المنبرالحر

الشهيد الرفيق صادق جبر الموسوي ..اكلته كلاب البعث/ علي عرمش شوكت

الشهيد صادق جبر، ابن عامل سكك، وكان طالب متوسطة، رشح الى الحزب بتاريخ 31 / 3 / 1962، في تنظيم الحزب بمنطقة العطيفية بغداد الكرخ، وكان عمره آنذاك قد اكمل السابعة عشر عاماً، ولكونه طالبا فكان ينبغي عليه انتظار تسعة شهور لكي يصبح عضواً في الحزب وفقاً للنظام الداخلي،وعند انتهاء الفترة، طالب بعضويته، الا ان رفاقه آملوه لشيء من الوقت، الا انه لم يقتنع فجاء الى بيتنا. فضيفته والدتي لمعرفتها به وبعائلته، وكان غرضه ان يرافقها في زيارتها لي في المعتقل، وبالفعل جاء برفقة الوالدة الى معتقل سراي بغداد في القشلة، حيث نُقلت من مديرية الامن العامة في العلوية الى هذا المكان التعيس، وذلك لزحمة كافة المعتقلات التي ملأت بالمعتقلين الشيوعيين.
زارني بتاريخ يوم الخميس المصادف 7 / 2 / 1963 وكانت غايته هي المطالبة بعضويته التي تأخرت اكثر من شهر، وكان يعتبر التاخير اجحافاً بحقه، ويرى ببعض رفاقه في خليته ومنهم الشهيد "عواد حريجة" لا يختلفون عنه وقد نالوا عضوية الحزب، وعاتبني بانني وعدته حين ترشحه بان منظمة الحزب من المحتمل ان توصي بمنحه العضوية خلال ستة اشهر، لكونه من عائلة عمالية ، ويعمل في العطل كعامل بناء لمساعدة عائلته. فطمأنته وبينت له بانني معتقل وليس لي بالامر حيلة، ولكنني قلت له ساوصي بعض رفاقي الذين يزورونني بمتابعة حقه في العضوية، كما بينت له بان ذلك ليس من شأني لكوني معتقل. وعليه الانتظار.
ذهب وهو مرتاح للوعد الذي اعطيته له، ووعدني بالزيارة كلما زارتني والدتي، الا ان اليوم التالي كان اليوم الاسود في تاريخ العراق، لا بل الاكثر سواداً واجراماً، الا وهو يوم الجمعة المصادف "ثمانية شباط" حيث الانقلاب الفاشي الذي نحر ثورة تموز، واباد انصارها وقائدها والافا من المناضلين الشيوعيين تحديداً، كثمن لاجرة القطار الامريكي الذي اتى بالانقلابيين البعثيين الفاشست.. فاين اصبح البطل صادق..؟ ففي الشهر السادس من نفس عام الانقلاب، وبشجاعة باسلة. تسلل الرفيق الباسل الى داخل بناية متوسطة القادسية في العطيفية، وكان يوم عطلة، وبمساعدة حلقة من اصدقائه وبعض من رفاق خليته ومنهم الشهيد "عواد حريجة" - وكما ذكر لي هذا الشهيد عندما التقيته في سجن نقرة السلمان- بانهم دخلوا ليطبعوا بياناً باسم اللجنة المركزية الجديدة للحزب، وكان يبشر بسقوط نظام البعث خلال شهر. وعندما سألت الشهيد عواد عن علمهم بانتفاضة الشهيد " حسن سريع " التي قامت بعد شهر من ذلك التاريخ، اجابني بالنفي، وعلى اثر توزيع البيان الذي استنسخ برونيو المتوسطة بعشر نسخ فقط ، وطلب من كل احد يصله البيان ان يستنسخه ويوزعه (وله اجر عظيم من الشعب العراقي). فقامت قيامة البعثيين واستنفر الفاشيون كل اجهزتهم وبخاصة جماعة المجرم " طالب شبيب " احد اركان الانقلاب والذي يسكن منطقة العطيفية.
لا يعلم احد كيف استطاع الحرس القومي الوصول الى الشهيد صادق والقبض عليه، بعد انتفاضة ثلاثة تموز في معسكر الرشيد، ونقله الى معتقل ملعب الشعب في المنصور، وهناك تم التحقيق معه، فلم ينكر بانه الذي طبع البيان، ووزعه بمفرده، وعندما سئل عن من الذي وجهه قال: ،الحزب وجهني، واجاب عن من هو الحزب قال: الطبقة العاملة وكل الكادحين الفقراء، ومن يقود هذا الحزب وسكرتيره اعدم ..؟، قال: انا اقوده، وزاد في ذلك بانه سلام عادل الجديد.
وقد روى لي احد المعتقلين معه ومن نفس المنطقة واسمه" قاسم نعمة " وكان شاهداً على تعذيبه: بان كل من الجلادين المجرمين، ناظم كزار ، وصباح المدني ،وخالد طبرة، ومحمد فاضل، وعمار علوش، وغيرهم من مجرمي البعث، كانوا يجبرون المعتقلين على مشاهدة فصول التعذيب التي تعرض لها الشهيد صادق. حيث حُفرت له حفرة في وسط الملعب ودفن حتى الحزام، واطلقوا عليه كلاب جائعة، وعندما كان يقاوم نهش الكلاب بصوته ويصرخ عالياً( انه سلام عادل.. وان البعث سيسقط بعد شهر)، الامر الذي كان يزيد من شراسة الكلاب وشراسة الجلادين على حد سواء، مما حول نصفه الظاهر فوق الحفرة الى عبارة عن هيكل عظمي كما قطع عنقه ايضاً، وكان الجلادون كأنهم في عرس فرحين.
اين العدالة في العراق اليوم ..؟، وهل تمت ملاحقة جلادي انقلاب شباط الفاشي..؟ وهل "المساءلة والعدالة" اليوم تلاحق المجرمين الحقيقين من بعثيي ذلك الفصل الدموي..؟ ومن هم اصحاب المقابر الجماعية الاوائل غير الشيوعيين والديمقراطيين، حيث بدأت صناعة تلك المقابر، منذ انقلاب ثمانية شباط الاسود عام1963 . فهل يتعظ الحاكمون..؟