المنبرالحر

خدوجة العظمى / ابراهيم الخياط

الأمم المتحدة عرفت (العنف ضد النساء) بأنه «أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب باحداث ايذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في اطار الحياة العامة أو الخاصة.»
وللعنف ضد المرأة تاريخ يرتبط بتاريخ المرأة فقد عدّت تابعا للرجل أو ملكية له منذ نشوء الطبقات والدولة والظلم، واختلف وتباين هذا العنف بين مجتمع ومجتمع، وبين بلد وبلد، ففي أمريكا كانت المحاكم تعترف بقانون ينص بأن للزوج حقا في معاقبة زوجته المخطئة، بينما في بريطانيا كان هناك حق تقليدي للزوج في الحاق أذى جسماني (معتدل!) بالزوجة بادعاء الحفاظ على أدائها لمهامها.
وفي تاريخ العرب فان أبشع عنف وجه ضد المرأة، جاء على مستويين، عملي واعتباري، أما العملي فهو الوأد الذي في لغة العرب يعني دفنها صغيرة في القبر وهي حيّة، وكان الوأد سائدا بين قبائل العرب قاطبة وكان يستعمله واحد ويتركه عشرة، ويقال ان أول من وأد هو قيس بن عاصم المنقري التميمي، وقد وأد ثماني بنات، وكان قيس من وجوه قومه، ومن ذوي المال، وفي سنة غزا النعمان بن المنذر بني تميم فسبى ذراريهم، فأنابه القوم وسألوه أن يحرر أسراهم فخيَّرَ النعمان النساء الأسيرات فمنهن من اختارت أباها فردَّها لأبيها، ومن اختارت زوجها فردَّاا لزوجها، إلا امرأة قيس بن عاصم فاختارت الذي أسرها فأقسم قيس أنه لا تولد له ابنة إلا قتلها فكان يقتلهن، واستبشع القرآن هذه الفعلة الدنيئة بل الجريمة بآيتين من سورة التكوير: (وإِذا المَوءودة سُئلتْ * بِأيِّ ذنبٍ قـُتلتْ).
وأما المستوى الاعتباري لبشاعة العنف ضد المرأة في تاريخ العرب، فيتجلى بان متشددين من أهل النحو والصرف قرروا «لو كان هناك حشد من النساء يبلغ عددهن المئة وبينهن امرأة حامل فيجب تذكير مخاطبة هذا الجمع، فقد يحتمل أن يكون الجنين في بطن المرأة ذكراً!»
وقيل، ونعم القول أن وراء كل عظيم امرأة، وفاتهم أن يصححوا الحكمة بأن وراء كل عظيم إمرأة عظيمة، عظيمة وليست عظمى، فـ «خدوجة بن مناصير» لله درّها وقفت مرة في حضرة محكمة الأحوال الشخصية بالعاصمة الليبية، ولما سألها القاضي عن اسمها، أجابت فوراً:
ـ خدوجة العظمى!!
استغرب القاضي من الاجابة، وقال لها: ولماذا العظمى؟
فقالت: ان أمريكا لمرة واحدة ضربت ليبيا فأصبحت الجماهيرية العظمى، وأنا زوجي يومية يضربني خمـس مرات باليوم!! فعليش ما أصير خدوجة العظمى؟!