المنبرالحر

جائزة نوبل واليسار/ عبد الجبار نوري

سميّت نسبةً الى صاحبها السويدي الفريد نوبل، وهو مخترع ومهندس وكيميائي مخترع الديناميت لاستعمالاته السلمية دخل في مجال الاستثمارات النفطية والتعدين في سواحل بحر قزوين سنة 1867 مع أخويه وجمع منها ثروة ضخمة- واخترع مادة البلاستيت وهي من جملة مساحيق المتفجرات العديمة الدخان- وقام بإنشاء 90مصنعا في السويد وخارجها لمجمل اختراعاته للديناميت والبارود ومادة البلاستيت وأستعملها في عمله واستثماراته في توسيع آبار النفط وحفر المقالع والمناجم للبحث عن المعادن. للعلم استعمل السويديون هذه الاختراعات في المجالات السلمية في شق الأنفاق ومد طرق المواصلات وتسهيل سير المترو وإكمال البنى التحتية، وذلك بترويض التضاريس المعقدة حيث تقف السويد اليوم في مقدمة الدول المتحضرة الاوربية للاستفادة من اختراعات الفريد نوبل السلمية.

عام 1888 توفي لودفيج شقيق الفريد نوبل حيث نعت الصحف خطا الدكتور الفريد نوبل بهذه الجملة "تاجر الموت ميت" وأضافت الصحف الفرنسية الواسعة الانتشار "الدكتور الفريد أصبح غنيا من اجل إيجاد طرق لقتل مزيد من الناس"، شعر نوبل بخيبة أمل مما قراءه وأرتابه القلق بشان ذكراه بعد موته بنظر الناس ففي نوفمبر 1895وضع نوبل وصيته الأخيرة لدى النادي السويدي- النرويجي في باريس، مكرسا الجزء الأكبر من ثروته لتأسيس جوائز نوبل وعادة تسلم الجائزة في احتفال رسمي في العاشر من ديسمبر من كل عام هو يوم وفاة الصناعي السويدي صاحب جائزة نوبل، حيث تسلم جائزة السلام في أوسلو وبقية الجوائز في ستوكهولم. وقيمة الجائزة عبارة عن شهادة وميدالية ذهبية ومبلغ مالي حدد في 1901 خمسة ملايين كرون سويدي ما يعادل مليون دولار أمريكي وأعطيت لأول مرة الى جان هنري دونان مؤسس الصليب الأحمر. ان تخصيصه لهذه الجائزة الكبرى محاوله منه للاعتذار الكبير من النخب الإنسانية عبر التاريخ البشري كله بان هدفه كان مساعده الإنسان وخدمته في المجالات السلمية.
من شروط منح الجائزة:
ان يكون الشخص على قيد الحياة رجل أو امرأة اسود أم ابيض.
تعطى للمبدعين في العلوم التطبيقية الأساسية لما فيها نفع للبشرية، الكيمياء,الفيزياء والطب
وقسم متعلق بالعلوم الإنسانية المتمثلة بالآداب.
وقسم يعكس جهودا متميزة لخدمة السلام العالمي.
وسأتحدث عن جائزة نوبل في مجال السلام لأهمية الجائزة في نبذ الحروب والحفاظ على الجنس البشري وبيئته ولها علاقة وطيدة بالتطور الحضاري للكائن البشري وبيئته على هذا الكوكب الجميل بالسلام فقط نحي ثقافة الحوار وخدمة المجتمعات البشرية في زمن الكوارث الطبيعية والبيئية وهذا عينه هدف كل المناضلين الذين يسعون دوما لتحقيق ما يسعد الإنسان بأممية متجاوزين الاثنية و المناطقية وإحياء صوت العقل لدحر صانعي قرارات الإبادة.

ثمة هاجس يؤرقني ويثير في شجون وشعور بالإحباط حين انظر الشروط ومتطلبات لجنة تحكيم جائزة نوبل وهو شعور مبرر نابع من أصل النوايا الحسنه للبحث في أعماق مساحة جغرافية التاريخ لأجد ما يقنع ذاتي والمتلقي الكريم هو اني اتفق معهم جزئيا مع بعض التحفظات لنطرح هذا السؤال
هل خضعت الجائزة للازدواجية؟
هل تأثرت لجنة التحكيم بمزاجات الدول الكبرى المتنفذة؟
نعم لقد خضعت الجائزة لتأثيرات شانها شان أي مؤسسه تتعلق بالرأي العام العالمي وقد منحت مرارا لمن لا يستحقونها وحجبتها عن أشخاص آخرين يستحقونها بجداره.
اذ كان من المفترض ولا يزال الاعتقاد السائد منذ عام 1901 عندما منحت الجائزة للمرة الأولى ان الجائزة تمنح وفق أسس ومعايير ثابتة عبر تقييم موضوعي دقيق بعيدا عن الانحياز السياسي والفائز بالجائزة بنظر لجنة التحكيم صاحب موهبة كبيرة ان لم يكن عبقريا وأفضل من بقية المرشحين ولكن الواقع يعكس غير ذلك ويخالف الاعتقاد الراسخ في الوعي الجمعي ففي ذلك العام كان احد ابرز عمالقة الأدب العالمي "ليف تولستوي"1828-1910 بين المرشحين ولكن لجنة التحكيم الملكية حجبت الجائزة عنه وأعطيت للشاعر الفرنسي"برودوم" قلما يتردد اسمه حتى في فرنسا ذاتها مع العلم احتل تولستوي منزله رفيعة كروائي وكداعية للسلام العالمي في روايات له كثيرة ولننظر ابعد حينما كان في تلك الفترة ثمة أدباء مرموقين أكثر من الشاعر الفرنسي برودوم مثل انطون تشيخوف ومكسيم غوركي والكساندر بلوك وأميل زولا وحينها قدم مجموعه كبيره من الكتاب ومثقفي اليسار احتجاجا الى لجنة التحكيم واتهامها بعدم التعبير عن الرأي العام العالمي.
ومنحت جائزة نوبل لمناحيم بيكن الإسرائيلي مناصفة مع السادات مصر وهذا جيد حين أوقفوا الاشتباك حسب المعاهدة المذلة "كامب ديفد" واتضحت لي هذه الحقيقة عن مفاهيم الغرب للسلام! "الجائزة لا تعطى الا لمن استسلم أكثر"حسب قانون الغاب سلطة القوي على الضعيف وبقيت إسرائيل للوقت الحاضر محتله ومغتصبه لأراضي غيرها.
ومنحت الأكاديمية النرويجية جائزة نوبل للسلام سنة 2009 للرئيس الأمريكي اوباما حيث كان القرار مفاجئا للجميع وهنا نتساءل ما الذي قدمه للسلام في العالم؟ أليست هذه بوارجه وأساطيله الحربية تجوب بحار العلم وسواحلها وترعب شعوبها!
يقول المعلق السويدي لصحيفة "افتون بلاديت" الواسعة الانتشار يا الهي لماذا يمنح باراك اوباما جائزة السلام؟ انه لم يفعل شيئا يذكر لحد الآن. وكتبت نفس الجريدة بمنشيت عريض"منح اوباما جائزة نوبل للسلام نكته" واكرر ان الجائزة للسلام وليست للسلاح.

لكي أكون منصفا وعادلا في تقييمي للجائزة أنها أعطيت أيضا لأشخاص حسب مقاسات التقييم النخب الخيرة وأصحاب الأيادي البيضاء الذين هدفهم السلام وخدمة البشرية وسوف اختصر في ذكر بعضهم من أمثال:
• كارل فون اوستيزيكي صحفي وناشط سلام الماني في عهد هتلر أعلن أفكاره الديمقراطية المضادة للنازية وسجن لنشره سباق التسلح الألماني لذلك حصل على جائزة نوبل للسلام في عام 1935.
• داغ همرشولد من السويد أمين عام الأمم المتحدة للفترة 1953-1956 لدوره المشرف في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر ولدوره الإنساني في حل مشكلة الكونغو.
• شيرين عبادي من إيران محامية ناشطة في حقوق الإنسان ووقفت بصمود ضد الظلم مدافعة عن حقوق الإنسان والمرآة وحصلت على جائزة نوبل2003.
• توكل كرمان من اليمن 32 سنه صحفية ناشطة في حقوق الإنسان نادت بالحرية والديمقراطية والسلام في اليمن منحت جائزة نوبل للسلام عام 2011 بمشاركة سيدتين من ليبريا وقد تبرعت بقيمة الجائزة للخزينة العامة للشعب اليمني حسب قولها هو من يستحق الجائزة.
ومن مؤسسات العالم منظمة الصليب الأحمر التي قدمت خدماتها الفعلية أثناء الحروب والكوارث الطبيعية وفازت بجائزة نوبل للسلام ثلاثة مرات خلال القرن الماضي "1917,1944,1963" وانصب جهودها الخيرة في زيارة أسرى الحرب المحتجزين المدنيين, البحث عن المفقودين, نقل الرسائل بين أبناء الأسرى وتوفير الغذاء والماء والمساعدات الطبية للمجروحين أثناء زيارة أسرى الحرب والمحتجزين المدنيين.
وأخيرا أتمنى ان تستأنس لجنة التحكيم للجائزة بخبير استشاري من نخبة اليسار التقدمي لكي نحصل على اختيار عادل قدر الإمكان أو الحد الأدنى وذلك قد نصل الى إسعاد هذا الإنسان الذي هو أثمن رأسمال.