مدارات

الرياض محطة الرئيس الأمريكي الأولى في المنطقة

رشيد غويلب
التقارير الصحفية للفريق الاعلامي المرافق للرئيس الأمريكي ترامب في زيارته الأولى للعاصمة السعودية الرياض تؤكد ان الزيارة ستتمخض، ضمن امور اخرى، عن توقيع صفقة سلاح ضخمة ومباشرة تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار. وعلى مدى السنوات العشر المقبلة سيتم اكمال اكبر صفقة سلاح بين البلدين تبلغ قيمتها 350 مليار دولار.
ويقول احد المتحدثين باسم البيت الابيض " ان هذا الاتفاق بشان المعدات الدفاعية ياتي على المدى الطويل لضمان أمن المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج في مواجهة التهديدات الإيرانية". وتشير ذات المصادر الى ان الاتفاق يضمن دوراً اكبر للسعودية في مواجهة الارهاب، مما يخفف الضغط على الولايات المتحدة. وكانت وسائل اعلام امريكية قد تحدثت قبل وصول ترامب الى الرياض عن طبيعة هذه الصفقة.
مواقف متناقضة
الصورة التي يحملها المتابع عن رؤية الرئيس الأمريكي لسياسة بلاده الخارجية تعكس في ملامحها تناقضات فاقعة. ففي البداية تحدث ترامب عن ضرورة خروج الولايات المتحدة من الصراعات الدولية، ثم وضع سياسة الصين في تساؤل، معتبرا اياها مصدر الخطر الأكبر، وأراد الخرج من الناتو، واعتبره اطاراً تجاوزه الزمن، وايّد نقل السفارة الأمريكية في اسرائيل من تل ابيب الى القدس. ثم فاجأ العالم بقصفه مواقع للجيش السوري، ثم عاد واكد صداقته مع الرئيس الصيني إكسي جينبينغ، وقال ان الناتو لا يزال مهما. وبعد تحذيرات جدية من مستشاريه، دعا الى عدم اخذ قضية نقل السفارة الأمريكية على محمل الجد.
وللوهلة الأولى، قد يبدو مستغربا أن تكون الرياض محطته الأولى، بعد تصريحاته النارية ضد البلدان الأسلامية. علماً ان منهاج الزيارة يشمل لقاءً مع قادة مجلس التعاون الخليجي وتناول الغداء مع قادة نحو 50 دولة إسلامية.
الى تل ابيب وبيت لحم
ومن الرياض يسافر ترامب هذا اليوم الاثنين إلى تل أبيب ومن ثم إلى القدس، حيث سيلتقي بالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين
وسيزور بعد ذلك كنيسة القيامة (القبر المقدس) والحائط الغربي (حائط البراق) في القدس قبل أن يجري محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو..
ويعد الوضع في القدس من أكثر الملفات حساسية وتعقيدا في نزاع الشرق الأوسط. ولم ينقل أي بلد في العالم سفارته إلى القدس التي تعدها إسرائيل عاصمة موحدة لها حتى الآن.
وسينتقل ترامب غداً الثلاثاء إلى بيت لحم في الضفة الغربية لإجراء محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وستكون مفاوضات السلام مع إسرائيل في صدارة هذه المحادثات. ومن المتوقع أن يؤكد ترامب دعمه لحق تقرير المصير للفلسطينيين.
وتشمل جولة ترامب التي ستستمر ثمانية ايام زيارة العاصمة البلجيكية بروكسل للقاء القادة الأوروبيين وحضور قمة حلف الناتو والفاتيكان وصقلية في إيطاليا لحضور قمة الدول الصناعية الكبرى السبع.
وتأتي هذه الجولة في وقت يواجه فيه ترامب لغطا في بلاده إثر إقالته لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، وانتقادات شديدة لقرار تعيين محقق خاص لمتابعة التحقيق في مزاعم ممارسة الروس لتأثيرات على الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
مخاوف سعودية
ويبدو عام 2017 مختلفا بالنسبة لمراكز القرار في السعودية، فبعد برود العلاقة مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس اوباما تعد السعودية اليوم الصديق المقرب للبيت الابيض. ولا يخفي السعوديون ابتهاجهم بزيارة الرئيس الأمريكي. فلوحات الأعلان الضوئية التي تحمل صور قادة البلدين ، الى جانب شعار "سوية سننتصر" تملأ شوارع العاصمة السعودية.
وهذا الشعار موجه لايران منافس السعودية القوي في المنطقة، والتي سيكون التعامل معها محوراً دائماً في حوارات الرئيس الامريكي مع الملك وولي العهد وبقية المسؤولين في المملكة السعودية. فالخوف يلف الحكم المطلق في الرياض من اتساع هيمنة ايران في الشرق الأوسط، وكل تحركات المملكة وردود افعالها السياسية والعسكرية مثل دعم الجماعات المسلحة المتطرفة في سوريا الساعية لاسقاط حكومة الاسد، وقصف مواقع الحوثيين وحلفائهم في اليمن، تمثل ردة فعل على السياسة الايرانية في المنطقة.
ويشارك ترامب السعوديين هذه النظرة، فهو يرى في النظام الإيراني خطرا يهدد الأمن الأمريكي، وقبل سفره قال في كلمة مصورة ان "العديد من هؤلاء القادة (المسلمين) يعبرون عن قلقهم إزاء تنامي الإرهاب، وانتشار الأفكار المتطرفة ودور إيران في تمويل الإتجاهين". وان الولايات المتحدة لا تستطيع حل جميع المشاكل بمفردها، ولكنها تدعم الشركاء في الشرق الأوسط ليلعبوا دوراً أكبر في الحرب ضد التطرف.
والرسالة الأمريكية الى السعودية هي: نتوقع المزيد من الالتزام من جانبكم، وسنكون على استعداد لتقديم المزيد من الدعم . هذه الاستراتيجية تتفق مع صفقة الأسلحة الضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية، الى جانب سعي واشنطن الى اقامة حلف عسكري بين البلدان العربية الموالية لها على غرار منظمة حلف شمال الأطلسي. الخلاصة: كلما تجعل الولايات المتحدةالسعودية اقوى، ستكون حصتها المباشرة في مواجهة ايران اقل.
أما ما لن يتناوله الرئيس الأمريكي في حواراته في الرياض فهو الوضع الكارثي لحقوق الانسان في السعودية، والقصف السعودي المدمر للمدن اليمنية. وسيتجنب الضيف ايضا اثارة ملف الفتاوي الدينية المحرضة على الإرهاب والتي تصدر من مؤسسات دينية سعودية مهمة. وكذلك مناقشة دور المال السعودي في دعم الإرهاب في اكثر من منطقة وبلد مجاور. وبدلا من هذه الملفات عبّر ترامب في تغريدة له على التويتر عن سعادته لوجوده في السعودية.