المنبرالحر

بس لا يغدر عبد اليمّه/ عبد الله السكوتي

كنت بصدد ان امشي ساعتي التي قررها لي الطبيب، وبدأتها بدون عكاز، وانا فرح بما آلت اليه الامور، كنت اتجنب السيارات قدر الامكان، وبعد ان استسلمت بعض الشيء للألم قررت ان استريح بإحدى المقاهي، وطلبت صديقي الشاي الذي لا يفارقني، وبت اتمتع بقدحه قرب ساحة الاندلس، وانظر للمارة بنهم غريب، الجموع تتوافد على مقر الحزب الشيوعي العراقي للتهنئة بميلاده الثمانين، وهم يحملون اعلاما صغيرة مرسوما عليها ( منجل وجاكوج) واخرى تحمل خارطة العراق، لم اسمع كلمته التي وجهها لي: الله ابو الخير، رجل يعتمر كوفية سوداء ما يدل على انه (سيد)، فحييته واسفت لأني لم اسمعه اول مرة، وتجاذبنا اطراف الحديث فكان موضوعنا الانتخابات والكتل والتيارات التي ستشارك فيها واسماء المرشحين، اثنى السيد على بعض المرشحين، وعلمت انه جاء من الحلة لمناسبة عزيزة على نفسه، واطال الحديث عن مدينة الحلة وما تتعرض له من ارهاب وتفجيرات، وأمن غير مستقر، وأردف قائلا: كلها من وراها عبد اليمّه، فقلت ومن هو عبد اليمّه، فقال: هذا واحد عدنه بالحلة، رشح لمجلس النواب في العهد الملكي، واتفق مع اهل الحلة انه سينفذ جميع طلباتهم، ولكن اهل الحلة كانوا وجلين من تنفيذ ما وعد به عبد اليمّه، فأرادوا في احدى زياراته ان ينبهوه الى ما يدور في خلدهم، فانقسموا الى فريقين، واستقبلوه، احد الفريقين يقول:
بس لا يغدر عبد اليمّه...... فيجيب الفريق الثاني:.... يغدر ما يغدر شيب امّه
واحنه هسه ما علينه بعبد اليمّه اللي اخذ اربع سنوات ماضية، همنه بعبد اليمّه الجاي لاربع سنوات جايّه، ودعته بعد ان افرغت قدح الشاي وعدت لإكمال طريقي، وانا اردد: بس لا يغدر عبد اليمّه، يغدر ما يغدر شيب امّه.
الانتخابات المقبلة ستكون حدا فاصلا بين الديمقراطية والديكتاتورية، ما يعني انها ستكون تجربة مهمة جدا، فإما ان تفرز نوابا جديرين بحمل اثقال العراق، نواب يتنازلون عن المآرب الشخصية، أو ان الشعب اذا ما شاهد تكرار التجربة سيلغي هذه الممارسة تحت وطأة الفقر والموت والجهل، ثلاثة امراض عالجها العالم منذ زمن طويل، ولكننا عدنا اليها بأحد عشر عاما مليئات بكل منغصات الحياة، من الموت الى الفوضى والفساد واللصوصية، وعلى أساس ما قاله اهل الحلة، علينا ان ننبه مرشحينا، ونقول لهم اننا الرقيب، ونحن بالمرصاد هذه المرة ولن نسكت على حق مهتضم مهما كانت الظروف، اما بالنسبة للمرشحين القدامى فالويل لنا ان فازوا ثانية، سنعاني اذا ما صمتنا عليهم، وستفشل العملية السياسية كما يقولون اذا ما خرجنا عليهم، لكننا نتمنى للبعض المخلص والنظيف منهم الفوز ثانية، مع تفضيلنا لوجوه جديدة وكفاءات لم يسبق لها ان خاضت هذه الممارسة، ووصيتي للشعب العراقي المثل القائل: ما يجرب المجرّب، الا العقله امخرّب، لا تجربوا من جربتم، لانهم خذلوكم في كل شيء، حتى غيابات البعض منهم ، ممن يترفع من الجلوس في قاعة البرلمان، لأنه يعتبر نفسه فوق هذه العملية برمتها، قد تجاوزت الحد المطلوب واكثر، وهذا النائب يصح عليه المثل القائل: اسمه بالحصاد ومنجله مكسور، ومثل هذا الاخ لا فائدة ترجى منه، فعلام تتعبون انفسكم وتجرّبون المجرب. نحن نحلم ببرلمان نزيه يتألف من شخصيات معروفة بنزاهتها، ووعيها لما يمر به البلد، من أمن مضطرب وفساد قد طال جميع مؤسسات الدولة، فصار الانسان الشريف عملة نادرة في هذا الزمن الذي افرزنا خلاله الكثير من الفاسدين والمتقاعسين، والطائفيين والكسالى، فبعضهم افتتح اول جلسة بالصمت وسوف ينهي وقته النيابي بالصمت ايضا، او ربما ينهيها بمفردة: موافج.