مدارات

تشيلي .. هل تستطيع قوى اليسار دحر اليمين في جولة انتخابات الرئاسة الثانية؟

عادل محمد
احتفل انصار الحركة اليسارية الجديدة "فرونتو اميلو" (الجبهة العريضة) اليسارية بالنتيجةالمفاجأة التي حققتها مرشحتهم فى جولة الانتخابات الرئاسية الأولى التى جرت الاحد الفائت في تشيلي. وكانت استطلاعات الرأى قد اعطت مرشحة الحركة الجديدة بياتريس سانشيز 8.5 فى المائة فقط من الاصوات، ولكنها حصدت فى النهاية قرابة 20.3 فى المائة. وعلى الرغم من عدم دخولها، بفارق ضئيل، جولة الانتخابات الثانية، الا ان الحركة، التي لم تكن معروفة قبل عام من الآن، حققت نتيجة مثيرة للاعجاب، واصبحت رقما مهما في العملية الانتخابية.
ومنذ نهاية الديكتاتورية العسكرية في عام 1990، هيمن تكتلان على الحياة السياسية في تشيلي: تحالف يسار الوسط الذي يضم عادة الديمقراطيين المسيحيين والديمقراطيين، والاشتراكيين، والديمقراطيين الاجتماعيين والذي اتسع لاحقا بانضمام الشيوعيين اليه وحمل تسمية "الأغلبية الجديدة"، و تحالف قوى اليمين، بما في ذلك حزبان من اليمين القومي.
وصوت الناخبون ايضا لانتخاب البرلمان الجديد. ودخلت الحركة اليسارية البرلمان الجديد بحصولها على 16,5 في المائة، وشغلت 20 مقعدا فيه. و استطاع تحالف اليمين الحصول على 72 مقعدا من اصل مجموع مقاعد البرلمان البالغ 155 مقعداً.
طبيعة الحركة الجديدة
تضم الحركة 12 حزبا يساريا وحركة مدنية تجمعت في العام الفائت لتشكيل بديل يساري لتحالف يسار الوسط المسمى"الأغلبية الجديدة". وتنحدر وجوه الحركة من الاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت تشيلي في السنوات الاخيرة، خصوصا من مجاميع يسارية ترفض الحياة الحزبية النمطية، ومن حزب الثورة الديمقراطية. وتتناول الحركة ملفات التعليم، والعمل، والهجرة،بطريقة مختلفة عن الأحزاب التقليدية التي لم تعط هذه الملفات الاهتمام الكافي. وهذ ما طالبت به الحركات الاجتماعية خلال الحركة الاحتجاجية. وتركز الحركة اليسارية على اصلاح النظام التعليمي، الذي كان محور الحركة الاحتجاجية الرئيس، وعلى جعل التعليم حقا اجتماعيا، والغاء اجور التعليم العالية التي عمقت الهوة الاجتماعية. وتريد الحركة ايضا تجاوز نظام التقاعد الذي تبنته شركات القطاع الخاص، وهو ما شكل مطلب الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة. اما هدف الحركة الرئيس فهو انهاء مرحلة الليبرالية الجديدة. وكثير من المتابعين يعتبرون الحركة مماثلة لحزب بودوموس اليساري الأسباني، وقد قام زعيم الأخير بابلواغناسياس بدعم الحركة علنا.
تحالف اليمين
اصيب ناخبو اليمين بخيبة امل كبيرة، عندما فشل مرشح تحالفهم المسمى"تشيلي تتقدم"، ورئيس الجمهورية السابق سيباستيان بينيرا في حسم السباق الانتخابي في الجولة الاولى لصالحه، إذ لم يستطع حتى الحصول على 44 في المائة من الاصوات، وبلغ ما جناه 36,66 في المائة متقدما على المرشحين الاخرين. وسيواجه في جولة الانتخابات الثانية مرشح تحالف يسار الوسط ، وحزب رئيسة الجمهورية الحالية ميشيل باشيليت، التي لايحق لها، وفق الدستور النافذ، الترشيح لدورة جديدة، وهو أليخاندرو غيلير. ويمكن لهذا ان يحسم السباق لصالحه، اذا ما احسنت قوى اليسار والوسط تجميع قواها.
واذا فاز مرشح اليمين سيباستيان بينيرا فسيحكم تشيلي للمرة الثانية بعد سنوات حكمه الأولى 2010-2014. و بينيرا هو واحد من اغنى رجل الاعمال في البلاد، وقد اثيرت حوله فضائح فساد كثيرة استطاع الافلات من مستحقاتها. ويعتبره المتابعون نموذجاً مماثلاً للرئيس دونالد ترامب: حيث يعتمد خطابا عنصريا ضد المهاجرين وسكان البلاد الأصليين الذين يشكلون اليوم 10 في المائة من السكان. ويريد الغاء القوانين التي تدعم حقوق المرأة الشخصية، التي صدرت في عهد الرئيسة المنتهية ولايتها. بالاضافة الى ابعاد تشيلي عن جيرانها وفق شعار "تشيلي اولا" بما يعنيه من تفضيل عرقي.
تحالف يسار الوسط
مرشح يسار الوسط "الأكثرية الجديد"، عضو الحزب الاشتراكي أليخاندرو غيلير احتل المرتبة الثانية، وحصل على 22,7 في المائة، وهو صحفي وباحث اجتماعي يبلغ من العمر 64 سنة.
وعانى التحالف من صراعات داخلية، وادت الى خروج الحزب الديمقراطي المسيحي من صفوفه. ويضم التحالف الحزب الشيوعي، والحزب الاشتراكي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الديمقراطية. وهو يحتفظ بـ 24 في المائة من مقاعد البرلمان، يحتل الشيوعيون 8 مقاعد منها.
ولكي يقطع الطريق امام مرشح اليمين يحتاج مرشح يسار الوسط الى دعم الحركة اليسارية الجديدة، فهل سينجح في مسعاه؟
دعوة لوحدة اليسار
النائبة الشيوعية، والوجه الأبرز في حركة الاحتجاجات الطلابية عام 2011 ، كاميلا فاليجو، والتي استطاعت الاحتفاظ بمقعدها في البرلمان الجديد، كتبت على موقعها في التويتر:" تهاني الى أليخاندرو غيلير، و تحالف "الأكثرية الجديدة"، ولنمض قدما نحو بلد ينعم بالعدل والتضامن. وتهاني لبياتريس سانشيز، وحركة "الجبهة الواسعة" بمناسبة تحقيقها هذه النتيجة العظيمة، وآمل ان نعمل سوية".