المنبرالحر

لمن نعطي اصواتنا ؟/ زهير كاظم عبود

مرت سنوات اربع على الدورة الأخيرة من دورات مجلس النواب ، وخلال هذه السنوات خبرنا وتعرفنا على مواقف النواب وتوجهاتهم وطموحهم وما قدموه للشعب ، سواء عن طريق كتلهم السياسية أو احزابهم اومواقفهم الشخصية المعلنة او المستترة .
مرت اربع سنوات جديرة بان توجب علينا حسن الاختيار ودقة التشخيص في أن نختار من نجده مؤهلا للعمل ضمن الهيئة التشريعية التي تتشكل منها دعائم الدولة العراقية الثلاث وفقا للدستور، وأن نجده يمثل كل العراق لايتحدد بطائفته او دينه او قوميته ، وأن نختار من نراه مؤهلا لتحمل المسؤولية القانونية ليعمل للعراق وشعبه قبل أن يفضل نفسه وطموحه الشخصي المشروع منه او غير المشروع ، فالعراق أولا ، يحافظ على السيادة والكرامة والسمعة ويرعى المصالح العراقية قبل مصالح عشيرته وأهله وأقربائه ، وبعد كل هذا يكون أمينا على تطبيق وصيانة الحريات والحقوق التي جاء بها الدستور .
اربع سنوات جديرة بان تجعلنا لانترك الأمور تسير دون ان يكون لنا رأي فيها ، فالانتخاب حق مقرر ومشروع بمقتضى الدستور ، وممارسة هذا الحق واجب وطني ، وأهل العراق متساوون في الحقوق والواجبات امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العراق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي بالاختيار الحر ، والعراقي ايضا هو مصدر السلطات والقاعدة الأساس لشرعيتها ، ويمارس اختيار هذه السلطات بكل حرية ، لذا تترتب مهمة ممارسة حق الانتخاب على كل مواطن مشمول به .
واليوم نحن امام ممارسة حق الانتخاب في اختيار من نراه نحن مؤهلا لتبوئ هذا المركز لا كما يراه الاخر ، وأن يكون من نختاره ممثلا للشعب بحق ، وهذا التأهيل هو ان يكون مقتدرا ومتناسبا مع المهمة التشريعية وليس معقبا للقضايا ، وليس مفتشا في أجهزة الدولة ودوائر الخدمات ، وليس موظفا تنفيذيا ووسيطا لمراجعة دوائر الدولة العراقية ، وان يمتنع النائب عن ممارسة أو اداء أي عمل اخر فلا يجوز الجمع بين عضوية المجلس وأي عمل او مسؤولية أخرى .
نحن اليوم امام مفترق طرق بين ان نختار لسنوات اربع مجلسا للنواب كل واحد منهم يمثل مائة الف مواطن عراقي ، وقد مرت علينا تجربة مطالبة النواب برواتب تقاعدية لهم لقاء تكليفهم بمهمة عضوية مجلس النواب ، بالرغم من عدم حصول العديد منهم على العدد الذي يؤهله لعضوية المجلس ، وبالرغم من عدم قدرته على العطاء والارتقاء بمستوى عمله الى الحد الذي يؤهله لنيل حتى المكافئات التي تقاضاها ، وبالرغم من تهالك عدد كبير من الأسماء التي كشفت او المستترة لتشريع قانون لتقاعدهم يضمن لهم الكسب المادي غير المشروع بغطاء قانوني مع عدم وجود خدمة تؤهلهم لنيل هذا الراتب التقاعدي ، فهل بعد كل هذا نجدهم مؤهلين لإعادة انتخابهم مرة أخرى ؟ هل يمكن ان نجدد انتخاب من ترك جلسات مجلس النواب وغاب عنها سائحا في دول الجوار او مدن اوربا غير عابئ بمعاناة الناس ؟ هل يمكن ان نجدد انتخاب من لم يكن مؤهلا بشهادة اكاديمية أو خبرة أو اختصاص ؟ هل يمكن ان نجدد اختيار من فرط بالحريات العامة وبحقوق المواطنين وباستقلال القضاء ؟ هل يمكن ان نختار من ظهرت مواقفه الطائفية او نزعاته العنصرية القومية ؟
كيف يمكن ان نختار من نراه مؤهلا للمساهمة في اطفاء حرائق العراق الطائفية ؟ ومشاركا في اعادة لحمة العراقيين ووحدتهم ، من نراه حقا عراقيا قبل ان يكون عربيا او كورديا او تركمانيا او اشوريا او كلدانيا ، من نراه عراقيا قبل أن نراه مسلما أو مسيحيا أو مندائيا أو ايزيديا ، ومن نراه ايضا عراقيا قبل ان يكون شيعيا او سنيا ، ولا ننكر من ان بعض من اعضاء مجلس النواب كان امينا على مهمته قائما بواجباته حريصا على حضور الاجتماعات فله الامتنان والشكر والإكبار لموقفه الوطني .
فعضو مجلس النواب يقوم بالمساهمة في تشريع القوانين الاتحادية ، ويساهم في مهمة الرقابة على اداء السلطة التنفيذية وليس ان يكون جزءا منها ، وهو الذي ينتخب رئيس الجمهورية ويصادق على الاتفاقيات والمعاهدات التي يعقدها العراق مع الدول الأخرى ، وهو ايضا من يساهم في انتخاب اكبر المراكز القضائية والمهمة في الدولة العراقية ، وان يكون مقتدرا وبمستوى المسؤولية في مساءلة رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او الوزراء واضعا نصب ضميره مصلحة العراقيين فوق رغبة حزبه وخارج اطار التسقيط السياسي والتنافس غير المشروع ، والاهم من كل هذا فلعضو مجلس النواب ان يساهم في الموافقة على اعلان الحرب وإعلان حالة الطوارئ وهو يتمتع بالحصانة اثناء دورة الانعقاد ولا يتعرض للمقاضاة، فهل يمكن ان نستعيد اربع سنين عجاف لم يفكر فيها نواب الشعب بقرار يعيد حقوق الكورد الفيليين ممن سلب الطاغية حقوقهم ؟ هل يمكن ان ينسى العراقي حصته من النفط والغذاء التي كانت ضمن وعودهم الخائبة ؟ هل يمكن ان ننسى القوانين التي نامت في ادراج مكاتبهم والحقوق التي هدرت بسبب تعمد عدم اكتمال النصاب حتى لا يمكن اقرار القوانين ؟ انهم يراهنون على ذاكرتنا وكل اعتقادهم ان العراقي ينسى بسرعة وينقاد للوعود الكاذبة وينبهر بالشهادات المزورة والألقاب الرنانة !! هل سمعتم بان احدا منهم تمت محاكمته بسبب تزويره للشهادة ؟ هل سمعتم ان احدا منهم تم فصله من مجلس النواب بسبب اخلاله بشروط العضوية ؟ هل سمعتم بسحب الحصانة عن احد منهم ؟ هل اطلعتم على كل جلسات مجلس النواب التي قرر الدستور بمقتضى المادة ( 53/ اولا ) بان تكون علنية إلا في حالات الضرورة ؟ هل لمستم الخلافات والمهاترات الاعلامية التي ينشغل بها نواب الشعب بعيدا عن هموم الشعب ؟
العديد منهم يتحدون شعب العراق ولم يشبعوا من دم العراق ، وإنهم يتعمدون انتهاك كرامة العراقيين وينتهكون شرفهم ، ويعيدون صناعة شخصياتهم ليصيروا ممثلين ونوابا عنا وهم ليسوا اهلا للأمانة ، فاسدين ومزورين وسراق المال الحرام وطائفيين وكذابين ومساندين لقوى الارهاب ومنتفعين وعشاق للدكتاتور علينا ان نفرزهم وان نحذر منهم فقد اكتوينا بنارهم .
العراق امانة في اعناقكم من خلال حسن الاختيار وصواب التشخيص ، والمستقبل تضعه الاجيال الجديدة فلا تفرطوا بهذا الحق ، ولا تضيعوا حقكم في الاختيار حتى يمكن ان نفكر بصوت عال اننا بحاجة ماسة لنظام اتحادي فيدرالي يضمن مبادئ الديمقراطية ويكفل حقوق الانسان والمساواة الحقيقية امام القانون ويتمسك باستقلالية القضاء ومنع كل اشكال العنف وصيانة الحرية والكرامة وضمان حرية التعبير بكل الوسائل مع ضمان حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحرية الفكر والضمير والعقيدة واحترام الاديان .