المنبرالحر

رسالة الى المرجعية ورجال الدين/ مازن الحسوني

لماذا هذه الرسالة ولِمَ أوجهها الى المرجعية ورجال الدين؟ الجواب بسيط لأن المرجعية وهؤلاء الرجال وحدهم مَن يتحكم بالشارع العراقي الآن بعد أن عجزت الدولة في أن تحتوي كل أبناء شعبنا في وعاء واحد اسمه العراق، سواء كان هذا التحكم مباشرًا، لدور هذه الرموز الدينية في المجتمع أو من خلال كونها راعية لأحزاب سياسية بيدها أمور سلطة البلد.
مضى على الخلاف الشيعي-السني ما يزيد عن 1400 عام، وكان جوهره مبنيًا على من يحق له السلطة (الخلافة) بعد وفاة النبي محمد والمال. رغم أن الكثيرين كانوا ومازالوا يحاولون أن يعطوه بعدًا آخر. ونتيجة لهذا الخلاف الطويل الأمد راح آلاف الضحايا من الطرفين، وتعمق الخلاف ليشمل نواحي كثيرة لا دخل لها بجوهر المشكلة، مثل طريقة الصلاة، ألاذان، مواعيد المناسبات الدينية (بداية شهر رمضان،العيد) وغيرها من الخلافات التي لم تزد أبناء الدين الواحد سوى الحقد والكره وسوء النية بكل عمل من الطرف الآخر حتى بات الطفل منذ أيامه الاولى يفهم أن المذهب الآخر عدوه الأول قبل أي عدو مفترض في هذه الدنيا.
وبالتاكيد من يغذي هذه الأحقاد ويشعل البغضاء للطرف الأخر هم ليسوا عامة الناس بل هم رجال الدين الذين يريدون الارتزاق على هذه الخلافات.
من المعلوم أن ثوابت الدين لا تتغير، مثل عمل الخير والصدق ومساعدة المحتاج واحترام الآخرين... الخ من الثوابت التي يجدها المرء في كل الآيات القرآنية وأحاديث النبي وصحبه، ولكن ثوابت السياسة متغيرة حيث تخضع هذه الثوابت للمصالح، مثلاً أن أمريكا التي كانت العدو الاول للمسلمين لكونها تدعم أسرائيل بكل شيء، وجدناها الآن الصديق الأقرب لقوى الاسلام السياسي في بلدنا، كذلك تحولت سوريا من بلد راعٍ للإرهاب جرى السعي للشكوى ضده في مجلس الامن لدور النظام هناك في التصعيد داخل العراق، الى بلد حليف يحظى نظامه الآن بدعم غير محدود الآن من الحكومة والأحزاب الدينية وهناك الكثير من الأمثلة.
لهذا يفرض سؤالي نفسه أليس من الأجدى لرجل الدين الحفاظ على قيمته الدينية والاجتماعية من خلال تمسكه بثوابت الدين فقط، هذه الثوابت التي لا تتغير وبالتالي لا تتغير نظرة الناس الى مكانة رجل الدين والابتعاد عن السياسة وتركها لأهلها لكي تذم من لا يعمل لأجل مصالح البلد والعكس لمن يعمل لخير البلد.
ألم يحن الوقت لأجل التركيز في كل خطب الجمعة على ما هو جيد ومشترك مع المذهب الآخر والابتعاد عن المواضيع التي تثير الكره والحقد بين أبناء الدين الواحد؟
ألم يحن الوقت للتخلي عن إطلاق أسماء ونعوت مثيرة للكره والحقد على الطرف الآخر من قبيل (روافض ،نواصب... الخ)؟
ألم يحن الوقت لأجل أن تتفقوا على زرع المحبة والمودة بين أبناء المذهبين من خلال توحيد أيام رمضان والعيد والأذان وووووووو وكل شيء عملي يشعر الطرف الآخر بأن لا فرق بيننا حتى وإن أختلفت رؤيتنا لأحداث جرت قبل ما يزيد عن 1400 عام؟
ألم يحن الوقت لنرى رجال ديننا معززين وذوي مكانة اجتماعية مهما اختلفت الجهة التي تحكم البلد مثلما للفاتيكان من مكانة، بعد أن يبتعدوا عن السياسة ويتجهوا لأمور الدين فقط؟.
ألم يحن الوقت لأجل أن تهتم المدارس الاسلامية التي تخرج رجال الدين بالمناهج التي توحد أبناء الدين الواحد وتبتعد عن نشر الكره والحقد وتشويه صورة المذهب الآخر؟
ألم يحن الوقت لتغيير النهج العدائي الذي يمارسه الكثير من رجال الدين في في القنوات الفضائية على الدوام للمذهب الاخر؟
ألم يحن الوقت لأجل أن تكون مراسيمنا الدينية والطائفية (أيام عاشوراء، فرحة الزهراء، مقتل عمر ابن الخطاب... الخ) تكرس لأجل توحيد أبناء الدين الواحد من خلال نبذ أحقاد الماضي وتناول التاريخ بطريقة نحن أبناء دين واحد وما جرى في الماضي لا يجب أن يجعلنا أعداء على الدوام؟
ألم يحن الوقت لتقولوا للجميع أن لا وكيل للإله على الأرض وإنما أنتم ناشري رسالة الدين مثلما قال النبي محمد (اللهم أشهد اني بلغت الرسالة) أي من يريد أن يقتنع بها أو لا فحسابه عند الإله وحده، وبالتالي لا يحق لأي إنسان محاسبة الآخرين عند عدم القناعة برسالة النبي محمد؟
ألا تكفي هذه الدماء التي تسيل كل يوم في بلدنا من خلال هذه المشاكل الطائفية؟
ألم يحن الوقت لأجل أن تدركوا أن الارهابيين من كلا الطرفين يعتاشون على هذه الأحقاد وبالتالي أنتم تساعدونهم من خلال نشر أفكار الكره والحقد والتحريض ضد المذهب الآخر؟
أتمنى أن تجد رسالتي هذه صدى لدى عقلاء الدين من كلا المذهبين وأجد رموز الدين في بلدي تحظى باحترام واعتزاز الجميع من خلال تغيير دورهم الاجتماعي في حياة الناس والالتزام بثوابت الدين الجيدة.