مدارات

تشيكيا:الناخبون يعاقبون تحالف اليمين الحاكم.. والشيوعيون يحلون ثالثا / رشيد غويلب

أعلنت قبل ايام، في العاصمة التشيكية براغ، نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي جرت في تشيكيا يومي الجمعة والسبت الفائتين، بمشاركة 59 في المئة من الناخبين.
وبموجب النتائج المعلنة احتل الحزب الاجتماعي الديمقراطي (الاشتراكية الدولية) الموقع الاول حاصلا على 21 في المئة فقط من الاصوات، مقابل 22 في المئة في الانتخابات السابقة. وحلت ثانيا حركة "منتدى آنو 2011 " بزعامة المليادير اندريه بابيش، التي تشارك في الانتخابات للمرة الاولى، وهي حركة احتجاج شعبوية، بحصولها المفاجئ على 19 في المئة من الاصوات. وجاء ثالثا الحزب الشيوعي التشيكي بحصوله على 16 في المئة تقريبا، مقابل 11,27 في الانتخابات السابقة، وهذا هو ثاني اكبر نجاح انتخابي يحققه الحزب منذ انهيار التجربة الاشتراكية في عام 1990.
وتلقت احزاب التحالف اليميني المحافظ هزيمة كبيرة، فقد حصل الحزب الديمقراطي المدني، الذي كان يقود التحالف اليميني الحاكم على 6,4 في المئة فقط، مقابل 20,22 في المئة في الانتخابات السابقة. فيما حصل حليفه "قمة 09 " على 11 في المئة، مقابل 16,71.
وفور اعلان النتائج صرح زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي بوهوسلاف سوبوتكا لوسائل الاعلام قائلا "نريد تشكيل حكومة معقولة ومستقرة"، في اشارة منه لتشكيل حكومة اقلية تتمتع بدعم الشيوعيين من دون مشاركتهم المباشرة فيه. وقد اعلن في مساء نفس اليوم بدء الحوار مع قيادة الحزب الشيوعي. يذكر ان الاجتماعيين الديمقراطيين الذين لم يستطيعوا تحقيق نسبة 30 في المئة التي منحتهم اياها استطلاعات الرأي في الصيف الفائت، اعلنوا خلال حملتهم الانتخابية نيتهم عدم التحالف مع الشيوعيين، ولكنهم تحدثوا عن امكانية التعاون معهم.
ويبدو ان النتائج التي أفرزتها الانتخابات جعلت تشكيل الحكومة الجديدة مهمة صعبة. فحتى لو وافق الشيوعيون على دعم حكومة اقلية فان مجموع مقاعدهم مع مقاعد الحزب الفائز لا يؤمن بالأكثرية. ولا يأمل الحزب الفائز بدعم حركة "منتدى آنو 2011 " له، رغم ان زعيمها "اندريه بابيش" اكد انه سوف لا يتعاون مع احزاب التحالف اليميني، الذي شكل قوام الحكومة السابقة.
يذكر ان البرلمان التيشيكي قرر، في جلسته الاستثنائية المنعقدة في العشرين من آب الفائت حل نفسه، ليفتح الطريق امام إجراء انتخابات مبكرة، بعد انفجار اكبر فضيحة فساد في تاريخ تشيكيا الحديث، اضطر على اثرها رئيس حكومة التحالف اليميني، رئيس «الحزب المدني الديمقراطي» بيتر نيتشاص الى الاستقالة، ومعه حكومته التي رفعت نفاقاً شعار "مكافحة الفساد" عند تشكيلها في أعقاب انتخابات 2010.
وجاءت نتائج الانتخابات قبل ايام لتعكس معاناة الشعب تحت حكم الاحزاب اليمينية، التي هيمنت على المسرح السياسي غداة قيام الجمهورية التشيكية (بعد تقسيم تشيكوسلوفاكيا السابقة) أوائل التسعينات. وشهدت منذ البداية نهب «الرأسماليين الجدد» ممتلكات وثروات المجتمع والدولة باسم «الخصخصة»، وأطلق العنان لانتشار الفساد وبلوغه مديات نادرة المثال في أوربا.
واقترنت بذلك في الجانب الآخر مصادرة الكثير من مكتسبات فئات الشغيلة الواسعة، في عملية إفقار متواصلة لغالبية السكان، وهو ما ادى في السنين الاخيرة الى تغيرات ملحوظة في المواقف السياسية للرأي العام التشيكي.