مدارات

حكومة محلية خاسرة! / قيس قاسم العجرش

في ذي قار،وهي واحدة من أفقر محافظات العراق،وعشيّة إنشغال وتشاغل كل الجُهد الحكومي والقوات الأمنية بتأمين الاستذكار الشعبي للزيارة الدينية في بغداد خرجت في هذه اللحظات تظاهرة مطلبية مهمة في الناصرية.
التظاهرة احتجت بجرأة وعلانية وفصاحة على أداء الحكومة المحلية الراحلة أو التي توشك على الرحيل لكنها تتشبث للإبقاء على ملفات سوء الأداء مطويّة.
هذه الحكومة وعلى رأسها محافظها تعللت بالموافقات الأمنية لمنع التظاهر وحاولت»تعجيز»طالبي التظاهر رسمياً لعلهم يقعون في فخّ عدم الحصول على موافقة رسمية لكنها فشلت وخرجت التظاهرة ليلاً ولعدة أيام متتالية ومازالت.
واضحٌ جداً ان الخداع الذي يمارسه الخطاب الرسمي الحكومي سواءٌ في المحافظات أو في المركز لا يُغني عن حقيقة فوات الفرصة في البناء التي تورط بها جميع المسؤولين ولذلك فإن ذي قار الفقيرة أدركت مبكراً أنها تعيش خداعاً متواصلاً بلا خدمات تذكر وعبر حجج واهية.
ذي قار الفاقة والعوز والبطالة لم تعد تنطلي عليها حيلة المسؤولين الذين يحرصون على الظهور في «خدمة»الزائرين أمام الكاميرات بينما هم ضيّعوا اللبن في الصيف وفي كل صيف يكررون تعمد الضياع.
لقد أنجبت هذه المحافظة عشرات الساسة من ذوي الأصوات العالية والظهور اللافت في الإعلام ومن أولي السبق في الإستحواذ على المناصب وقد نستغرب عددهم إن بدأنا بتعدادهم لكنها مع ذلك مازالت فقيرة بصورة مخجلة مازال أبناؤها يقطعون 900 كلم ليعملوا كعمال بناءٍ و»خلفات»في إقليم كردستان ومشاريعه التي كان يمكن ان تكون في ذي قار نسخة افضل منها.
خسر رهط غير قليل من أعضاء مجلس المحافظة كراسيهم بسبب هذا الخذلان الذي مارسوه ببرود تجاه ابناء المحافظة ولم يعد يثق بهم احد أو بوعودهم ، صحيح كانت مناسبة الزيارة الدينية فرصة لعدد منهم كي يظهر بمظهر»الخادم»للشعب يوزع الماء وينقل السندويشات لجموع الزائرين ،لكن التظاهرات الأخيرة توضح بشكل جلي أن أحداً لم ينخدع بهذه الحركات امام الكاميرات، بل إن عددا كبيرا من الناس ذهبوا فعلاً الى أضرحة الأئمة والأولياء ليشتكوا الى الله ظلم هؤلاء واستمرار استخدامهم للمقدس في عملية الخداع الكبيرة هذه.
ذي قار هي محطة حاسمة ومهمة جداً في صورة الانتخابات النيابية القادمة ومنها ربما ستخرج أقوى التظاهرات التي تطالب المسؤولين بتنفيذ واجباتهم بعد ما شفطوا حقوقهم واستحقاقاتهم وامتيازاتهم بالضعف ولعدة مرات.
وهنا وجب على السياسي الذي يرغب في أن يطرح نفسه بمشروع إصلاحي أن يذهب الى ذي قار ويفهم من أهلها لغتهم الواضحة ...إنها كلمات واضحة جداً ..لن نكتوي مرّتين بخداع هؤلاء .