مدارات

في الانتخابات البلدية في الولايات المتحدة الأمريكية.. فوز للديمقراطيين .. ونتائج لافتة لليسار / رشيد غويلب

مرت يوم الاثنين الفائت الذكرى 158 لميلاد اويغن ديبس الشخصية النقابية، ومرشح انتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الاشتراكي لعدة مرات، والذي حقق، بحصوله في عام 1912 على 6 في المئة، أفضل نتيجة انتخابية في تاريخ اليسار الأمريكي في الـ 100 عام الماضية.
ومع أن السيناتور بيرني ساندرز في فيرمونت يعد نفسه اشتراكيا، لكنه ينتمي في الواقع الى نموذج الاجتماعيين الديمقراطيين في البلدان الاسكندنافية. وفي إطار الانتخابات البلدية التي جرت الثلاثاء الفائت في الولايات المتحدة الأمريكية، حقق الاشتراكيون نجاحا لافتا في سياتل مسقط رأس ديبس، وفي مينيابوليس كذلك.
وكان الحدث الأبرز في السباق الانتخابي هو فوز الشخصية الليبرالية والمرشح الديمقراطي بيل دي بلاسيو بمنصب عمدة مدينة نيويورك، بحصوله على 73,3 في المئة، وتحقيقه فوزا ساحقا على غريمه الجمهوري مايكل بلومبيرغ الذي احتفظ بالمنصب لثلاث دورات متتالية. وأصبح دي بلاسيو أول عمدة ديمقراطي لأكبر مدينة في الولايات المتحدة منذ عام 1989. وقد وصفت الـ"نيويورك تايمز" النتيجة بأنها "تحول قوي نحو اليسار" . وكان العمدة الجديد قد ندد بارتفاع إيجارات المساكن، وتعمق الهوة بين الفقراء والأغنياء، وحملات التفتيش الاعتباطية، التي تمارسها شرطة نيويورك في الشوارع، والتي تشمل سنويا نصف مليون مواطن معظمهم من الافرو أمريكيين واللاتينيين.
وفي ولاية نيو جيرسي أعيد انتخاب حاكمها الجمهوري كريس كريستي للمرة الثانية، حاصلا على 60.5 في المئة - على الرغم من أن سكان الولاية نيو جيرسي في معظمهم ديمقراطيو الهوى، ويعود فوز كريستي لابتعاده عن ا لمواقف الأشد رجعية للجمهوريين بخصوص عمليات الإجهاض، وخيارات الأفراد الشخصية. ويعتبر الحاكم الجمهوري من الشخصيات المعتدلة في الحزب الجمهوري، وعمل على التعاون مع حكومة الرئيس الديمقراطي أوباما بعد حدوث الإعصار. وقد حسنت نتائج الانتخابات فرص كريس كريستي كمرشح جمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016، في مواجهة مرشحي حركة "حفلات الشاي"، التي تمثل التيار الأكثر رجعية وعنصرية في الحزب الجمهوري.
وفي انتخابات المجالس البلدية استطاعت القوى التي تقف الى اليسار من الحزب الديمقراطي تحقيق نتائج طيبة، ففي مدينة سياتل حصلت كاشاما ساوانت على 46 في المئة من الأصوات متخطية رئيس البلدية الحالي ريتشارد كونلين من الحزب الديمقراطي. وكانت كاشاما قد ترأست البلدية للمرة الأولى عام 2010. وقد خاضت الانتخابات ببرنامج يدعو لتحديد حد أدنى للأجور 15 دولارا في الساعة، وفرض الضرائب على الأثرياء، وإجازة العمل النقابي في الشركات الكبيرة العاملة في حدود بلديتها. ويصف الناشط في الحملة الانتخابية كالفين بريست نتائج الانتخابات بالانتصار، وأنها "كسرت التصور الخاطئ والنمطي عن الاشتراكية" وان "الناس يدركون بان الرأسمالية فقدت فاعليتها. وفي مينيابوليس، تمكن للاشتراكي تاي مور من الحصول على 37 في المئة من أصوات الناخبين، وهو ناشط في حملة "حركة لنحتل" المطالبة بتعزيز الحريات الشخصية. وفي صباح يوم الانتخابات قامت الشرطة بالإخلاء القسري لمنزل المرشح اليساري جيمي كيلي، وهو متقاعد يبلغ من العمر 63 عاما، وركز في برنامجه الانتخابي على مواجهة عمليات الإخلاء القسرية التي تنفذها الشرطة، لذلك قال إن تصرف الشرطة "لم يكن من قبيل الصدفة". وقد ساهم في الحملة الانتخابية لكل من ساوانت ومور، اللذين ينتميان الى منظمة "المبادرة الاشتراكية"، مئات الشباب المتطوعين، في حين اعتمد منافسوهم على مبالغ التبرعات الهائلة، لما يسمى بـ "دوريات السوبر"، التي لا توظف عادة في انتخابات البلديات. وقد وعد كلا الفائزين اليساريين بمواصلة النضال لتحسين نتائجهما أكثر في الانتخابات القادمة.