المنبرالحر

التهدئة وحدها لا تكفي !/ عبد الرزاق الصافي

كانت التهدئة التي اعقبت الاجتماع الذي انعقد في مكتب السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في اليوم الاول من هذا الشهر، تمثل الخطوة الاولى في الطريق الطويل المطلوب السير فيه من قبل جميع الاطراف المتصارعة ، التي اوصلت البلاد الى حافة الهاوية،لإستعادة الهدوء والامن والانصراف الى ملاحقة العناصر الارهابية والتخريبية التي استغلت الصراعات المذكورة لتصعيد اعمالها الإجرامية ، للحد الذي جعل شهري ابريل/نيسان ومايو/ايار من اكثر الاشهر دموية منذ ماجرى في عامي 2006 و2007. وكذلك من اجل الانصراف الى مكافحة الفساد ?لمستشري في جميع مرافق الدولة.
ويقيناً ان التهدئة المطلوبة التي رحبت بها اوساط الرأي العام العراقي لم تكن تكفي لوحدها لتطمين الرأي العام وازالة القلق الذي سببته الاعمال الارهابية التخريبية في الشهرين المذكورين التي اوصلت البلاد الى حافة الهاوية. ولذا ظلت الجماهير تترقب ما ستقوم به الحكومة والقوى السياسية المتصارعة من اجل معالجة خلافاتها وانهاء حالة التوتر السائدة في البلد ،سواء كان هذا التوتر بين الحكومة الاتحادية والحراك الجماهيري في المحافظات الست التي جرت فيها الاعتصامات او بينها وبين حكومة اقليم كردستان. ولذا استقبلت الجماهير بترقب ?شوب بالتفاؤل التطورات التي حصلت على المطالب التي يرفعها المعتصمون حيث اختفت المطالب التي حاول المندسون في الاعتصامات جعلها مطالب المعتصمين وجرى عزل هؤلاء المندسين ، والقبول بمبدأ التفاوض من اجل الاستجابة الى المطالب المشروعة وانهاء التوتر الذي سببته الاعتصامات . وكذلك الحال بالنسبة لتحرك الحكومة تجاه اقليم كردستان وعقد اجتماع مجلس الوزراء في اربيل يوم الاحد الفائت وما صاحبه من استقبال حار ولقاءات على اكثر من صعيد ومن بينها اللقاء بين رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، وما ج?ى الاعراب عنه من توجه لحل الخلافات بين الاقليم والحكومة المركزية عن طريق المفاوضات وتفعيل اللجان المكلفة بوضع الحلول للخلافات المذكورة.
ولم يقتصر التفاؤل الذي قوبل به التحرك الحكومي على الاوساط الداخلية وانما شمل اوساطاً خارجية مهتمة بالشأن العراقي مثل الولايات المتحدة الامريكية والامم المتحدة وغيرها من الاوساط المهتمة بالشأن العراقي. وكان مما لفت الانظار ما اعلنه رئيس الوزراء من ان هذا العام سيشهد اجراء الاحصاء السكاني الذي جرت عرقلته طيلة السنوات السابقة رغم استعداد وزارة التخطيط لإجرائه منذ سنوات .
ومن الكلام المكرر المعاد الذي تلح عليه الاوساط الديمقراطية ضرورة الاقدام على تشريع القوانين الهامة وفي مقدمتها قانون النفط والغاز وقانون الاحزاب وقانون الانتخاب الذي يلغي التعديل غير الدستوري الذي ادخله البرلمان في دورته السابقة والذي اباح اعطاء الالوف من اصوات الناخبين الى غير مستحقيها من القوائم الكبيرة ، وتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بالتغييرات السكانية التي اجراها النظام السابق وخصوصاً في كركوك والمناطق المتنازع عليها، وغير ذلك من القوانين المهمة .
ولا شك ان هذه المهمات تحتاج الى تعبئة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني وكل القوى الديمقراطية وفي مقدمتها القوى التي عقدت المؤتمر الشعبي في بداية هذا الإسبوع في بغداد فهذه التعبئة هي الضامن لنجاح المساعي لتصحيح مسار العملية السياسية من اجل العراق الديمقراطي التعددي الاتحادي الموحد المستقل.