المنبرالحر

فشل في بناء الدولة المدنية الحديثة/ جمعة عبدالله

تأتي محاولة اغتيال رئيس البرلمان ( اسامة النجيفي ) ضمن نطاق الفوضى العارمة والكاملة ، في المشهد السياسي ، الذي يتسم بصفات، التخبط السياسي بغموض الرؤيا ، وحملة التسقيط السياسي التي شحذت اسنانها بالحرب الاعلامية المجنونة والمتهورة ، بالصخب والصراخ و من كل الاطراف السياسية المتنفذة . وهي ضمن اجواء تفاقم وتأزم الازمات السياسية ، الى اقص درجات السخونة والحمى العالية ، وهي ثمرة لفشل المشروع الطائفي ( الشيعي والسني ) ، الذي فتح شهية الاطراف السياسية ، في السباق والتنافس واللهاث ، في سبيل الحصول على اكبر حجم من الكعكة العراقية ، حيث من اولى خصائله ، نهج الايقاع بالأخر وكسر عموده الفقري ، واخراجه من حلبة التسابق والملاكمة بوزنها الثقيل ، وذلك يكون من الطبيعي ، ان تنزلق البلاد الى تعمق الازمات والمشاكل ، وينحدر الى الدهاليز المجهولة ، والى المستنقع الاسن ، والركض نحو الطائفية وتبني مشروعها الشوفيني . ان العملية السياسية الهشة والكسيحة ، ابتعدت كثيراً عن المفاهيم الديموقراطية ، وتخلت عن المشروع الوطني ، الذي يبني الدولة المدنية المعاصرة ، الملتزمة بهوية الوطن ، الذي ينشأ الحرية والحياة الكريمة المستقرة والمتطورة ، لذلك من البديهي ان يمر المسار السياسي بخريف هالك ومتقلب ، طالما الاطراف السياسية المتنفذة ، تخندقت بالطائفية وصارت تتحكم في اسلوب تعاملها السياسي ، الذي احدث شرخاً كبيراً في تمزق النسيج الوطني ، وألحق الضرر والتخريب للوطن ، وزاد الطين بلة ، بان بعض هذه الكتل السياسية تمارس لعبة القفز على الحبلين ، في النهار مع الحل السياسي السلمي ، ومع الليل ترقص رقص الشرقي والجوبي مع المجموعات الارهابية بكل صنوفها ومسمياتها ، وتسد كل منافذ الحل السياسي ، والرهان على افشال الحلول ، بالخروج من عنق الزجاجة . وما ازمة الانبار إلا مثال صارخ ، على الفشل والعجز ، في ايجاد قواعد ومسلمات ثابتة للحل ، بل ان كل خطوة يخطونها ، هي انحراف لمسار الحل السلمي ، وتعميق للازمة اكثر خطورة ، بحيث باتت تهدد بالعواقب الوخيمة .
ان المشروع الطائفي ، الذي افرزته المحاصصة السياسية ، جلب البلاء والمآسي والمحن ، للوطن والمواطن ، الذي صارت حياته مرهونة على كف عفريت ، وصعب التفاهم والحوار والتواصل ، كأنهم في دول معادية ومحاربة ، وهم بهذا الشكل المخزي والمعيب ، يدمرون الوطن بمعاولهم الهدامة ، ويسدون منافذ الحل السياسي ، لان كل طرف سياسي يحاول ان يفرض شروطه بشكل كامل ، ولا يتنازل عنها قيد انملة ، وهم بذلك يقودون البلاد الى شفا حرب اهلية .
ان الاحزاب الطائفية ، اثبتت من تجربتها السياسية ، بانها غير مؤهلة لقيادة العراق الى بر الامان والاستقرار ، ولم تعد قادرة على حل المشاكل والازمات العويصة ، وغير جديرة بالثقة والاحترام والاختيار والمسؤولية ، لانهم شطبوا الهوية الوطنية ، وصار الوطن معرض اكثر من اي وقت مضى ، الى خطر التقسيم والتفكيك والتشرذم . لذا فان الانتخابات البرلمانية القادمة ، ستكون حاسمة ، في اي اتجاه سيسير ويخطو العراق . وماذا سيختار الشعب في صناديق الاقتراع ؟ واية كفة سيختار الوطن ام الطائفية ؟ ، كل خيوط الحل بيد المواطن الناخب ، هو وحده بإرادته سيحسم القرار النهائي ، وهو وحده يمتلك حرية الاختيار لسفينة العراق . رغم ان الاحزاب الطائفية ، تملك كل الوسائل المتوفرة من المال والاعلام ونفوذ الدولة وامكانياتها ، وكذلك لديها قطيع من الجوقات الموسيقية المهرجة بالمدح والتمجيد والتعظيم ، والطبل والرقص الشرقي والجوبي ، و ( على حس طبل خفن يارجليه ) وهناك ذمم ونفوس ضعيفة مستعدة ان تبيع شرفها وكرامتها ، مقابل حفنة من المال . رغم هذه المعوقات بـ ( تقريد ) المواطن ، فان الشعب يملك القرار النهائي في الحسم ، اما نحو الدولة المدنية المتحضرة ، او نحو الدولة الطائفية الشوفينية.