المنبرالحر

500 عام هو الفرق بين الشرق والغرب/ فلاح كنو

عرض قناة الـ BBC البريطاني مسلسل عن حياة الملك هنري الثامن , وشات الصدف أن تعرض قناة البغدادية مسلسل حريم السلطان الذي يستعرض حياة السلطان العثماني سليمان القانوني, وبسبب وعكة صحية كانت مشاهدة التلفاز هي أحدى وسائل التسلية .. ولكن ماهي العلاقة بين الملك والسلطان ؟؟؟؟؟
في الغرب وفي أنكلترة ولد عاش الملك هنري الثامن المولود في 1491 والمتوفى في 1547. ويعتبرهنري من أشهر ملوك بريطانيا بسبب ولعه بالنساء وكثرة زيجاته , حيث هوالملك الوحيد الذي تزوج 6 نساء , وهو الذي قطع راس زوجته الثانية بتهمة الخيانة الزوجية والخيانة العظمى , وله عدد كبير من العشيقات ومنهن شقيقات زوجاته , حيث كان يُجامع من يشاء من نساء مملكته وزوجات رجال بلاطه. وهو الذي أنفصل عن الكنيسة الأم في روما وأسس الكنيسة الأنكليزية بسبب رفض البابا طلاق الملك من زوجته الأولى ( حيث لا يوجد طلاق في الكنيسة الكاثوليكية ). ولهذا السبب أنفصل عن الكنيسة في روما وأسس الكنيسة الأنكليزية وأصبح هو الحاكم ورئيس الكنيسة في نفس الوقت وهذا العرف لم يكن موجود في أوربا حيث السلطة الدينية بيد البابا والحكم بيد الملك. وآشتهر هنري بحروبة الكثيرة وأغلبها توسعية ولكن بشعار ديني , فكانت له حروب دامية مع مملكة أسكتلندة وباقي الدول الأوربية . وكثرت الصرعات بين رجال البلاط (اللوردات) ومؤامراتهم من أجل تقويض سلطان الملك وكان للنساء دور مهم في صناعة وتنفيذ هذة المؤامرات . أستلم هنري الحكم وهو في سن الثامنة عشر من العمرودام حكمه 38 عامآ .
في الشرق وفي الأستان ( أسطنبول) ولد وعاش السلطان سليمان القانوني كما كان يعرف في الشرق الأسلامي , أما في الغرب فكان يعرف بـ سليمان العظيم . ولد سليمان في 1494 وتوفى في 1566. هو السلطان العاشر للدولة العثمانية ومن أشهر ملوكها بسبب فتوحاته التي وصلت الى وسط القارة الأوربية قلب المسيحية وساحة سلطة الفاتكان تحت شعار نشر الدين الإسلامي , حتى أحتل بودين ( بلغراد) حاليآ . وأشتهر أيضآ كونه عاشق النساء حيث كان له المئات من الحريم ( مَلكة اليمين) وزوجته الثانية من الحريم ( الجواري) وكان أول من خرق هذا العرف في الدولة العثمانية وأقترن بجارية , وأنجبت له سليم الثاني الذي أصبح سلطانا بعد وفاة أبيه . والحاكم في الشرق يجمع بين السلطتين الدينية والسلطوية, فكان السلطان سليمان هو الحاكم الديني وسلطان الدولة العلية . وكان مولع بالعمارة والعلوم فقام ببناء أكبر مسجد والذي يعتبر اليوم من أهم معالم مدينة أسطنبول ويعرف بأسم السليمانية, وقام بقتل مهندس البناء حتى لا يبني مسجدآ أخر يشبه مسجد السلطان. وكثرت الأضطربات في زمنه من قبل قادة الجيش الإنكشاري على طول وعرض مملكته. وكثرت المؤامرات بين رجال بلاطه ( البشوات) وكان للحريم دور في صياغة وتنفيذ هذة المؤامرات. وعرف بسطوته الدموية وقطع رؤؤس الخونه والمعارضين له حيث أمر بقطع راس زوج أخته وأحد حكام ولاياته بسبب عدم تطبيق تعاليم السلطان , ودام حكمه لــ 46 عامآ.
هناك حقيقة يجب أن نثبتها وهي أن مسلسل هنري الثامن من إنتاج بريطانيا , ومسلسل حريم السلطان من إنتاج تركيا . فلا وجود لفكرة المؤامرة أوالتعرض والنيل من تاريخ هاتين الدولتين بل هو أستعراض تاريخي لمقطع زمني واحد لمملكتين ولكن أحدهما في الغرب والأخر في الشرق.
في الغرب وقبل 500 عام كان هناك حاكم مستبد , يجمع بين السلطة الدينية وسلطة الحكم. واليوم في الغرب هناك فصل بين السلطتين الدينية والحكم ولكل منهما دور في بناء المجتمع وخدمة البلد. أما في الشرق لازال الحاكم هو السلطة العلية وهو صاحب كل القرارات وبدون منازع......
في الغرب وقبل 500 عام كان الشعب عبيدا عند الحاكم يقطع راس من يشاء ويرفع من يشاء. واليوم في الغرب وزير يقال بسبب تجاوزه على شرطي .
أما في الشرق لازال الحاكم وأسرته ورجال ونساء حاشيته فوق القانون....
في الغرب وقبل 500 عام كان الحاكم يحكم حتى الموت . واليوم في الغرب هناك إنتخابات تحدد مدة حكمه , ودستور وقوانين ولوائح تحدد حقوق ووجبات الحاكم والمحكوم .
أما في الشرق لازال الحاكم وإن جاء الى الحكم عبر صناديق الأقتراع , وان كان هناك دستور فهو يسعى للبقاء في الحكم بكل الوسائل.......
في الغرب وقبل 500 عام كانت المراة أقل من نصف رجل في المجتمع وأداة لخدمة الرجل وتلبيت أحتياجاته. واليوم في الغرب المراة سياسية وحاكمة وعمدة مدينة ورئيسة وزراء.
أما في الشرق لازالت المراة نصف رجل وناقصة عقل وأداة لخدمة الرجل ومجرد رقم في العملية السياسية.......
في الغرب وقبل 500 عام كان الحاكم يسعى لبسط نفوذه من أجل السلطة وتوسيع رقعة حكمه عبر الحروب . واليوم في الغرب تحتفل أوربا بمرور 70 عاما على أخر حرب وهي الحرب العالمية الثانية.
أما في الشرق لازال الحاكم يبحث عن السلطة والنفوذ ولولا الربيع العربي لكانت هناك حروب بين دول الشرق فأوجدوا لنا الحروف الاهلية والطائفية والعرقية وأصبحنا وقود لها.......
في الغرب وقبل 500 عام كانت السلطة الحاكمة وحاشيتها تعيش ترف البلاط ولا تعرف معنى الجوع والعمل . واليوم في الغرب قوانين تحمي الأنسان وتوفر له الحياة الكريمة.
أما في الشرق لازال الحاكم وحاشيته ورجالاته يعشون ترف البلاط والشعب يبحث عن لقمة العيش في مكبات القمامة ومنهم من يحرقه نفسه بسبب الذل والهوان .....
في الغرب وقبل 500 عام كانت الكنيسة تمنح الشرعية لسطوة الحاكم وتؤجج الصراع بين الطوائف المختلفة من أجل البقاء في قمة السلطة . واليوم في الغرب هناك أحترام لكل الأديان ويعج الغرب بالمساجد والجوامع والمعابد وحرية العبادة.
أما في الشرق فتصدر الفتاوي وتسيل الدماء لان بضعة أشخاص تحولوا من مذهب الى أخر أو تم بناء كنيسة هنا أو مسجدآ هناك وتثار الحروب الطائفية ........
في الغرب وقبل 500 عام كانت السلطات كلها بيد الحاكم . واليوم في الغرب هناك دستورومؤسسات تحمي فصل السلطات لان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
أما في الشرق فيتم اللتفاف على الدستور وتعطل المؤسسات من أجل أن يتمتع الحاكم بكل السلطات........
في الغرب وقبل 500 عام كانت كلمة الفصل في كل أمور الدولة بيد الحاكم. واليوم في الغرب هناك إعلام حر ومؤسسات مستقلة ومعارضة سياسية ومنظمات مجتمع مدني تشارك في أدارة الدولة وتحاسب صناع القرار.
أما في الشرق لازال من ينتقد الحاكم فهو عميل وماسوني وجاسوس وإرهابي ويجب قطع راسه ........
في الغرب الزمان هو القرن الــ 21 . أما في الشرق فالزمان توقف عندهم ..... رغم العديد من الثورات الصناعية والتطور التكنلوجي والتقدم العلمي والثقافي لازال الأنسان في الشرق يعيش في عالم مضى عليه 500 عاما وهذا هو الفرق بين الغرب والشرق.