المنبرالحر

بمناسبة عيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي..عام 1970..نظرة شخصية/ كاظم عبود

 

ازدحم عام 1970باحداث كثيرة كما ونوعا وكان عام نشاط بعناوين مختلفة:فهو عام نشاط محموم من جانب السلطة لتفتيت القوى المتنامية وتشتيت تركيزها على اختيار برنامج واقعي للمرحلة التي اريد لها ان تكون جامعة وموحدة.نجحت السلطة في تثبيت كرسيها على ارض صلبة وقوية، بواسطةعلاقات واصدقاء جدد ..اختارتهم للمرحلة الجديدة التي رفعت لها اذان صلاة الجماعة في ملعب الكشافة.
اكدت السلطة في خطاب الكشافة بانها لا يمكن ان تتقاسم الكعكة مع افواه اخرى، حتى مع تلك التي حملتها خلفها على حصان!.- ومدت يدها لسرقة الخرج-،ولكنها في ذات الوقت كانت تملك وجوها متعددة كثيرة تستعين بها للمحافظة على الفم الواحد للهضم!.
احتفل الجميع بصدور بيان 11 اذار الذي اقر الحكم الذاتي للاكراد،وكان التعبير عن الفرح بالمناسبة هو خروج المناضلين للتظاهر المعبر عن تاييد الخطوة الهامة على طريق نيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي المكافح. كان الاكراد في المظاهرة-الفرع الخامس- يقفون في المقدمة وبعدهم وخلفهم مناضلو الحزب الشيوعي، وما هي الا دقائق اتى بعدها الضرب والركل وتفريق مظاهرة الشيوعيين وعلى مرآى ومسمع من الكرد، ولعل الكثير من المشاركين لا يزالون شهود اثبات على الحالة المتناقضة والتي لايفهمها محللو السياسة ، ويفهمها فقط العراقي البسيط الذي يقرأ الممحي،ولم تستطع القيادات السياسية قراءة احرفها بطريقة التزبير- طريق قراءة تشرح موقع الحرف والكلمة من الاعراب-.
وظل العام يشهد تحرك الحكومة لتمتين العلاقة مع الكرد وضرب جناح الحركة الوطنية بقسوة تحت الحزام وهي الطريقة الممنوعة في الرياضة النبيلة.
قامت الحكومة باعمال اجرامية لا تليق بالسياسيين ..فقد اقدمت على تطبيق ما تبقى من برنامجها الشباطي باخلاق جديدة- وجه ممكيج وروح كالحة- حينما اغتالت الشهداء الابطال:ستارخضير ومحمد الخضري وشاكر محمود وعبد الامير سعيد وجواد عطية وكلهم من الوجوه القيادية المتميزة بالنشاط والمثابرة والاخلاص والعزيمة، وفي نفس الوقت اخذت تقوم بالتامر للايقاع بمناضلي الحزب في دوامة الخلاف والصراع الداخلي حول الموقف منها.
وقامت في هذا العام ايضا بهجمة شرسة اكدت فيها ان الماء لايروب ابدا، وا ن سحنتها المريضة ترفض ان تتشافى من اساليب الغدر الجبانة.فتحت اقبية الامن واعادة اساليبها في التعذيب واعادة قصر النهاية وعمرته من جديد بالدماء الزكية ويمكن ان نشير لبعض القضايا التي تعارفنا على تسميتها:قضية حسين سلطان،قضية توفيق احمد وزجت على اثرها بكثير من المناضلين في السجون والمعتقلات،وهو فعل يناقض ما قامت به في اعوام 1968و1969حين افرجت عن المعتقلين وتبنت سياسة خارجيه وداخلية تحافظ في عموم شعاراتها- على المصالح الوطنية والقومية - ولا يفوتنا ان نشير الا ان الحزب الشيوعي كان قد وضع عام1969 على طاولة الحكومة ميثاقه الجبهوي،لكنها لم تناقشه..بل انتظرت بكل خبث لتدرس مع اصدقائها تجارب الجبهات والعمل الجبهوي الذي لا يصلح لوضعنا العراقي وتستطيع ان تفرضه بميثاق وحيد للمباحثات.بقى الحزب محافظا على احترام العلاقة مع الحكومة، حتى ان مناضليه كانوا يحضرون مأتم تعازي شهدائهم وفي نفس الوقت يحضرون المباحثات الجبهوية.وعام 1970 عام مفعم بالنشاط الوطني المتميز للحزب الشيوعي العراقي الذي اعاد فيه حيوية اتحاداته وروابطة المهنيه والديمقراطية لتزرع معاني التفاهم والوحدة والتقارب بين مكونات المجتمع العراقي، حتى ان النظام بكل قوته وجبروته وامواله لم يكن ليستطيع القيام باية فعالية جماهيرية وطنية تقترب من النوعية في الاعداد والادارة والتحشيد والاداء والاخراج الذي يقدمه الشيوعيون. كان عيد نوروز في صدر القناة اول الشواهد التي طيرت عقل البعث العفلقي، رغم ان المهرجان لم يكن معدا من قبل احد بطريقة مركزية بل شعبية في المشاركة والوان الحضور وحلوى المحبة والتسامح والوحدة والمشاركة العائلية الكبيرة للمتفائلين التي ترسم الفرح وتهتف للوطن ،كانت هي المزايا الواضحة التي تسعد السائرين نحو التطور والتقدم لبلدنا الحبيب ،وتؤرق ليل الطوارق المجرمين.
لقد قدم المبدعون الوطنيون في هذا العام ايات من الابداع الثقافي والفني والرياضي وبظل ذلك التالق ولاجله اصبحت تلك الفترة تعرف- بالالق السبعيني-.
دخل التقدميون في كل مكان وحتى للاماكن التي قفلها البعث ليلونوا الانتاج التنويري والريادي بالوان وطنية زاهية. انفعل العفالقة حين عرفوا انها لا تليق بمقاساتهم ولا تناسب ذوقهم الردىء، فتصدوا لمقاومة الجديد باساليب حليمة القديمة. جاءت من الجنوب الحان ورقصات واوبريتات تحث على العمل والاتحاد وابراز دور الكادحين في مسيرة بناء الوطن والحث على التكاتف من اجل البناء والسعادة. وقدمت الفرق المسرحية البغدادية والعراقية اعمال متقدمة عراقية وعالمية وحظى المسرح بحضور جماهيري كبير، وتنفس التشكيل والرسم برئة الذائقه المتطورة ويصح ذلك على مهرجانات الشعر والادب التي اقيمت في انحاء الوطن بذوق رفيع عالي المستوى. ولا يمكن لاي عراقي ان ينسى الاصوات والالحان والاغاني التي نقلت المواطن الى شواطئ الامل وحاولت ان تغني بفرح رغم الجراح وان تصل الى النجوم رغم البعد وان تضع ايدي الفلاحين على المساحي والفالات لاجل تطوير الزراعة والاهتمام بالارض.
وتصدى الرياضيون للرياضة الشعبية ودخلوا مراكز الشباب رغم المحاذير وكونوا علاقات متشعبة حرصت على بناء رياضي يحلم بالتقدم ووضع الرياضه على سكة المسار السليم. وشهد عام1970 تالق المنتخبات الوطنية في ملاقاة منتخبات مصر ولبنان وكوريا والمانيا وبولندا ويوغسلافيا وفرق من روسيا ومن المنطقة.
كان الشهر الثالث يعج بالاحتفالات:عيد المراة، ونوروز،والصحافة وينتهي باخر ايامه بالذكرى 36 لتاسيس الحزب.
ويبقى عقد المؤتمر الثاني للحزب في دركله ابرز علامات التعافي ثم انتقاله الى ما يشبه العلنية بعد عمر طويل في درابين العمل السري كفعل راود مخيلة المناضلين منذ فترات طويلة رغم الاختلافات في الرؤية والرؤى.
ولم يمر الشهر الرابع دون ان يكون الثاني والعشرون منه محطة لاحتفالنا بالعيد المئوى لميلاد فلاديمير اليتش لينين في بيت المناضل المرحوم الزنبوري،رحمة الله هو وذريته من الشهداء والاموات الذين افتقدناهم وهم يسيرون على طريق البواسل.
كانت المفاجاة لي عندما التقيت بشيوعيين اجانب رغم قلة العدد وضيق المكان لكن القلوب كانت كبيرة تسع الحب والفرح، من بين الحضور كان مدربي ومترجمه الخاص ،ذلك الحدث ترك انطباعا لايمحى من ذاكرتي وانا اعيد تشغيل فلم عام 1970في كل احتفال بعيد الحزب الشيوعي العراقي المجيد. مجدا للشهداء الابرار وكل عام وانتم بخير.