المنبرالحر

ترابط الرؤيا ما بين 7 نيسان و9 نيسان 2014/ مصطفى محمد غريب

عندما نقوم بربط الواقع الملموس والنظرية نستخلص العبر والنتائج وليس جزافاً عندما نقول الشر واحد وفاعليه أشرار يستغلون الوقت والمكان باختلاف الطرق والأساليب لكي يمروا وهم يحاولون التمويه عن الحقيقة، وهذا يوصلنا إلى معنى الترابط بين ما حدث من فواجع ونكبات بعد أن همين الفكر القومي المتطرف على مقاليد السلطة في العراق بحاضرة حزب البعث العراقي والترابط ما بين الأسلوب وان اختلف في بعض الأحيان بالشكل بما تقوم به المنظمات التي تحمل فكر التطرف الإرهابي من فواجع لإخضاع الشعب بأسلوب الترهيب والممارسة اللاإنسانية.. لقد كان المقال السابق والذي تحت عنوان " أيختفي بعث النظام السابق في داعش أم العكس !" عبارة استخلاص الرؤيا في الترابط ما بين الواقع والنظرية والاحتمالات، عبارة عن طريقة لوضع النقاط على الحروف وكما يقال للتذكير لعلها تنفع وتكون مدخل عام لفهم نشاط الدولة الإسلامية في العراق والشام والتزاوج السري غير الغريب مع سلوك وأسلوب ونهج بعث النظام العراقي السابق في قضايا العقاب الإرهابي المنفلت الجماعي والفردي للذين يختلفون معه بالرأي والعقيدة، ولم يكاد أن ينشر المقال حتى وصلتنا العديد من الملاحظات والانتقادات التي تؤيد وتتفق مع ما ذهبنا إليه من تحليل وإضافة للفائدة ولكن كان هناك البعض ممن حاول أن يغالط نفسه بالادعاء مرة بالارتباك وبالابتعاد مرة عن الموضوع لتشويه الواقع والخلط ما بين مسؤولية بعث النظام السابق عما حصل للعراق وبين ما ذهبت إليه الأحزاب الطائفية المتنفذة بعد احتلال العراق وهو خلط يهدف من خلاله ( الترحم على النظام السابق وقيادته ) مثلما كتب احدهم قائلاً إن " حال العراقي بشكل عام في غاية السوء الآن، عندما نستمع إلى أقوال المواطن (العادي) على المحطات العراقية بكافة اتجاهاتها نسمعه - يترحم يترحم يترحم - على النظام السابق، وهذا يدل على كفره بكل ما جاء به المحتل الأمريكي، الديمقراطية والحرية، من هنا عزيزي الكاتب لنكن موضوعيين في طرحنا ونتجرد من آرائنا المنحازة لهذا الطرف أو ذاك" هل ما كتبناه ابتعد عن الموضوعية أو أنه انحياز؟ أم أنها الحقيقة المجردة إلا من الانحياز للحق والعدالة والشعب؟ فكيف يمكن الترحم على من كان السبب في تدمير وانهيار العراق! وكان السبب في قتل مئات الآلاف وتهجيرهم عدا الذين قبعوا في المعتقلات والسجون وأزهقت أرواحهم بدون إي سبب إلا اللهم اعتراضهم السلمي والسلمي فقط على آلة الإرهاب والقمع الفكري ألبعثي، لقد كانت سنين من العلقم مرت على أكثرية الشعب العراقي لا بل تجاوزته إلى دول عربية وبلدان مجاورة، فلم يسلم الكثير من عدوانية وتآمر النظام الذي جعل من المنطقة داراً لإقامة شبه دائمة لمقرات القوات العسكرية وبخاصة الأسطول السابع التابع للقوات البحرية الأمريكية، ومن منطق الإحداث وتاريخ القمع والتآمر للبعث العراقي فإننا نجده بعد سقوط نظامه المدوي وعدم قدرته على التصدي وهروب قياداته وكوادره وانكفاء مئات الغلاة من أعضائه وتركهم العمل السياسي لا بل قسماً منهم تحول إلى أحزاب الإسلام السياسي من كِلا الطرفين وأصبح في الدائرة العليا التي تمثل سلطة القرار وهذا باعتراف رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الذي قرب الكثير من ضباط الجيش والبعض من أعضاء حزب البعث وقسماً منهم أصبحوا من بين مستشاريه، وهذا يجعلنا على يقين أن هناك خروقات أمنية حصلت وما زالت تحصل في الأجهزة الأمنية، وقد ذكرها العديد من المسؤولين العراقيين المقربين للحكومة أو أعضاء في البرلمان ومسؤولين كبار ورؤساء كتل وأحزاب، جميعهم اجمعوا بان تدهور الأوضاع الأمنية وتطور العمليات الإرهابية وحدوث التفجيرات في جميع مرافق العاصمة بغداد إلا ما ندر مرده إلى النظام السابق وأجزاء من تنظيماته السابقة والحالية وأجهزته الأمنية التي حلت، وهي أي التفجيرات لم تبق محصورة في العاصمة فحسب بل مكنها من الانتشار المروع في المحافظات على الرغم من وجود السيطرات العسكرية والأمنية دليل على أن هذا الخرق لا يمكن أن يكون محصور بالدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " فقط لأننا اشرنا أن عمر هذا التنظيم القصير لا يمكنه بهذا التوسع وهذه القدرة البشرية والمادية ، وعلى سبيل المثال فنحن نلاحظ مدى النشاط المحموم الذي يرافق ذكرى تأسيس حزب البعث العراقي في 7 نيسان ألا أن الذي حدث وهو ليس بالمستغرب وقد يكون غائباً عند البعض مدى الترابط بين 7 نيسان 2014 وبين 9 نيسان 2014 في مجال النشاط التفجيري الإجرامي ومحاولة ربط هذا النشاط الدموي بذكرى احتلال العراق وسقوط النظام وهذا التذكير ليس الهدف منه إلا تأجيج العداء للعملية السياسية ولأكثرية الشعب العراقي لأنهم لم يدافعوا عن النظام أثناء سقوطه بل أن هذه الأكثرية تركته لمصيره المشؤوم لا حباً بالاحتلال بل كراهية بحزب البعث ألصدامي، ولسنا بصدد تعداد كميات التفجيرات على امتداد الأسابيع السابقة فقد شهدت بغداد يوم الأربعاء المصادف 9/نيسان/ 2014 انفجار ( 13 ) مفخخة منها سيارات وقذائف هاون أدت إلى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين الأبرياء ، أما يوم الخميس 10/ نيسان فقد انفجرت سيارتين في مدينة الصدر وحي الأمين أدى إلى استشهاد وإصابة ( 67 ) ، ولو نعتمد ما نشرته وكالة فرانس بريس عن إعمال العنف منذ بداية 2014 التي قدرت قتل أكثر من ( 2400 ) مواطن أكثريتهم مواطنين أبرياء ليس لهم ناقة ولا جمل ولو عدنا إلى أعداد الضحايا أثناء عمليات داعش العسكرية في كافة المدن العراقية ونوعية السلاح الحديث وبذخ الأموال وطريق تحصيلها اللاقانوني لقدرنا أن هذا النهج من القتل المنفلت عبارة عن عقاب دموي طبقه نظام البعث السابق طوال فترة سيطرته على السلطة في 8 شباط 1963 و 17 تموز 1968 وحتى لحظة سقوطه، وبعد هذا السقوط بفترات قصيرة عاود ذلك النشاط بحجة الاحتلال وبعد أن رحل الاحتلال استمر في النهج نفسه، في البداية كانت الشكوك تراود الجميع بنية بعث النظام السابق في محاربة الاحتلال وبخاصة أن شعبنا كان على دراية تامة بمواقف القيادة التي هربت حاملة معها المليارات من الدولارات أو تم نقلها خارج العراق قبل السقوط بطرق عديدة وبأسماء وأرقام غير معروفة وهي الآن تمول القوى الإرهابية التي هدفها استمرار التدهور الأمني وإسقاط العملية السياسية بأمل عودة العراق على ما كان عليه في السابق، ولا ننسى دور القوى المهيمنة على السلطة في الوقت الراهن والسياسة الطائفية التي كانت مساعداً لانتشار العنف والتدهور الأمني ، هذه السياسة الغير صحيحة في معالجة الأزمات عن طريق القوة باستخدام الجيش الذي كان من المفروض أن تكون مهمته الأولى الدفاع عن الوطن وعدم خلق قاعدة راسخة للتفاهم والحوار وحل جميع المشاكل وفق رؤيا وطنية مسؤولة مهمتها توصيل البلاد إلى الاستقرار والأمان والانتقال للبناء والأعمار وحل المشاكل المعيشية وتوفير الخدمات ، نعم وبكل صراحة إن سياسة ائتلاف دولة القانون بشخص السيد رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي لم تكن سياسة حكيمة هدفها تجاوز المحنة بل صبت الزيت على النار بدلاً من إطفاء اللهيب ولهذا أُستغلت نتائج هذه السياسة الكارثية ليس فقط من قبل القوى الإرهابية والميليشيات الطائفية فحسب بل من قبل البعض من المتربصين والفاسدين لتنتشر آفات الفساد في أكثرية مفاصل الدولة ودوائرها بشكل عام، فأخذت تتوسع في عمليات الإرهاب والميليشيات الإجرامية لا بل أصبح منها من يستغل الأجهزة الأمنية ويمارس نشاطه وكأنه جزء لا يتجزأ منها.
بعد مرور فترة من الوقت تأكدت الأكثرية أن النهج البعث ألصدامي الموغل بالعداء للشعب على الرغم من البيانات الطنانة التي تدعي الحرص على الجماهير وتدافع عن الحريات لم يختلف قيد أنملة عما سبقه لا بل وجدت أن الإصرار على معاداة أكثرية المكونات لشعبنا من خلال توجهات نحو إقامة تحالفات غير طبيعية مع القوى الراديكالية الإسلامية التي تأسست أو ساعد حزب البعث ألصدامي في تأسيسها وكان أول هذا التعاون مع منظمة القاعدة ثم التنظيمات الإسلامية المتطرفة تحت أسماء وتحالفات سرعان ما ظهرت أنها عملة واحدة مع البعث ألصدامي وعلى ما يظهر أن اختيار الدولة الإسلامية في العراق منذ فترة على الرغم من الانحسار الذي صاحبها بعد مقتل الزرقاوي تجدد هذا التعاون بعد عودة النشاط الإرهابي ثم الإعلان عن الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " لا بل اخذ مظاهر أخرى بعد الأعمال العسكرية بالضد من الجيش الحر في سوريا والصدامات المسلحة مع القوى الكردية السورية ثم الانتقال للعراق وانتشاره بهذا الشكل السريع والقيام بالسيطرة على مناطق ومدن غير قليلة مع استمرار النشاط في التفجيرات والاغتيالات وقد ازداد يوما بعد آخر هذا النشاط وقد سجل له دليل آخر على عملية إثبات الوجود في 9 نيسان 2014 باعتباره يوماً لإسقاط نظام البعث ولكن هيهات فقد سقط النظام واحتل العراق بعدما ولى الأدبار القادة والكوادر البعثية التي كانت سيوفاً مسلطة على رقاب أكثرية المواطنين ونتفق مع ما جاء في بيان نشرته وكالة كل العراق " اين " ( علماء العراق ورئيسه الشيخ خالد الملا ) " التاسعُ منْ نيسان ذلكَ اليومُ الذي دخلتْ بهِ القواتُ الأجنبية لبغداد بسببِ سياساتِ النظامِ الطائشةِ وحروبهِ العبثيةِ .. هو اليومُ الذي أنهزمَ بهِ النظامُ الكارتوني وحزبهِ الفاشيّ تاركاً بغداد مسرحاً لعبثِ العابثينَ وكنا نتصورُ أن أخرَ بندقيةٍ تهوي هي بندقيةُ رأسِ النظامِ وإذا بها كانت أولُ البنادقِ وجاءَ تسليمُ بغداد على طبقٍ من ذهبْ" نعم سلموا بغداد ولكن ليس على طبقٍ من ذهب بل على طبقٍ من تنك وهربوا مع المليارات واليوم عادوا بها لشراء الذمم وقتل المواطنين والانتقام من كل ما هو شريف ووطني مما يجعل القوى الطائفية وميليشياتها تتقوى أكثر وتتمسك أكثر بالسلطة بشكل حزبي وطائفي بغيض.