مدارات

تجديد الدعوة الى الحوار والتعقل وتغليب المنطق تجنبا لتداعيات استفتاء كردستان

طريق الشعب
بدأت عمليات التصويت على استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق صباح امس في الموعد الذي سبق لحكومة الإقليم تحديده رغم اعتراض الكثير من دول الجوار والعديد من عواصم القرار الدولي.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الملايين من الأكراد، في الاستفتاء الذي من المتوقع أن تصدر نتائجه الأولية خلال الأيام الثلاث المقبلة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يصوّت الأكراد لصالح الاستقلال عن العراق، في حين تخشى الدول الكبرى أن تكون أمام موجة جديدة من العنف في العراق الممزق أصلا بفعل الحروب.
وفي الوقت الذي اعتبر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، قرار الاستفتاء "أحادي الجانب"، داعيا القيادات السياسية في بغداد وأربيل إلى تجنب التصعيد ورفض المواقف الاستفزازية والمتطرفة، وهو ما دعا اليه ايضا نائبه اياد علاوي، بينما شدد الصدر على التعقل وتغليب المنطق والعمل الجاد من الناحية الدستورية والقانونية والقضائية والبرلمانية بخصوص نتائج الاستفتاء.
قرار أحادي الجانب
وقال رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، في بيان رئاسي، "بمواجهة هذا القرار (قرار الاستفتاء) أحادي الجانب، وانطلاقا من مسؤوليتنا الدستورية بضرورة بذل أقصى ما نستطيع لإبعاد بلادنا ووحدة شعبنا عن الأخطار الجسيمة المحدقة، ندعو القيادات السياسية في أربيل وبغداد إلى تجنب التصعيد بأي ثمن وتغليب منطق الحكمة والتركيز الفوري على العودة إلى الحوار والاتفاق كأولوية قصوى.. من أجل تجنيب شعبنا أي مهاو لا تحمد عقباها، مهما اقتضى ذلك من جهود استثنائية وتضحيات".
وجدد معصوم تأكيده على "أولوية مبادئ الدستور واحترام دعوات ودعم المجلس الدولي إلى مواصلة الحوار بين القوى العراقية لحل أي مشكلة داخلية في ما بينها عبر حلول توافقية، ورفض المواقف الاستفزازية والمتطرفة، والمضي بعزم لإعادة الثقة اللازمة بين الجانبين والتوجه معا نحو بناء دولة المواطنة والحقوق التي نطمح اليها جميعا".
وأوضح "أنني كرئيس ل‍جمهورية العراق سأواصل بذل كل جهد أو مسعى من أجل التعجيل باستئناف الحوار الأخوي بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية للتوصل إلى حلول ناجعة تكفُل تجاوز هذه الازمة الدقيقة ومنع استغلالها من قبل الارهابيين، والتوجه للعمل معا على تحقيق الأهداف المشتركة، ومعالجة التراكمات السلبية والأخطاء، مهما كانت شدة الاختلاف في وجهات النظر والمواقف".
تجميد النتائج
بدوره، قال نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي، في مؤتمر صحفي عقده ببغداد، امس، "اناشد مسعود البارزاني والقيادة الكردستانية التأكيد على تجميد نتائج الاستفتاء خلال مرحلة انتقالية بناءة يجري فيها حوار وطني مسؤول وبنّاء لمعالجة كل اوجه الخلاف وبما يضمن ويحافظ على الارث المشترك ويعززه ويكرس كل ما يوطد الاخّوة العربية الكردية، ويؤدي الى تحقيق العراق الاتحادي الديمقراطي الموحد".
واقترح علاوي ان "يخضع مصير كركوك والمناطق المختلف عليها إلى نصوص المادة 140 من الدستور وان تتم معالجة اوجه الاخلال بما يعمق المشاركة الوطنية ويستجيب لمصالح كل الشرائح فيها ويطفئ فتيل اثارة الفتنة فيما بينها"، داعيا الى ان "تتخلى السلطة وبعض اطراف العملية السياسية وبشكل خاص قوى التحالف الوطني والكرد عن الدعوة الى التصعيد واستخدام لغة الانتقام والوعيد والتلويح بالحل العسكري".
وشدد علاوي على "التحالفات المشاركة في السلطة البدء بحوارات عملية بناءة على مدار الاسابيع القادمة للشروع في اتخاذ كل ما يلزم لتصفية المظاهر التمييزية والاقتصادية والانفراد بالحكم، وصولاً عبر التشريعات التوافقية غير المعرقلة الى تصفية منظومات المحاصصة الطائفية والمذهبية، وتعديل كل القوانين التي تتعارض مع روح الدستور بإقامة الدولة الديمقراطية المدنية، دولة القانون والحريات والمواطنة".
تغليب المنطق
من جهته، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، امس، في بيان لمكتبه، "قد يرى الأخوة الكرد أن تحقيق أمنتيهم (بدولة كردية) فيها الكثير من الفوائد لهم، وعلى الرغم من أننا نحترم كل أمنياتهم، إلا أن الأماني لا تتحقق ولا تبنى على مصالح الآخرين، بل وان الأماني المجردة من الحكمة والحنكة والتعقل قد تجر صاحبها الى الهلاك".
وأضاف "نعم، إن الاستفتاء هو مجرد خطوة أولى قد تستدعي الانفصال او لا تستدعي، كما يدعي بعض القيادات الكردية، إلا أن مجرد فكرة الاستفتاء وإقامته هو بمثابة لي ذراع للحكومة المركزية بل وللعراق برمته (شعباً وحكومة)، ولاسيما انه جاء بقرار تفردي لا يدل إلا على مدى الفجوة الكبيرة التي بين الاقليم والمركز، وأول مساوئه هو تأجيج النفس العرقي الذي لا يقل عن تأجيج النفس الطائفي خطورة".
ودعا الصدر في بيان جميع المكونات العراقية، "الدول العربية والاسلامية لاجتماع طارئ في العراق أو أي مكان آخر لمؤازرة العراق في محنته - لا كما حدث في محنه الاخرى – ليعود إلى حاضنته العربية والاسلامية من جديد وذلك للخروج بقرارات حاسمة"، مطالبا "الجميع الى التعقل وتغليب المنطق والعمل الجاد من الناحية الدستورية والقانونية والقضائية والبرلمانية، وهنا ادعو الى انعقاد دائم لجلسة البرلمان ولمجلس الوزراء وعدم التهرب من المسؤولية، وأنا على أتم الاستعداد لتبني كل الاجتماعات بما يخدم الصالح العام".
علما العراق والاقليم
وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء في إقليم كردستان نيجرفان البارزاني، في مؤتمر صحفي عقده في أربيل، إن "كردستان تسعى نحو الحوار مع بغداد بعيدا التهديدات" .
وأضاف البارزاني، أن "العلمين وهما علم الحكومة الاتحادية وعلم كردستان سيبقيان كما هما ولا نريد إزالة العلم العراقي".
استعداد للحوار
كما قال نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قباد الطالباني، لعدد من وسائل الإعلام، إن "إقليم كردستان مستعد لإجراء حوارات جدية مع العراق من أجل حل المشاكل"، مبينا ان "الإقليم مستعد للحوار مع دول الجوار وبناء افضل العلاقات معهم".
واعتبر طالباني "الاستفتاء خطوة مهمة لتحقيق أهداف الشعب الكردستاني عبر السبل السلمية والمدنية"، لافتاً إلى أن "كردستان لا تهدد أحدا بهذه الخطوة".
ملاحقة موظفين
الى ذلك، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان، إن الأخير ترأس "اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني"، مبيناً أنه "جرى خلال الاجتماع مناقشة الاستفتاء في إقليم كردستان، اذ أكد المجلس على أن الاستفتاء ممارسة غير دستورية تعرض أمن واستقرار البلد للخطر"
وتابع البيان، أنه "تم التأكيد على أن حل النزاعات لا يمكن أن يتم بفرض سياسة الأمر الواقع بالقوة"، موضحا أن "المجلس تدارس الإجراءات التي ستتخذها الجهات المعنية بضمنها فريق استرداد الأموال العراقية بمتابعة حسابات إقليم كردستان وحسابات المسؤولين في الإقليم ممن تودع أموال تصدير النفط في حساباتهم"، لافتاً إلى "دعوة الإدعاء العام لملاحقة كافة موظفي الدولة ضمن الإقليم من الذين ينفذون إجراءات الاستفتاء المخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية".
تسليم المنافذ
وفي بيان ثان، قال مكتب رئيس مجلس الوزراء، إن المجلس الوزاري للأمن الوطني بين، خلال اجتماعه أن "المنافذ الحدودية هي منافذ تابعة للحكومة الاتحادية وكذلك النفط فهو ثروة لكل الشعب العراقي حسب الدستور العراقي فإن الحكومة العراقية توجه إقليم كردستان بتسليم جميع المنافذ الحدودية بضمنها المطارات إلى سلطة الحكومة الاتحادية وتطلب من دول الجوار ومن دول العالم التعامل مع الحكومة العراقية الاتحادية حصرا في ملف المنافذ والنفط وذلك كي تتولى السلطات العراقية الاتحادية في المنافذ تنظيم وتسهيل انسيابية حركة البضائع والأشخاص من وإلى الإقليم".
وذكر المجلس، بحسب البيان، أن "الحكومة تعتبر نفسها مسؤولة عن كل ما يتعلق بمصالح المواطنين وأمنهم ورفاهيتهم وتحسين أوضاعهم في كل شبر في أرض العراق بما في ذلك مصالح وطموحات المواطنين الأكراد في العراق".
حماية المواطنين من التهديد
وفي بيان اخر لمكتب العبادي، قال، إن "القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي وجه، الاجهزة الامنية بحماية المواطنين من التهديد والاجبار الذي يتعرضون له في المناطق التي يسيطر عليها الاقليم".
الردود الدولية
وعلى مستوى الردود الدولية، ازاء الاستفتاء فهي لم تختلف ولم تتغير قبل اجرائه، الا ان دول الجوار وتحديدا تركيا وايران، صعدتا من موقفهما الرافض للاستفتاء ونتائجه، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في كلمة متلفزة بشان استفتاء كردستان، إن "تركيا ستغلق حدودها بشكل كامل مع إقليم كردستان، ونوقف تصدير وبيع نفطها"، مشددا بالقول "جميع الخيارات مطروحة في الرد على حدودنا مع ادارة شمال العراق".
وتابع اردوغان، "سندافع عن امن تركيا ولن نسمح باي تغيرات في شمال العراق، كما ان البرلمان خولنا بالقيام بعمليات خارج الحدود"، لافتا الى ان "تركيا تمتلك القوة لمحاربة القوى الارهاب".
اما ايران، فقد قال المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي، في تصريحات صحفية، إن "ايران قامت بإغلاق حدودها مع إقليم كردستان العراق حيث يجري استفتاء الاثنين حول الاستقلال".
وأضاف قاسمي "بطلب من الحكومة العراقية، أغلقنا حدودنا الجوية" مع كردستان العراق، واصفا الاستفتاء الذي ينظمه الإقليم رغم معارضة بغداد ودول مجاورة، بأنه "غير قانوني وغير مشروع".