مدارات

اليسار الإيطالي يبحث عن وحدته

عادل محمد
في الفترة 31 /آذار – 2/ نيسان الجاري عقد "الحزب الشيوعي الايطالي إعادة التأسيس" مؤتمره الوطني العاشر في مدينة سبوليتو وسط ايطاليا. وتركزت مناقشات المؤتمر في البحث عن وحدة جديدة لليسار الايطالي. وفي ختام المؤتمر، انتخبت اللجنة السياسية الوطنية موريزيو أسيربو سكرتيرا وطنيا جديدا للحزب.
وتوجد في ايطاليا على الأقل أربعة أحزاب على يسار الحزب الديمقراطي (وسط) الحاكم : "اليسار المعادي لليبرالية" المضاد لنهج الحكومة الليبرالي الجديد، الحزب الشيوعي إعادة التأسيس، الحزب الشيوعي الايطالي، الذي، كان يسمى "حزب الشيوعيين الايطاليين"، وعاد إلى التسمية التاريخية للحزب الشيوعي الأم، الذي انحل في عام 1990 ، "اليسار الإيطالي" حديث التأسيس من "اليسار الإيكلوجي الإيطالي" ومجموعة من نواب الحزب الحاكم السابقين، وكذلك "الممكن" وهو انشقاق آخر من الحزب الحاكم، وأخيرا "1 الحركة الديمقراطية التقدمية"، وهو آخر انشقاق شهده الحزب الحاكم في شباط الفائت، والرقم (1) يشير إلى مادة الدستور الايطالي الأولى.
في الرابع من نيسان نشرت جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي "لومانتيه" حوارا مطولا مع موريزيو أسيربو السكرتير الجديد للحزب الشيوعي إعادة التأسيس، تناول فيه ابرز ما تمخض عنه المؤتمر وعموم أوضاع اليسار في ايطاليا. وفي ما يلي نقدم ابرز الموضوعات التي تضمنها الحوار.
منذ عام 2008 يخلو البرلمان الوطني في ايطاليا من ممثلين لقوى اليسار الجذري. ولهذا تدور بين هذه القوى حوارات في سبيل التوصل إلى تحالف انتخابي. والحزب الشيوعي الايطالي إعادة التأسيس ، الذي يضم في صفوفه 17 ألف عضو، ويعمل في إطار حزب اليسار الأوربي، أراد أن يخطو خطوة أخرى إلى أمام. واقترح على قوى اليسار الأخرى ليس فقط تشكيل تحالف انتخابي، بل بناء "إطار موحد" لجميع قوى اليسار المناضلة ضد الليبرالية، على أن يكون مفتوحا، بالإضافة إلى قوى اليسار المعروفة، أمام الكثير من الفاعلين في النقابات العمالية، ومنظمات الدفاع عن البيئية، و حركة السلام، وجميع الذين لا يرغبون في العمل في إطار التشكيلات القائمة. وينبغي ان يشكل الإطار الجديد منتدى للحوار السياسي، ولا يقتصر على إعداد القوائم الانتخابية، بل يتعدى ذلك إلى تنظيم الحملات وجميع اشكال النشاط المشترك خارج البرلمان. ولا يشترط العمل في الإطار الجديد على القوى المنظمة المشاركة الذوبان فيه، بل يعمل إلى حد كبير على شاكلة اليسار الأسباني المتحد، او حزب اليسار الأوربي. وتتخذ القرارات فيه ليس على أساس اتفاق قيادات الأحزاب المشاركة ، بل على أساس الأغلبية الديمقراطية لجميع الأعضاء العاملين فيه.
ويرى القائد الشيوعي أن الحزب الديمقراطي الحاكم حزبا لليمين الاقتصادي، وليس حزبا "لليسار المعتدل"، ولهذا فان جميع قوى اليسار الجذري، باستثناء"1 الحركة الديمقراطية التقدمية" التي تسعى مجددا إلى التحالف مع الحزب الحاكم، مشمولة بالدعوة، ويجب ان لا يقف تباين وجهات النظر بشأن (اليورو) مع الحزب الشيوعي الايطالي حائلا دون تحقيق وحدة اليسار، لان الموقف من أوربا يشكل مادة للنقاش داخل جميع أوساط اليسار الأوربي.
وأشار موريزيو أسيربو إلى ان دور الحزب الشيوعي يجب ان لا ينحصر في المشاركة في الانتخابات، بل يجب ان يكون له فعل سياسي ويقوم بتنظيم النضالات الاجتماعية، ويكون له دور في النقابات، وان يشارك بقوة في المعركة الثقافية، ويكون حزبا اجتماعيا. والدور الجديد للحزب الشيوعي لن يكون اقل من ذلك، بل العمل أكثر من اجل الخروج من العزلة، ومنح أفكاره ومقترحاته فضاء أوسع.
إن هناك استعدادا للاتفاق، ولكن يبدو انه لا تتوفر الجرأة بما فيه الكفاية للسير خطوة ابعد من التحالف الانتخابي، في حين يرى الحزب ان على اليسار الذهاب إلى ابعد من ذلك، لان الانشقاقات سببت خيبة أمل كبيرة للكثيرين. واليسار بحاجة إلى رسالة تتعدى عبور العتبة الانتخابية ودخول البرلمان إلى مشروع سياسي كبير.