مدارات

قمة الناتو.. مزيدا من المال مزيدا من السلاح مزيدا من الحروب

رشيد غويلب
في قمة الناتو الأخيرة سعى الرئيس الأمريكي ترامب الى استراداد ديون وهمية. وحكومات راس المال الأوربية ابدت استعدادها لتخصيص 2 في المائة من الناتج الاجمالي المحلي لتمويل العسكرة والحرب.
ان القارة ومعها العالم مقبل على موجة جديدة من التسلح، المانيا سترفع تخصيصاتها من 37 الى 69 مليار يورو سنويا، واوربيا سترتفع النفقات من 200 الى اكثر من 300 مليار يورو سنويا. هذا يعني ان على اوربا التي تواجه الأزمة والبطالة ان تدفع ثمن التدخلات غير المجدية والحروب. وبالمقابل ستحتفل كبريات شركات السلاح بنتائج القمة ، وسيتم تقليص النفقات الخاصة بقطاعات التعليم و التطورالعلمي والصحة وحماية البيئة.
واقرت القمة مواصلة "مكافحة الإرهاب"، اي مواصلة الحروب والتدخلات خارج اطار الشرعية الولية، التي ستنتج المزيد من الإرهاب. وسيشهد العالم مزيدا من التوسع في المساحات التي سيطالها القصف المنظم. وسيذهب المزيد من الناس الابرياء ضحية لهذه العمليات، وسيستخدم الارهابيون هذه العمليات لنشر المزيد من الكراهية وتحقيق المزيد من التعبئة لاستمرار جرائمهم. وستتصاعد الحرب في عموم منطقة الشرق الاوسط، ربما ستتغير اشكالها وتنتقل جغرافيا من بلد لآخر ومن مدينة لاخرى. ان اعتماد الحرب وسيلة وحيدة لمكافحة الارهاب ستفشل في نهاية المطاف، فالحقيقة البسيطة الماثلة تقول ان الحرب لا تحل النزاعات محلية كانت ام دولية، ولكنها ستعمق كما في السابق حالة الاضطراب والخراب في المجتمعات والبلدان والمناطق.
لقد كانت الركائز الثلاث لهذه القمة: مزيدا من المال مزيدا من الاسلحة الحديثة، ومزيدا من الحروب.
حركة احتجاجية متسعة
وعلى الرغم من الحجم الهائل للحضور الأمني وتعدد اشكال المنع والمحاصرة جابت شوارع العاصمة البلجيكية بروكسل تظاهرة سلام شارك فيها 12 الف من الرافضين للعسكرة والحرب. كانت مشاركة الشبيبة فيها لافته، وكانت شعاراتها متنوعة، واستمرت لساعات طوال بشعاراتها وملصقاتها المتنوعة وطابعها الأممي في المشاركة والمضمون. وكان شعارها الجامع "لا للناتو"، ولا لمزيد من التسلح. وشارك فيها نشطاء حركة السلام، والحركة المضادة للعولمة، الحركة النسوية، وحركة حماية البيئة، والقوى السياسية الرافضة للحرب على تنوعها. والى جانب ذلك شارك اكثر من 200 ناشط في القمة المضادة للناتو التي نظمتها حركة السلام البلجيكية. وقد كان الطابع الأممي هو السائد في مؤتمر السلام هذا. الذي نظم في لحظة تاريخية حافلة بالتحديات السياسية. وفي اجواء التضامن المتبادل جرى التأكيد على المشتركات اكثر من اي وقت مضى:
1 - ان التحدي الذي يواجه حركة السلام هو مواجهة زيادة التخصيصات لاغراض العسكرة، وفرض نزع سلاح حقيقي ، من أجل التنمية و حل التحديات الاجتماعية عالميا. وعبر المشاركون عن استعداد أكبر لمواصلة العمل في سبيل تحقيق هذه الاهداف.
2 - يجب ان تتحول معاهدة حضر السلاح النووي التي عرضت مؤخرا من قبل الأمم المتحدة الى واقع حقيقي، وفرض نزع السلاح النووي في مواجهة سياسة سباق التسلح النووي. ويجب ان تصبح اوربا قارة خالية من السلاح النووي.
3 - التشديد على اعتماد التعاون بدلا من المواجهة، وخصوصا مع روسيا. وان الحفاظ على صورة العدو يعني استمرار الاستعداد للحرب.
4 – ان وضع نهاية لحروب الناتو في جميع انحاء العالم هو الشرط الاساس لخلق تطور سلمي وعادل في العالم.
ان النقاط التي تمت الاشارة اليها تعني رفضا واضحا للناتو، وتعني استمرار نزع الشرعية عن ماكنة الحرب. ويجب ان يكون الهدف تجاوز الناتو لان الاخير يتقاطع مع السلام العالمي. ان تحقيق ذلك ممكن عبر عمل موحد ومتنوع ومتعدد لحركة السلام العالمية، التي تسعى عبر نشاطها الى كسب التأييد الاجتماعي وتعزيز قدراتها التعبوية. ان الأجواء التي سادت التظاهرة والقمة البديلة كانت محفزة للوصول الى الأهداف المرجوة. وستكون محطة المواجهة القادمة قمة العشرين في بداية تموز المقبل في مدينة هامبورغ الالمانية.