المنبرالحر

محمد سعيد الصكار من قال ان حبرك أسود !!/ زهير كاظم عبود

رحلت عنا يا ابا ريا ولم يزل العراق في مقلتيك
رحلت عنا وأنت تحمل بين جوانح روحك كل طيبة اهل البصرة ، وعبق بساتين البرتقال في ديالى .
اعطيت ووفيت وكنت مثابرا وثابتا لم تغيرك الليالي ولاهزتك النوائب وتجرعت مرارة الأيام
فكنت علما عراقيا خفاقا ، ورسمت دربك متألقا ليس في التزاماتك السياسية فقط ، بل كنت فنانا متميزا ، ومعلما لفن يعد من بين أجمل الفنون وصاحب مدرسة ومنهج متميز.
رحلت عنا بعد ان تمكنت من ان تنقش حروف اسمك فوق ضمير ووجدان كل الطيبين من اهل العراق .
وديعا كماء نهر خوز ، واليفا كحلاوة ابي الخصيب ، وأنيقا كمحطتك الاخيرة باريس
أيها المعلم الكبير وداعا ، لم نخسرك مطلقا لأنك اكملت المسيرة ووفيت العهد
حين عثرت على قصيدة لك في حفل بصري تتضمن صورتك وأنت شاب في بداية الخمسينات من القرن المنصرم ، أكدت لي بأن القصيدة في حفل مولد إمام الفقراء والبسطاء علي بن أبي طالب ( ع ) ، وهي من ضمن قصائدك التي تعتز بها ، مثل اعتزازك بقصائد الأخوانيات التي وثقت بها جزء من أحداث مع شخصيات عراقية وطنية ، شكلت تلك القصائد أزاهير ومواقف ممتعة وجميلة .
ياشاعر القلم وفنان الحروف ، كنت فنانا متميزا وشاملا حصلت على تقدير وإعجاب شعبك قبل ان تحصل على تقدير المؤسسات والنقابات ، وكان لحضورك في باريس للتكريم الذي اقامه معهد العالم العربي اللقاء الأخير يا شيخ الخطاطين وشاعر القلم الملون ، وانت على كرسيك المتحرك ، لترسم لنا خطوطا ملونة كأنها قوس قزح .
أمس اكتملت فصول كتابك أيام عبد الحق البغدادي وكل الروايات التي لم تكتمل ، وآثرت ان تركن الى هدوء الروح بعد ضجيج ثمانون عاما ، وتركت بعدك الأبجدية العربية المركزة تبحث عن صكار آخر ومبدع يجددها وهي ابجديتك التي تركت فيها عرقك وتحديك في بغداد ، وحنينك اليها لم ينقطع رغم رحيل الأصحاب والأصدقاء ، وكنت تقول :
الا ليت شعري هل ببغداد نخلة تجيب إذا أعيا المجيب ندائيا
فقد غاب أصحابي وأوحشني السرى وضعضع آمالي اغتراب نبا بيا
حبرك ملون وتشكل خطوطك لوحات جميلة ، ورسم الحروف بأناملك يأسرنا اعجابا وحبا ، رحلت عنا سريعا ونحن بأمس الحاجة الى عطاءك وإشرافك على رسم معالم الجمال في حروفنا العربية ، رحلت عنا ولم نزل نشتاق اليك خلقا والتزاما ومنهجا .
رحلت وبقيت خطوطك ملونة ولم يكن حبرك أسود .