مدارات

حزب الشغيلة التقدمي القبرصي "أكيل": على تركيا ان تبرهن في جنيف انها تريد بالفعل حلاً لمشكلة قبرص

"طريق الشعب"
بدأت في جنيف امس الاثنين الجولة الثالثة من المفاوضات القبرصية الرامية لإيجاد حل سياسي للجزيرة، برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة رئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستياياديس، ورئيس الجزء التركي شمال قبرص مصطفى أكينجي. وسيقدم كل طرف خارطته للحل، ثم يعقب هذه المفاوضات مؤتمر دولي في 12 كانون الثاني الجاري تشارك فيه ايضاً الدول الضامنة المتمثلة بتركيا واليونان وبريطانيا، التي كانت قبرص إحدى مستعمراتها.
وأجرت صحيفة "بوليتيس" القبرصية عشية هذه المفاوضات مقابلة مع الرفيق تومازوس تسيلبيس، عضو المكتب السياسي لحزب الشغيلة التقدمي (أكيل) في قبرص، وهو خبير في القانون الدولي يرأس مكتب مشكلة قبرص في اللجنة المركزية للحزب. كما انه عضو في الوفد المفاوض.
تناولت المقابلة مسألة رئيسية وهي ما اذا كان يجب لجمهورية قبرص ان تشارك في هذه المفاوضات. رداً على هذا السؤال قال تسيلبيس "يجب ان تكون جمهورية قبرص حاضرة في المؤتمر لأنه ستجري مناقشة الجانب الدولي لمشكلة قبرص وتحديداً القضية الأمنية. ولأن هناك "معاهدة الضمان" في العام 1960، التي ينبغي في رأينا أن تُلغى لأنه عفا عليها الزمن، والتي تشمل جمهورية قبرص الى جانب القوى الضامنة الثلاث، بريطانيا وتركيا واليونان.
وحول الموقف من تركيا، التي احتل جيشها شمال جزيرة قبرص في 1974، أشار الى ان تركيا مطالبة الآن بأن تبرهن على صدقية ما تعلنه، بأنها تريد حلاً لمشكلة قبرص.
مخاوف
وكانت جولة مفاوضات بين الطرفين في 2004 في بورغنستوك في سويسرا، وبحضور الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فشلت في التوصل الى اتفاق بشأن خطة اقترحتها الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة. وأوضح تسيلبيس، رداً على مخاوف بأن مشاركة جمهورية قبرص في جولة المفاوضات الحالية في جنيف قد يؤدي الى تجريدها من سيادتها، انه كانت هناك بالفعل مساعي لرفع مكانة النظام غير الشرعي في شمال الجزيرة، الذي لا يحظى باعتراف دوي، كنتيجة للاستفتاء، ولكن لا أحد تجرأ آنذاك على تحدي سيادة جمهورية قبرص.
ويرجع الأمر الى العام 1964 وقرار مجلس الأمن الرقم 186 الذي يوضح مبدأً أساسياً في القانون الدولي، وهو أن أي تغييرات داخلية واضطرابات دستورية لا تؤثر على استمرارية الدولة وبقائها ككيان قانوني دولي. وقد انقضت 42 سنة منذ الغزو التركي لقبرص و33 سنة على اعلان الجزء الشمالي المحتل للجزيرة استقلاله من طرف واحد، ولكن لا أحد اعترف بهذا النظام. لذا فان المفاوضات التي ستبدأ في جنيف لن تؤدي الى انتهاء دولة جمهورية قبرص.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان حل مشكلة قبرص سيؤدي الى خروج كل القوات التركية فوراً من الجزيرة، قال تسيلبيس ان جزءاً كبيراً من هذه القوات سيخرج، وسيتعين على القوات المتبقية ان تغادر وفقاً لجدول زمني محدد، وهو يخضع للتفاوض. وما يهمنا الآن هو ما اذا كان ذلك سيتم باشراف الأمم المتحدة.
وتعقيباً على تصريح لرئيس الجزء التركي من قبرص مصطفى أكينجي بأنه من دون ضمانات ومن دون بقاء الجيش التركي والتناوب على الرئاسة لن يكون هناك حل، قال تسيلبيس، القيادي في حزب "أكيل"، ان هذا الرأي لا يخدم المساعي الجارية تمهيداً للمفاوضات التي ستبدأ في جنيف.
التواجد العسكري لتركيا
واشار الى ان تركيا جاءت بمقترح غير مقبول ولكنه متوقع، وهو أن تضمن تركيا كيان القبارصة الاتراك وتتدخل في حال طلب الاخير ذلك. ولكن تركيا اعتادت ان تقول كلمتها الاخيرة عند اجراء المفاوضات، ولذا لا يستبعد احتمال ان تقدم تركيا في جنيف مقترحاً آخر.
وقال تسيلبيس "يجب ان نكون مستعدين، للتمسك بموقفنا ورفض حق تركيا بالتدخل، او بقاء قوات تركية او قاعدة تركية، وفي الوقت نفسه ان نقدم إجابات مقنعة على مخاوف القبارصة الاتراك. وبغض النظر عما اذا كانت هذه المخاوف حقيقية، من المهم ان لا يشعر القبارصة الاتراك بتهديد من القبارصة اليونانيين من خلال التسوية. ولذا لا يكفي ان نحدد "خطوط حمراء" خاصة بنا، بل يجب ايضاً نستجيب لمخاوف الطرف الآخر من دون إضعاف مواقفنا".
واضاف "اذا كانت تركيا مستعدة لحل فان عليها ان تبرهن على ذلك في جنيف. واذا لم تكن مستعدة فان ذلك سيبيّن على الأقل وبوضوح لماذا لم تحل مشكلة قبرص. أي ان السبب سيكون عدم تعاون تركيا بشأن قضية الأمن، ولأن قوة محتلة تطالب بحقوق التدخل وإبقاء قوات او قواعد في قبرص، وليس لأي سبب آخر".
وحول ما تشيعه بعض الأوساط والقوى في قبرص بأن حل مشكلة قبرص سيؤدي الى خرابها مالياً والى كارثة لأن القبارصة اليونانيين سيواجهون ديوناً تبلغ 17 مليار دولار بينما لا يتحمل القبارصة الاتراك أي دين وبالتالي يمكنهم الاقتراض بفوائد أقل، قال تسيلبيس ان هناك اتفاق بأن ديون كل طرف، منذ الوقت الذي حدث فيه تقسيم الجزيرة والى ان يعاد توحيدها، سيتحملها الطرف المعني. فاذا فعلنا شيئاً بخلاف ذلك سيعني ان الديون المترتبة على القبارصة الاتراك لتركيا ستضاف الى الديون الحالية لجمهورية قبرص.
التعويضات
وبالاضافة الى وجود القوات التركية في الجزيرة، تتناول المفاوضات في جنيف حقوق ملكية العقارات وحجم الأراضي التي ستخص كل من الشطرين في كيان فيدرالي.
ورداَ على سؤال حول من سيتولى تسديد التعويضات، اوضح تسيلبيس ان هذه المسألة ترتبط بكلفة الحل الشامل، وبقضية الملكية على نحو اكثر تحديداً. وقال "نعتقد ان هذه القضايا لا يمكن ان تحال الى تكنوقراط. فلا يمكن لصندوق النقد الدولي او للبنك الدولي ان يحل هذه القضايا. بامكانهم القيام بدراسات، ولكن لا يمكن ان يحلوا المشكلة لأننا لسنا بلداً عضوا في الاتحاد الاوروبي يواجه مشاكل اقتصادية كبيرة وندخل في اتفاق او "مذكرة" جديدة.
وأكد أن "مشكلتنا هي مشكلة سياسية، ولا تزال من دون حل منذ نصف قرن. واذا اتبعنا منطق "المذكرة" لحل مشكلة قبرص فان الحل سينهار. وبالتالي فان القضية المثارة هي سياسية. علينا ان نفعل كل ما بوسعنا للتنوصل الى حل، واذا جرى التوصل اليه فان كلفته ستحدد بدقة. ولا يعني ذلك انه لا يمكن القيام بدراسات الآن، وهي تجري بالفعل. علينا لاحقاً ان نذهب الى المجتمع الدولي ونخبره بالحقيقة، بأنه لا توجد أموال، ولذا لدينا خياران: إما ان يقوموا بتمويل الحل، او يجري يجري التجميد لفترة طويلة الى أن يتوفر المال."
مصالح المجتمع الدولي
وأضاف تسيلبيس "هنا سيتعين على المجتمع الدولي ان يقدّر مصالحه، وهي ضخمة بشأن مشكلة قبرص. فهناك الغاز الطبيعي، وما له صلة بعلاقات حلف الاطلسي (الناتو) والاتحاد الاوروبي، بالاضافة الى الوضع في المنطقة وسلسلة كاملة من القضايا. فعليهم من جهة ان يقدّروا كل هذه العوامل، ومن جهة أخرى ان ينظروا في ما يمكن ان يقدموه. هكذا ينبغي أن ينظر الى القضية".