المنبرالحر

من البط الى البكتريا الى الارهاب / محمود جدوع

تقع السينما الهوليودية في طليعة الوسائل التي تعتمدها الولايات المتحدة لترويج أفكارها ، ومبادئها الخاصة ومصالحها بأعتماد فكرتهم الشريرة بأن الابادة الجماعية بأشكالها المخنلفة هي وسيلة (تبدو وحيدة ) لتقليص سكان الارض والذي تؤكدها الأدبيات العنصرية الصادرة في أمريكا وجوهر هذ ه الأدبيات والدراسات ترى ان الأرض كوكب لايتسع للجميع .
وأنها ملك وارث للمتمتعين بجدارة الحياة ويجب أن تكون الكرة الارضبة وقفا على الاقوياء جدا وخاصة اذا كان لون عبونهم زرقاء حسب المفهوم الأمريكي، وهذا العالم بات التنافس فيه مسعورا على حيازة القوة القصوى وجعلها سبيلا للبقاء والسيطرة،علما بأن هذه الافكار ليست فقط وليدة الحروب الاستعمارية وهذه الافكار لاتزال مستمره حتى اليوم وما رافقها من افكار ذات صبغة علمية كـ(الاصطفاء الطبيعي) الذي يفسر فناء الانواع والكائنات الاضعف،بل ترتد وتتلاءم مع افكار أبعد عمقا وغورا في التأريخ، فمما يروى عن التربية العسكرية الصارمة في اسبارطة القديمة بأن المواليد الذكور كان يتم رميهم في العراء يوما كاملا ومهما كان الطقس فمن يبقى منهم حيا يعد؟ جديرا بحياة عسكرية مبتغاة، ومن يموت يموت بكل بساطة . والحالة الأبرز في هذا السياق قائمة في مزاعم " اليهود "، وذلك بجعل أنفسهم (شعب الله المختار) وأن بقية الأمم والشعوب خلقت فقط لخدمة المختارين، ولاتقف فكرة افناء الأضعف والأدنى على الحيوات العضوية، بل تتجاوزها الى الاطر الثقافية الحديثة، ففي عالمنا المعاصر تنقرض لغة كل خمسة عشر يوما لمصلحة اللغات التي تستعملها كتل سياسية واقتصادية وعسكرية جبارة .
لقد أعتمدت القيادات العسكرية الامريكية في حرب فيتنام جملة من الوصايا (شبه المقدسة) التي زودت بها المقاتلين، بأنهم ذاهبون
لاصطياد (البط) ويؤكد القادة الميدانيون أن المقصود بالبط المرشح للاصطياد هو كل شئ يتحرك، من بشر أو حيوان أوشجر، وحتى لو صدرت هذه الحركة من طفل يتحرك في حضن أمه فالواجب قتله،و أخماد حركته، لأن الطفل (حسب وصايا القادة) يمكن أن يكون محشوا بالمتفجرات . ولذلك يقتضي الواجب العسكري الأمريكي قتله فورا، بالأضافة الى قتل المئات بل وعشرات الآلآف،والملايين ان اقتضت الضرورة في اطار ماسمي لاحقا بالحرب الاستباقية، وذلك لمنع تعرض أي جندي من الجنود لأي خدش محتمل. واليوم، في ظل الحاجة الأمريكية الى المزيد، والمزيد من الأبادة الجماعية للبشر كما جرى في العراق وافغانستان واليمن..الخ
لم تعد تسمية البشر بالبط تسمية مناسبة لاشباع الرغبة الأمريكية التاريخية بالابادة، ولم يعد قتل البشرعلى طريقة قتل الحشرات في المطاردات البوليسية اليومية بطائرات بدون طيار كما في اليمن وباكستان وافغانستان وما تيسرمن هذه العمليات التي لاتمت للبشرية بأي صلة،علما كما هو معروف تعرض هذه الجرائم على ملايين البشر من خلال شاشات التلفزة في مختلف اصقاع الارض لم يعد هذا القتل كافيا، لأن قتل.
الحشرات (أي البشر) يمكن أن يخلف أعباء ذات صبغة اخلاقية وفقا للتصور الأمريكي للأخلاق ولذلك أطلقت الثقافة الأمريكية العنصرية بأفضل أشكالها وهي (السينما الهوليودية ) على العدد الفائض من البشر للأبادة تسمية (البكتريا) في اطار يبدو عقلانيا، وأخلاقيا أيضا وذلك حسب الفهم الأمريكي للأخلاق كما هو معروف ومفاده أن البكتريا وسواها من الكائنات الأدنى، لا تعبأ باستنفاذ المصدر الذي تتطفل عليه، حتى لو أدى ذلك الى نهايتها الحتمية بنهاية موارد رزقها ( حبة فاكهة أو جثة انسان) فحين ينتهي البدن المضيف تموت البكتريا، وتفنى تلقائيا،اذا لم تحصل على مصدر بديل ولا يشبه البكتريا من هذه الناحية سوى الانسان الذي يستنزف ثروات الأرض، ويعمل بدأب سريع على استنفاد هذه الثروات، وعندما تنتهي موارد كوكبنا بفعل الاستنفاد المتعاظم لها، بما في ذلك الأوكسجين،بعد ذلك ينتهي الجنس البشري بشكل تلقائي، مع نهاية ما يتطفل عليه من البكتريا من غير حساب، والنتيجة المطروحة حسب الزعيم الامريكي الرسمي تقع ضمن احتمالين لا ثالث لهما : يقتضي
الأول أن نقبل بحتمية فناء البشر مع فناء مصادر الكوكب بشكل سريع يفوق أي تصور، ويقتضي الثاني تقليص أعداد البشر بصورة حاسمة، والتعامل مع مجاميعهم على طريقة التعامل مع البكتريا والتي تنحصر في سبل مقاومتها وفي ابادتها الكلية، بما في ذلك ابادة ما يستضيفها من جغرافيا، وموارد اقتصادية، وأوطان، من غير تمييز بين بكتريا وبكتريا، وهذا ما يحدث اليوم على مستوى العالم والذي تسعى أمريكا الى تدميره بطرائقها المعهودة وأخر فنونها (الهوليوديه) في تدمير هذا العالم الجميل هو الارهاب العابر للحدود بكافة أشكاله وهو معروف والحمد لله في منطقتنا.وهذا الارهاب امتداد حقيقي لفكرهم التدميري للبشرية.