مدارات

ندوة حوارية في بغداد حول الاصلاح الثقافي


فراس عبد المجيد
بمبادرة من لجنة العمل الثقافي في الحزب الشيوعي العراقي اقيمت عصر الخميس الماضي في بغداد ندوة حوارية حول الاصلاح الثقافي، حضرها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، ورئيسة لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب النائبة ميسون الدملوجي، ووكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي، ورئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق ناجح المعموري، ونقيب الفنانين صباح المندلاوي، والناقد فاضل ثامر، والشاعر ياسين طه حافظ، والخبير الاقتصادي د. ماجد الصوري والعشرات غيرهم من مبدعي الادب والفن والاكاديميين وشغيلة الفكر والثقافة.
وناقش الحاضرون الذين زاد عددهم على مائة مثقف "ورقة حول الاصلاح الثقافي" طرحتها اللجنة، ووضعتها مسبقا تحت تصرف المدعوين الى الندوة التي عقدت في قاعة جمعية الثقافة للجميع في الكرادة - داخل.
ادار الندوة الباحث والاعلامي رضا الظاهر الذي دعا الحاضرين الى مناقشة الورقة المطروحة واغنائها، والاسهام من خلال النقاش والحوار والتحليل في اقامة مشروع ثقافي وطني، انساني النزعة وديمقراطي المحتوى، يهدف الى ارساء اسس انسنة الحياة، عبر احترام التعددية الثقافية والفكرية.
واعلن الظاهر عن بدء الندوة الحوارية بدعوة وزير الثقافة الاسبق مفيد الجزائري الى القاء كلمة في مفتتحها.
تحريك المياه الراكدة

في بداية حديثه حذر الجزائري من ان البلد اليوم في مهب الريح، واننا بعد اربعة عشر عاما على التغيير نجد انفسنا لا نزال في نقطة البداية، بل لعلنا تراجعنا عنها" على حد تعبيره. وتساءل عما اذا كان قد تحقق اي تطور بأي درجة في اي ميدان من ميادين الحياة والعمل والانتاج في البلاد خلال تلك السنوات، مشيرا في هذا الشأن الى التعليم والصحة والسكن والنقل والزراعة والصناعة والاقتصاد عموما والخدمات والبيئة و .. و.. وصولا الى الثقافة. ليخلص الى ان ما تحقق في كل هذه الميادين ليس سوى " فشل في فشل ، وشلل في شلل".
والى جانب هذه الصورة القاتمة التي نقلها الجزائري من الواقع الذي نعيشه، اشار الى ان هناك رغم ذلك ما ينبض بالحياة، وما يبعث على الفرح، موجها الانتباه الى انتصارات قواتنا المسلحة والقوى الساندة لها في عملية تحرير الموصل. الا انه اعرب عن الخشية من ان يبقى هذا الباعثُ على الامل وحيداً ومحاصراً.
وتحدث عن حصاد السنين الماضية المتمثل في الفشل والعجز والشلل، وقال انه حصيلة طبيعية ما دام كل شيء في جميع المجالات كان وما زال يسير بلا نهج وبلا سياسة او استراتيجية واضحة ينطلق منها. ولم يستثن المثقفين انفسهم ومنظماتهم الثقافية من التقصير في هذا المجال.
ووصف مفيد الجزائري طرح الـ "ورقة حول الاصلاح الثقافي" بانه نوع من "إلقاء حجر في بحيرة راكدة" واكد ان هناك حاجة حقيقية الى " ان نلقي احجاراً وليس حجرا واحدا في بحيراتنا الراكدة، لتضطرم بالحركة وتتصدر الاندفاعة الجديدة للحياة". ودعا المثقفين الذين يتوفرون على مستوى من الوعي يفوق ما لدى غيرهم من فئات المجتمع الى الاسهام الفاعل في تحديد وتحفيز وجهة الاصلاح والتغيير المطلوبين، فذلك من مسؤولياتهم، وكبير هو الدور الذي يفترض ان يلعبوه فيه هم واتحاداتهم.
مداخلات
بعد الكلمة الرئيسة للندوة قدم عدد من المشاركين مداخلات حول الموضوع انصب معظمها على محاور محددة من بينها الدعوة الى تشكيل مجلس اعلى للثقافة، واستكمال مؤتمر المثقفين الذي عقدت دورته الاولى سنة 2005، ولم تعقبه دورة اخرى حتى الوقت الحاضر.
وكان من ابرز المتداخلين الاكاديمي د. عامر حسن فياض، والشاعر ياسين طه ، ورئيس اتحاد الادباء ناجح المعموري، والناقد فاضل ثامر، وعميد كلية الاعلام هاشم حسن، والفنان المسرحي والاكاديمي ميمون الخالدي. ومن العنصر النسوي شارك كل من د. سناء مرسول، ود. فاتن الجراح وسها الطريحي وسلامة الصالحي. فضلا عن مداخلات طه شبيب وحسين الجاف وعبد الستار البيضاني واحمد جبار غرب وسعد مطر وحسين رشيد.
الدعوة الى التغيير
واختتم المداخلات سكرتير اللجنة المركزية رائد فهمي الذي ذكر ان المساهمات المقدمة حققت احد اهم اهداف الندوة، وان كل ما قيل يشير الى عدم امكان تحقيق الاصلاح من دون التغيير، داعيا المثقفين الى ان يكونوا عنصر ضغط من اجل ارغام المسؤولين عن الثقافة على الرضوخ الى إرادة التغيير. مبينا ان الثقافة ليست مجرد ميدان من الميادين، بل هي عنصر بنيوي موجود في كل الميادين، وان هدف ورقة الاصلاح المطروحة هو تحفيز المثقفين على التصدي لما هو سائد ومهيمن.
هذا والى جانب المداخلات قدمت ملخصات لمساهمات ارسلها بعض المهتمين بموضوع الندوة، الذين لم يتسنَّ لهم الحضور وهم كل من د. فارس عمر نظمي، ود. لاهاي عبد الحسين، ود. عبد جاسم الساعدي، ود. قاسم حسين صالح. كما قرأت بالنيابة ورقة النائبة ميسون الدملوجي التي اضطرت الى مغادرة القاعة مبكرا.
واختتمت الندوة بكلمة للوزير الاسبق مفيد الجزائري، دعا فيها بين امور اخرى الى تشكيل المجلس الاعلى للثقافة على ايدي هيئات واتحادات المثقفين المستقلة ذاتها، كما شدد على اهمية ان يعود المثقف فاعلا في المشهد السياسي – الاجتماعي - الثقافي بعد غيابه الملحوظ عنه، وان ينهض بدوره الكبير في حياة المجتمع، وفي رسم مستقبل البلاد.