المنبرالحر

في سفر النضال/ احمد عبد مراد

تنتابني الذكريات ويعتصر في قلبي بعض منها، وكم حاولت تجاوزها اوالعبور عليها ولكنها اعترضتني .. لماذا ؟ لانها ليست ملكي وحدي بل هي جزء من حياتي وحياة الاخرين .. انها جذوة النضال ضد الظلم والقهر والاستبداد.. عندما تهب نفسك قربانا لشعبك وحزبك، فانت لا تفكر بما سيحل بك جراء انخراطك في مسيرة نضالية محفوفة بكل المخاطر.. مسيرة تختلف كل الاختلاف عن مسيرة الصالونات النضالية المترفة المدفوعة الثمن والليالي الحمراء التي ينسى فيها اصحابها عندما يصحوا صباحا ماذا دار بينهم وعلى اي شيء اتفقوا بعد ان سهروا على انغام ( هل رأى الحب سكارى مثلنا) سألني احد اقاربي بعد الاطاحة بنظام البعث الفاشي ؟ كم هو راتبك في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وماذا سيكون منصبك وموقعك الان؟.. حصل ذلك في العام 2004 عند عودتي للعراق بعد غربة دامت 25 عاما ابتعدت فيها قسرا عن وطني وشعبي وعائلتي ؟ عندها شعرت بالبؤس والكآبة والحزن العميق كيف لا وقد ينظر لك الاخرون انك انسانا مأجورا وليس مناضلا من اجل الشعب والوطن تصوروا مدى الصعوبة بكيفية فهم هذه النماذج وكم هي صعوبة افهامهم بجوهر نضال الحزب الشيوعي واهدافه ومبادئه ولماذا انشئ وضد من يناضل ومن هم اعضائه ومناصريه ومن اين يستمد قوته وكيف يستحصل وارداته؟.. اردت ان اجيب واقول لهذا الفتى، حديث العهد في العمل السياسي والذي ولجه ضمن اساليب حزب البعث والاحزاب التي على هذه الشاكلة التي تدفع مقابل الانتماء اليها، ولكني اقتنعت ان امثال هؤلاء لا ينفع معهم الحديث.. عندما تسلمت النظام الداخلي وبرنامج الحزب الشيوعي، في بداية المشوار قالوا لي اعلم ان طريقنا ليس مطرزا بالورود وان ما انت مقدم عليه طريق محفوف بالمخاطر، وان ترفع صوتك هاتفا بسقوط رأس المال وجبروته ليس سهلا .. وان تهتف بشعار يا عمال العالم اتحدوا ثمنه باهظ وان مسيرة النضال ليست نزهة وقدر انت كم ان طريقنا صعب ! هنا يكمن مجد المناضلين الحقيقيين حاملي راية معادات الاستعمار والاقطاع والرجعية.. ويظهر معدن الرجال المتمسكين بفكر الحزب واهدافه النبيلة .
واليوم يتصدى الحزب الشيوعي لمهمات نضالية غاية في الصعوبة والتعقيد وفي ظروف تشابكت فيها المهمات الوطنية السياسية والطبقية وفي مرحلة استعصى فيها فهم المواطن البسيط في التمييز بين الشعارات والاهداف الحقيقية الصادقة واصحابها وبين تلك الشعارات المسلفنة بالواجهات المذهبية والطائفية والعشائرية والجهوية.
ولكن ومع كل اشكال الخداع والتستر وراء تلك الواجهات فان الواقع مر وان الجماهير لا تستطيع تجرعه ولذلك خرجت منتفضة هاتفة ( شلون انأمن بيك وانت البايك بيت المال.)