مدارات

الشيوعي الفنزويلي: هناك طريق آخر هو الثورة

رشيد غويلب
بدعوة من الحزب الشيوعي الالماني يزور المانيا في الفترة 3 – 14 تموز الجاري مسؤول العلاقات الأممية في الحزب الشيوعي الفنزويلي، كارولوس فيمر، لتقديم سلسلة من الندوات للتعريف بما تشهده بلاده من صراع محتدم، وتقديم رؤية حزبه والبدائل التي يراها صحيحة، ولتصعيد التضامن مع التجربة الثورية هناك.
وكانت مدينة فرانكفورت محطته الأولى، حيث قدم فيها مساء 3 تموز محاضرة ضافية، حضرتها "طريق الشعب"، وشارك فيها طيف واسع من انصار ونشطاء قوى اليسار الالماني.
استعرض فيمر بالتفصيل المسار التاريخي للسياسة الامريكية تجاه امريكا اللاتينية عموما، وفنزويلا خصوصا من مبدأ مورنو (امريكا للأمريكيين 1823 – ترامب 2017 )، المبنية على الهيمنة الاقتصادية والتفوق العسكري. وقد مرت هذه السياسة بمراحل من اضفاء القدسية على الدولار الامريكي، الى السيطرة على مياه القارة، ومن ثم لاحقا اسقاط الحكومات التي لا تلبي مصالح الولايات المتحدة، وصولا الى الخطر الاستثنائي على المصالح القومية للولايات المتحدة الامريكية، ما يعني اعلان الحرب على البلد المعين (اوباما 2015 ).
بعدها قدم تفصيلات عن الثروات الطبيعة الهائلة الكامنة في الاراضي الفنزويلية وفي مقدمتها النفط والذهب والمعادن الثمينة الاخرى، اذ تملك فنزويلا اكبر احتياطي للنفط في العالم. وشبّه فيمر الحصار على فنزويلا بالحصار المضروب على كوبا، والذي يهدف الى حرمان الناس من المواد الغذائية والحاجات اليومية الاساسية، وكذلك تدمير النسيج الاجتماعي، سعيا لتفكيك الدولة الوطنية وهو المسار الراهن للسياسة الامريكية في العديد من البلدان كالعراق، وسوريا، وليبيا.
وشدد المتحدث على ان الولايات المتحدة حققت بعض النجاحات، ولكنها فشلت في عزل فنزويلا دوليا ولم تحصل على تفويض من منظمة الدول الامريكية بغزو فنزويلا، وكذلك فشلت في شق وحدة القوات المسلحة الفنزويلية. وان الدفاع عن التجربة البوليفارية مبني على موقف واضح في الدفاع عن الوطن. واكد على نجاح الحكومة في السنتين الاخيرتين، برغم الازمة الاقتصادية والحصار في توفير المواد الغذائية، ولذلك فان الحديث عن مجاعة او كارثة انسانية في البلاد عارٍ عن الصحة. وان المتغيرات سريعة جدا والتعبئة اليومية جارية على قدم وساق في معسكر اليسار، وفي معسكر اليمين المتطرف. والحكومة اليسارية تمارس كل اشكال النضال للدفاع عن التجربة، لان خصومها يستخدمون كل الاشكال واقذرها ضدها.
وفي ختام مساهمته عرض سعي الحكومة بالدعوة في 30 تموز، إلى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة مؤلفة من 500 عضو، لإقرار دستور جديد للبلاد، وفق المادة 374 من الدستور النافذ، واتهام المعارضة للحكومة بمحاولة فرض دكتاتوريتها، وكذلك مشروع المعارضة الداعي الى استباق الاجراء الدستوري باستفتاء، يجري خارج الاطر والمؤسسات الدستورية في 16 تموز الحالي، داعيا الى اوسع تضامن مع حكومات اليسار في امريكا اللاتينية، انطلاقا من ان معركة اليسار في العالم واحدة وغير قابلة للتجزئة.
مؤتمر الحزب الأخير
عقد المؤتمر الخامس عشر للحزب الشيوعي الفنزويلي في الفترة 22 – 25 حزيران الماضي في العاصمة كراكاس. وقدم السكرتير العام أوسكار فيغييرا تقريرا تفصيليا، شدد فيه على ان بلاده تعاني من تناقضات الرأسمالية الداخلية في دولة برجوازية بحكومة اشتراكية. وبرغم تأكيد المؤتمر على الدفاع عن تجربة البلاد التقدمية، وتشديده على استمرارها وعلى دعم اوساط شعبية واسعة في الشعب والجيش لها، لكنه وجه نقدا واضحا وصريحا للأداء الحكومي، مطالبا بتجذير الاجراءات والدفاع عن المكتسبات الاجتماعية، وقول الحقيقة كاملة للشعب، مشيرا الى ضرورة مواجهة اعداء الداخل الثلاثة: الفساد، البيروقراطية، وعدم الكفاءة.
ويرى الحزب ان من الضروري فهم التطورات الجارية على انها صراع طبقي وليس سلسلة من الانتصارات والتراجعات الانتخابية. وان هناك ثلاثة خيارات: أولا، هناك خطر كبير لتدخل امريكي مباشر أو غير مباشر، مدعوم من قوات امريكية لاتينية أو قوات الناتو ، واقامة نظام في فنزويلا، يقوم على عناصر فاشية. ثانيا، يمكن اتباع مسار إصلاحي من أجل الحفاظ على بعض المكاسب المتحققة في السنوات الأخيرة في إطار النظام الرأسمالي. وتدعم هذا الخيار قوى الديمقراطية الاجتماعية في أوروبا. ويرى الحزب الشيوعي ان غالبية الفنزويليين يجدونه خيارا سيئا، فهو يعني ان التضحيات التي قدمتها الطبقة العاملة والشعب لن يكون لها معنى، فالبقاء في الرأسمالية يعني بقاء الظلم الاجتماعي، والاستغلال والقهر مهما كان الدستور جيدا. وخيار الحزب البديل: الثورة، والغالبية العظمى من الناس تدعو الى "مزيد من الثورة".
وانتخب المؤتمر 45 عضوا في اللجنة المركزية الجديدة، و45 نائبا لعضو لجنة مركزية، واعاد المؤتمر انتخاب أوسكار فيغييرا سكرتيرا عاما للحزب. وشارك في المؤتمر 16 حزبا شيوعيا ويساريا وقعوا على نداء للتضامن مع شعب وحكومة فنزويلا. وتلقى المؤتمر العديد من رسائل التحايا بينها رسالة التحية الموجهة من اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي.