السابقة.
وفي هذه الانتخابات مُنيّ اليمين المتطرف الفنلندي بخسائر بارزة ، لصالح عموم قوى اليسار، التي تقدمت في مواقعها، خصوصا حزب الخضر الذي اعتبر اكبر الفائزين في هذه الانتخابات. وجاء ذلك نتيجة لتجاهل الحكومة يمينية مطالب ذوي الدخل المحدود والغائها للمكتسبات الاجتماعية المتحققة طيلة عقود طويلة.
وبينت النتائج ان اليمين المتطرف الشعبوي (حزب الفنلنديين الحقيقيين) فقد تقريبا نصف ناخبيه قياسا بالانتخابات البلدية السابقة عام 2012 ، اذ حقق الان فقط 8,8 في المائة بخسارة قدرها 3,5 في المائة . ويذكر إن اليمين الشعبوي قد حقق أفضل نتائجه في 2011، عندما حصل على 17 في المائة. وتأتي هذه الخسارة نتيجة ايضا لسياسة الحكومة الفنلندية التي يشارك اليمين المتطرف فيها.
وبالنسبة لحزب الائتلاف الوطني الفنلندي اليميني التقليدي، حزب رئيس الجمهورية الفنلندية الحالي، وهو طرف شريك في الحكومة الحالية، فرغم تراجعه بـ1,2 في المائة قياسا للانتخابات البلدية 2012 الا انه استطاع ان يحافظ على موقع الصدارة في عموم البلاد. وأما حزب الوسط ، حزب رئيس الوزراء الحالي، فقد تراجع بنسبة بـ 1,1 في المائة ليحتل المركز الثالث بحصوله على 17,5 في المائة.
أن حزب الخضر الفنلندي ، كان الرابح الاكبر في هذه الانتخابات ، ومعروف عنه سياسته ومواقفه اليسارية الجريئة، والذي ينال دعما من قطاعات الشبيبة والطلبة، وتميز هذه العام بحملة انتخابية نشطة اعترف بها خصومه تمخضت عن حصول الحزب على 12,4 في المائة، بزيادة قدرها3,9في المائة قياسا بالانتخابات السابقة مما اهلته لتخطي حزب اليمين المتطرف، واعلن رئيس الحزب بأن هذه النتائج تشير الى ان الناخب الفنلندي يميل الى سياسات اصلاحية اكثر انسانية ضد سياسة التقشف التي اعتمدتها الحكومة الحالية واضرت بقطاعات محدودي الدخل ومنهم الطلبة والمتقاعدون.
من جانبه حصل حزب اتحاد اليسار على 8,8 في المائة بزيادة 0,8 في المائة . وصرحت رئيسة الحزب بأن وجود حزبها ونشاطه في المعارضة جاء بنتائج طيبة واثبت صحت سياساته في انتقاداته الجريئة لسياسة الحكومة ومعارضته لسياسة التقشف وخفض الانفاقات والسياسات الضريبية التي اضرت بالمساواة بين الناس ، وبينت ان سياسة حزبها واضحة في دعوته الى اصلاحات في الرعاية الاجتماعية والصحية. وحصل الحزب الديمقراطي الاجتماعي فاحتل الموقع الثاني بحصوله على 19,4 في المائة، وبخسارة قدرها 0,2 في المائة.
وان هناك احزابا يسارية اخرى تعتبر صغيرة، ولأول مرة حققت نتائج طيبة ، اضافة الى فوز شخصيات ثقافية وسياسية معروفة بمواقع مهمة ، مثل فوز الرفيق أوريو هاكنين الرئيس السابق للحزب الشيوعي الفنلندي كعضو عن العاصمة هلسنكي ، التي يملك فيها المجلس البلدي عادة صلاحيات كبيرة وواسعة ، والتي حصدت فيها قوى اليسار الغلبة في المقاعد.
ان نتائج الانتخابات البلدية الحالية تدفع للقول بأن الخارطة السياسية الفنلندية، في العامين الاخيرين شهدت تحركا بشكل ملموس لصالح قوى اليسار، ويمنح الامل بانها ــ قوى اليسار ـ اذا استمرت في الحفاظ على هذا النجاح وتطويره وتفعيل تحالف اخضر ـ احمر ، فأنها ستكسب المعركة البرلمانية القادمة بدون شك.