مدارات

141 خبيرا اقتصاديا ايرانيا يبدون قلقهم من "الوعود الخيالية" لبعض مرشحي انتخابات الرئاسة الايرانية

ترجمة: عادل حبه
اصدر 141 خبيرا اقتصاديا ايرانيا واساتذة في علم الاقتصاد في العديد من الجامعات الايرانية بياناً شرحوا فيه الظروف الاقتصادية في البلاد، ووجهوا انتقادهم لبعض الطروحات غير القابلة للتنفيذ والوعود الفلكية لبعض مرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية.
ونشرت وكالة الانباء الاقتصادية الايرانية "ايلنا"، نص البيان، الذي نقدم في ادناه اهم ما جاء فيه.
تحذير من استمرار التدهور
"تجري الدورة الثانية عشر لانتخابات رئاسة الجمهورية في ظروف معقدة يمر بها الاقتصاد الايراني، إضافة إلى ما تواجهه البلاد من مشاكل خاصة في الميدانين الداخلي والخارجي. وإن الأداء الضعيف لاقتصاد البلاد في القطاعات المهمة منذ العقد الأول واوائل العقد الثاني من القرن الحالي أثار مسائل متعددة وصورة خادعة لاقتصاد البلاد. ففي هذه الفترة طال الأداء الضعيف مؤشرات اقتصادية مهمة ومن ضمنها معدل النمو الاقتصادي ودخل الفرد والاستقرار المالي وفرص العمل والانتاجية، ما أدى إلى حصول هوة كبيرة في الاقتصاد مقارنة باقتصاديات الكثير من الدول المشابهة لإيران".
وقال الخبراء انه جرت في السنوات الأخيرة مساع تستحق التثمين من أجل تحسين الأداء الاقتصادي ومكانة البلاد في المجتمع الدولي. وبالنظر إلى الظروف الدولية الجديدة، إلى جانب المشاكل الجدية التي تواجه الاقتصاد والأمل في التعامل البناء مع الاقتصاد العالمي، فإننا مجموعة من اساتذة الاقتصاد في الجامعات الايرانية البعيدين عن الالتزام بالأطراف المتنافسة وغير الملتزمين بالدوافع السياسية، نرى من الضروري أن نعرض على الشعب الايراني الفطن النقاط التالية وباختصار حول الوعود الاقتصادية للمرشحين المحترمين لرئاسة الجمهورية".
وعود غير قابلة للتنفيذ
ومن بين النقاط التي اوردها البيان ان "احدى أهم المشاكل الراهنة لاقتصاد البلاد هي النظرة السريعة والارتجالية لمديري النظام ومتصديه في اتخاذ الكثير من القرارات الأساسية في البلاد. وتشتد هذه الظاهرة خاصة عند انتخابات رئاسة الجمهورية. ولذلك فإن المرشحين يتنافسون على طرح الوعود التي تدغدغ عقول جماهير الشعب. وللأسف فإن الكثير من هذه الوعود غير قابلة للتنفيذ، وإن تنفيذها يتعارض بشكل واضح مع المصلحة الوطنية. إن أحد المؤشرات الواضحة هي عدم واقعية هذه الوعود، وانعدام البرنامج المدون لتبيان كيفية تحقيق هذه الوعود، والصمت المطبق حول طريقة تأمين المصادر المالية وسبل التعرف على طرق حصول المتلقين على المنافع التي تقدمها الحكومة وطرق السيطرة على تداعيات التضخم وآثاره السلبية على الاقتصاد. ومن المؤسف ان هذه الوعود هي التي تحرك المنتخبين وتبعد البلاد عن اجراء برامج ستراتيجية وبنيوية طويلة الأمد. إن الهوة بين الأهداف التي وضعتها الخطتان الرابعة والخامسة لاقتصاد البلاد وبين ما تحقق عملياً، رغم مرور خمس عشرة سنة، هي خير تعبير عن المشاكل الاقتصادية الجمة التي تعيشها البلاد".
انزلاق خطير
ومضى الخبراء بالقول "وللأسف، وعلى غرار ما كان الحال في السابق وبشكل أشد، فإننا نرى انزلاقاً خطيراً لبعض المرشحين في انتخابات رئاسة الجمهورية صوب طرح وعود سرابية فلكية على أساس توزيع الأموال، في حين لا يمكن تحقيق مثل هذه الوعود والمقترحات، ناهيك عن العواقب الاقتصادية المدمرة، التي تؤدي في غالب الأحيان إلى ازدياد مستوى توقعات المجتمع، وإن عدم تحقيقها يمكن أن يؤدي إلى أضرار اجتماعية يتعذر معالجتها وإلى عدم استقرار النظام السياسي للبلاد".
وعد الخبراء طرح مثل هذه الوعود خطوة غير صحيحة لأسباب عديدة، إضافة إلى نتائجها الاخلاقية والاجتماعية والسياسية السلبية. ولا يسع هذا البيان توضيح هذه الأسباب ويخرج عن إطار مهمته. ويتجاوز تنفيذ هذه الوعود مسؤولية السلطة التنفيذية ويتعارض مع الأهداف المقررة، ومن بينها آفاق التطور الاقتصادي المدرجة في الخطة السادسة"، مؤكدين ان "علم الاقتصاد يؤكد على أنه من غير الممكن خلال أمد طويل مكافحة الفقر عن طريق سياسات الدعم عن طريق المال. بالطبع أن تنفيذ سياسات داعمة لتمكين الفقراء والضعفاء له مكان وطرق مختلفة ومعروفة. ويشير التاريخ الاقتصادي والتجارب القيّمة للدول إلى حقيقة أن النمو الاقتصادي وتوفير العمل الشامل والثابت هو الطريق الوحيد والأساسي لمكافحة الفقر".
ارتفاع التضخم
ونبه الموقعون على البيان الى ان "اثار التضخم الشديد جراء تنفيذ هذه الوعود من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع اسعار العملة الصعبة وتدهور قيمة العملة المحلية، وتؤدي بالتالي إلى عدم استقرار الاقتصاد وعملية التنمية الاقتصادية وسوق العمل"، ومضوا قائلين "وتشير تجارب العالم إلى أن تنفيذ مثل هذه السياسات، رغم إمكانية تطبيقها في البداية وخلال فترة زمنية قصيرة وتحقيق قدر من التحسن في أحوال الفقراء والمعوزين، إلاّ أنها وبعد مدة ستلحق اضراراً اقتصادية سلبية. ومن الممكن الإشارة إلى تجربة فنزويلا كآخر شاهد على هذا الإدعاء".
وتابعوا "ومن نتائج تنفيذ هذه الوعود يزداد التضخم وترتفع الاسعار وجراء ذلك يصبح أصحاب الرساميل أكثر غنى، في حين يصبح العمال والموظفون أكثر فقراً وتتراجع قدراتهم الشرائية، وتؤدي هذه السياسة إلى ازدياد وتعميق الفوارق الطبقية".
تمكين الاقتصاد الوطني
ونوهوا في بيانهم، الى "أمر بالغ الأهمية، فإن وعود المرشحين تقضي بتحقيق تنمية اقتصادية بمعدل 25في المائة في حين أن معدل التنمية الاقتصادية خلال الأربعين سنة الماضية في ايران لم يتجاوز 4في المائة هذا في ظل وعود بمضاعفة الدعم ، وتوفير 5 ملايين فرصة عمل ثابتة خلال 4 سنوات ومضاعفة حجم الضرائب عن طريق تقليص حجم التهرب من الضرائب. كل هذه الوعود تعبر عن الواقع المر الذي تعيشه البلاد. إن طرح مثل هذه الوعود من ناحية، واستقبال المجتمع لها من الناحية الأخرى هو مؤشر على الوضع الشاذ لاقتصاد البلاد الذي نتج عن الإدارة الفاشلة في الفترة المشار اليها أعلاه".
واردفوا "ان كل ذلك يستدعي الاهتمام الجدي من قبل الحكومة المنتخبة في الدورة الثانية عشر بالاقتصاد وتمكين الاقتصاد الوطني في اطار سياسة اقتصادية ترعى المصالح الوطنية. وعلاوة على ذلك فإن طرح مثل هذه المقترحات غير القابلة للتحقيق والوعود الفلكية التي تتكرر في كل الانتخابات الوطنية والمحلية، تأتي نتيجة لادعاءات المرشحين الذين لا يملكون من الرصيد السياسي سوى النزر اليسير".
وختم الخبراء بيانهم بالقول "النقطة الأخيرة هي أن طرح مثل هذه الوعود والمقترحات المتنوعة غير القابلة للتحقيق من قبل بعض المرشحين لهو دليل على نوعية الرؤية ومستوى القدرة المعرفية والاستشارية لفريق هذا المرشح أو ذاك. وهنا ينشأ قلق جدي فيما لو نجحت في الانتخابات مثل هذه الرؤية والمحدودية المعرفية، فسينتظر الاقتصاد الايراني مصير مفعم بالمشاكل المتعددة والتعقيدات الداخلية والخارجية".