المنبرالحر

المعقول وغير المعقول في مشهدنا الراهن !/ عدنان منشد

للفنان الاصيل ـ كما يقول العالم النفساني يونغ ـ شخصيتان: شخصية عادية كما لكل انسان، واخرى فنية ما ان تتجسده حتى يصبح متحدثا باسم البشرية جمعاء. وهذا ما وجدته شخصيا في اعمال يوجين يونسكو المسرحية ذات السمة الانسانية البارزة في مسرح اللا معقول، مقارنة باعمال صاموئيل بيكيت/ فرناندو آربال/ آرثر اداموف/ هارولد بنثر/ ادوارد البي، حينما اجتمعوا في العاصمة باريس في منتصف القرن الماضي، وقرروا معا تدشين مسرح اللامعقول على الرغم من جنسياتهم الاوربية المختلفة. ولهذا لم ادخر وسعا في عطلة نوروز الاخيرة في قراءة ست مسرحيات ليوجين يونسكو ضمن سلسلة اعماله المختارة الصادرة من الكويت عام 1977، بعد ان قرأت له اعمالاً متعددة سابقة في هذه السلسلة، منها الكراسي/ المغنية الصلعاء/ الدرس/ الامتثال/ المستقبل في البيض/ الموت والقضية.
وها انذا أتوافر على مجلد مسرحي يتضمن مسرحيات غرائبية وغير معقولة حقا، امثال (فتاة في سن الزواج/ مشاجرة رباعية/ تخريف ثنائي/ الثغرة/ السائر في الهواء/ لعبة الموت..) كأن يونسكو يلامس شجوننا واحداثنا السياسية الراهنة في عراق ما بعد صدام. وهاكم الامثلة من خلال مسرحية «مشاجرة رباعية» اذ شخصياتها ثلاثة رجال وامرأة. الرجال هم دوبون ودورونومارتان وهم جميعا يرتدون الزي نفسه، والمرأة يدعوها المؤلف بالسيدة الجميلة. وحينما يفتح الستار عن الرجلين الاول والثاني، كانا يتشاجران فكلاهما يدعي بانه صاحب حق ويرمي الاخر بالعناد والتصلب. وعندما يدخل الثالث ويجدهما على تلك الحال، يطلب اليه ان يفصل بينهما فلا يلبث هو الآخر ان يقع في الفخ، ويهاجم الآخرين متهما اياهما بما كانا يتبادلانه من تهم، حتى تصل السيدة الجميلة، فاذا بكل رجل من الثلاثة يقدمها على انها معشوقته او خطيبته، فيتصاعد الشجار، خصوصا عندما يحاول كل رجل الاستحواذ على المرأة او حينما يتجاذبون المرأة في قسوة، ويتبادلونها في عنف وهي مستسلمة، لا حول لها ولا قوة، حتى عيل صبرها، فتثور وتصرخ فيهم باعلى عقيرتها: «اواه، يا لتصرف دعوني في سلام!».
اعتقد ان هذا السؤال يملك ألباب العراقيين جميعا في المرحلة الراهنة، بعد فعل المحاصصة الطائفية والاثنية التي زرعها الحاكم الامريكي بريمر! فهل هذه السيدة ترمز للسلام؟ سؤال لا يحتمل الا الايجاب!!