المنبرالحر

معالي الزيف والحقيقة / قيس قاسم العجرش

من المغرب هذه المرّة، يمثل أمام المحاكم زميلٌ لنا هو الصحفي"منير أبو المعالي" بتهمة السّب والقذف تجاه وزير الرياضة هناك واسمه "محمد أوزين».
الصحفي كشف بالوثائق أن الوزير قدم اوراقاً مزوّرة عن حصوله على شهادة الماجستير من أجل نيل الدكتوراه. واثبت الصحفي ان الفترة التي قضاها الوزير في الجامعة المشبوهة التي منحته الشهادة، لا تتجاوز 6 شهور من تاريخ سفره.
الوزير عدّ ذلك إهانة لذاته وللإرادة الملكية التي أمرت بتعيينه وزيراً في حكومة بن كيران، ولذلك يمثـُل صاحبنا أمام المحاكم.
قلت للصديق الصحفي المغربي "حمزة محفوظ" وهو ناشطٌ في إثارة الزوابع ضد الحكومة المغربية :ياسيدي كثر الله خيره فهو لجأ للمحاكم على الأقل، وكان يمكنه ربما ان يلجأ الى طريق أسهل!...ميليشيات يكسّرون عظام هذا الصحفي ويجعلونه عبرة لمن لم يعتبر من الصحفيين الشياطين؟!
حمزة لم يستغرب وقال إن مليشيات الوزير موجودة فعلاً على شكل قضاة يمكن التأثير عليهم أو محامين يمكن رشوتهم أو صحافة حكومية تروّج لإتهام "منير أبو المعالي" بأنه خرق القانون وأتى بوثائق مزيّفة وشتم بها الوزير المزوّر الذي سيظهر لاحقاً أنه بريء حتماً.
القضية تنحصر في الخجل والحياء ربما، وهي متكررة جداً في العراق ايضاً،سوى أنها انتقلت الى المرحلة التالية، مرحلة عدم الإكتراث بالأصل لما تقوله الصحافة أو ما يعرفه الناس عن أصحاب الشهادات المزوّرة.
أكثر من هذا، قبلت وزارة التعليم عندنا في سابقة غير معهودة، فئة محددة سبق لها أن قدمت على الدكتوراه ولما تنتهي بعد من معادلة شهادة الماجستير. ومع هذا نقول كثر الله خيرهم أنهم سعوا فعلاً الى نيل ماجستير تمهّـد للدكتوراه، بدلاً من استصدارها لهم بقرار وزاري.
وهي أقل كارثية، ربما من ارتداء بزة عسكرية من قبل اشخاص لا علاقة لهم بالسلك العسكري، تتعلق عليها أرواح الناس.
القضية أيضاً تنحصر في القدرة على الصّلافة في مواجهة الناس والاستمرار في خداعهم، بالرغم من أن هناك دائرة مجتمعية قريبة من هذا المزوّر تعلم علم اليقين أنه كاذب. تصوروه وهو يدخل على زوجته أو شقيقته أو ابن أخيه أو زوج ابنته الذين يعلمون جميعا أن (عمّهم) لم يصل الى الجامعة في حياته، ولم يحمل محفظة اوراق دراسية في عمره، ولم يرتد الزي الموحد أبداً، ولا توجد له صورة واحدة بين أروقة الجامعة، ومع ذلك ظهرت له فجأة خارطة من الشهادات الأولية والعليا.
القدرة على استمراء الكذب والتناغم معه أشد كارثية من القدرة على الكذب نفسه.
تصوروا أن مثل هؤلاء يحكمون ويقررون وتنعقد عليهم آمال الناس في غدٍ واعد..كيف سيكون شكل هذا الغد؟...برأيكم!