المنبرالحر

التغيير بايديكم .. فليكن !/ كاظم فرج العقابي

ان بناء النظام السياسي في بلادنا على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية منذ 9/4/2003 قد فتح الابواب مشرعة امام كل الازمات السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية , مما ترك انطباعا قاتما ازاء مستقبل البلاد لدى الجماهير خصوصا بعد ان استفحلت قوى الارهاب في اعمالها الاجرامية وطالت اجزاء واسعة من البلاد بعد ان توفرت لها الاجواء المناسبة من قبل القوى المتنفذة لتوسيع حواضنها الاجتماعية بعد ان تجاهلت ارادة الجماهير ومطاليبهم المشروعة وسخرت منها.
مما خلق اصطفافا جديدا قاد بالبعض من الناس للانضمام الى قوى الارهاب , مؤيدين لمشروعهم , موفرين الغطاء لهم او مقاتلين في صفوفهم وهذا المشهد يتجسد باحداث محافظة الانبار وخروج ما يقارب 40% من اراضيها عن سيطرة الدولة والقوات المسلحة , مما ولد المعاناة الحقيقة واليومية لاهالي الانبار واضطرار نسبة من اهاليها الى ترك بيوتهم والهجرة الى مدن اخرى بعد ان تعرضت مدنهم التي وقعت تحت سيطرة داعش الى القصف من قبل القوات العسكرية وصار المواطن بين المطرقة والسندان.
كل هذا والقوى المتنفذة المتحكمة بالسلطة تنفرد اليوم في القرار وبحلولها المبتسرة العقيمة القائمة اساسا على استخدام القوة دون غيرها من الحلول لمواجهة قوى الارهاب وترفض اية مبادرة تتقدم بها هذه الجهة السياسية او تلك سواء المشاركة منها في الحكم او خارجها .
وقد ضمن الحزب الشيوعي العراقي تحليله للاوضاع الراهنة وتصوراته ومقترحاته الملموسة لمواجهة تحدياتها ومخاطرها على امن البلاد ووحدة نسيجها الوطني وعلى مسيرة التحول الديمقراطي في مذكرة وجهها اواخر شباط الماضي الى الرئاسات الثلاث والكتل السياسية وقادة الاحزاب السياسية واضعا اياهم امام مسؤولياتهم التاريخية والوطنية منبها الى ان التاريخ لن يرحم من يساهم في افقار شعبه وتدمير بلده .
ان ما يثير مخاوف المواطن العراقي هو بوجود ( داعش) وتمددها على مساحات واسعة في الانبار , ديالى , صلاح الدين ونينوى وفي محافظات اخرى , دون رادع يردعها ووضع حد لوجودها واعمالها الارهابية التي تستهدف حياة جميع المواطنين على مختلف اديانهم وطوائفهم وقومياتهم , نعم ستتمدد داعش واتباعها مالم تراجع الحكومة نفسها وتعيد النظر في طرائق معالجتها لازمات البلد بما فيها الازمة الامنية عموما وازمة الانبار على وجه الخصوص, وما لم تشرك جميع القوى الوطنية المشاركة في السلطة وخارجها في مواجهة هذه الازمات عبر الاستماع الى ارائها وعبر الحوار المفتوح معها، وصولا الى الاتفاق على مبادرة مشتركة، نابعة من العقل الجماعي والمسؤولية الجماعية ازاء مصائر البلد، واعتماد مقاربات مختلفة : عسكرية , سياسية , اقتصادية , اجتماعية , ثقافية , نفسية لتجفيف منابع الارهاب .
ان القوى المهيمنة على السلطة من قوى الاسلام السياسي والقوى القومية الاخرى تستخدم اليوم كل الامكانيات المتوفرة لديها في حملتها الانتخابية بامل الحصول على نتائج تمكنها من البقاء متنفذة في السلطة القادمة وعبر استخدام الورقة الطائفية والقومية جوازا لها الى السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية , في حين تسعى القوى المدنية الديمقراطية بحماس وثقة عاليتين للمشاركة بهذه الانتخابات ادراكا منها بضرورة اجراءها في وقتها المحدد وتوفير الاجواء السليمة لها كونها السبيل الى التغيير , آملة ان تحقق توازنا سياسيا جديدا لصالح مشروعها الوطني الديمقراطي ليضعها في موقع القرار , ربما لا يكون التغيير المرتجى نوعيا , بابعاد قوى الاسلام السياسي من مواقع النفوذ فما زال لهذه القوى مريديها من اصحاب الولاءات الثانوية واصحاب الوعي المتواضع في ظل غياب التنمية الاقتصادية وتاثير الضواغط المعيشية والامنية والمال السياسي في اختيارات المواطنين كما ان الشرائح الاجتماعية البيرقراطية الطفيلية تجد في المشروع الطائفي والاثني ما يؤمن مصالحها , فهي داعمة ماديا له ومحشدة جماهيريا له ايضا .
لكن رحلة الميل لابد ان تبدأ بخطوة , فجدار الطائفية لايهد بدفعة واحدة بل بمراحل متتالية ومحاولات ومحاولات , ان اصحاب هذا المشروع قد خسروا الكثير من مصداقيتهم وسمعتهم وجماهيرهم وقد برهنت الايام بان همهم الاول والاخير كان لتامين مصالحهم الشخصية لاغير , متناسين وعودهم لمن وضعهم في مواقع السلطة والنفوذ , بالتالي سيخسرون اصواتا كانت قد منحت لهم سابقا .
ان دحض المشروع الطائفي والاثني بنقيضه المشروع الوطني الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية يتطلب نضالا شاملا ونفسا طويلا واصرارا عنيدا تتصدره الجماهير عموما عبر مشاركتها الفعالة النوعية والواسعة في الانتخابات البرلمانية القادمة لانتخاب من يشهد له بالنزاهة والكفاءة والمصداقية , ولتحقيق توازن مؤثر لصالح القوى الديمقراطية في المؤسسات الدستورية يمكنها من المشاركة في صنع القرار وتنفيذ برنامج الحكومة القادم , ونتمنى ان يكون برنامجا وطنيا ديمقراطيا يؤسس لبناء الدولة المدنية الديمقراطية .
ولكي تكون الانتخابات القادمة طريقا للتغير لابد على القوى المدنية والديمقراطية ان ترتقي باساليبها النضالية الانتخابية في هذا المقطع الزمني الذي يفصلها عن يوم الانتخاب في 30/4/2014 , عبر التواصل اليومي بالجماهير والارتقاء بوعيها الانتخابي وحثها للتصويت لقائمة التحالف المدني الديمقراطي وبرنامجها الهادف الى توفير حياة كريمة وعيش رغيد للمواطنين , حياة ينعم فيها الجميع بالامن والسلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية , وعليها ان توظف قواها البشرية والمادية على نحو افضل لتحقيق حملة انتخابية ناجحة وفاعلة , وتفعيل اعلامها الدعائي والتعبوي بكل انواعه , وتامين الظهور الجيد لمرشحيها والارتقاء بمستوى التعاون بين مكونات التحالف المدني الديمقراطي , والاستفادة من خبرتها وتجربتها في انتخابات مجالس المحافظات والانطلاق بقوة وحماس وثقة في خوضها , لاسيما وانها قد حصدت نتائج انتخابية جيدة فيها , تشكل حافزا لحصد المزيد من الاصوات والمقاعد فالتغيير بايدينا وبايدي جماهيرنا فلنعمل على ذلك من اجل عراق ينعم الجميع بخيراته وثرواته , عراق الامن والسلام والمحبة والوئام وليس هذا ببعيد او مستحيل فالشعوب هي من تصنع تاريخها لا غيرها.