المنبرالحر

الى عمي العزيز إبراهيم كاظم النهر- كيف لي ان لا اصوت لك؟ / لينا محمد كاظم النهر

جلست طويلاً افكر بعمل شي صغير ليكون داعما لقائمة التحالف المدني الديمقراطي ولك شخصيا كدعاية انتخابية في هذه الأيام كما وعدت نفسي أن أقوم بذلك كل يوم ،
شيء يساعد العراق و للنهوض بالعراقيين مرة ثانية ، شيء واحد... يزرع الابتسامة على وجوه أطفال العراق كما أطفال كثيرين اخرين في بقاع عالمنا الكبير . شاهدت الصور الموجودة وممثلينا ، ووجدت لكل واحد منكم الأساس السياسي القوي ، والنفس الطيبة ، وإمكانية القيادة الممزوجة بنوع من الرضا والبساطة والاستماع لرأي الاخرين للوصول الى الهدف فوجدت نفسي فرحة ولكن حائرة بإختيار ما سأكتب اليوم . فتركت
لقلمي الحرية بالكتابة دون تفكير مسبق . ووجدت نفسي ارجع بالذاكرة واراك كما انت الرجل الذي عرفته منذ صغري ، الطيب القنوع ، صاحب الابتسامة الجميلة المرسومة على وجهك حتى في اصعب الظروف ، تذكرت ابتسامتك الحقيقية في صور السبعينات. ثم تذكرت ابتسامتك وحضنك الحنين لي عند زياراتي السنوية للصويرة قادمة من كربلاءعندما كنت طفلة، ابتسامتك التي كانت تخفي حزنك لبعد ابي عني وعنكم وجهل مصيره . وبعد رجوعي بالذكرى اكثر تذكرت امي الشهيدة ام لينا ، وبطولاتها ، ومعها تذكرتك مره أخرى . فقليل من الناس تعرف عن مساعدتك لها حين عودتها للوطن واختفائها سراً في بيتكم لإنجاز مهماتها ؟ ليس بالكثيرين.. ولكني واخرين نعرف . ولهذا فانا شاكرة وكلي امتنان لما قدمته لها ، سواء كان كبيرا ام صغيرا. فالقليل مما قدم كان كبيرا في زمن الطاغية والعمل السري . وفي ذلك الوقت الذي لم اعرف الكثير عن هذه التفاصيل في حينها كنت تستقبلني بالابتسامة والفرح محاولاً منحي شعورا وكأن الدنيا كلها مرح وكأن كل شيء سيكون كما نتمناه حتى وبدون النطق به عالياً. هذه صفاتك انت وصفات اعمامي ولهذا أكن لكم كل الحب والاحترام .
ويمضي الوقت ، وتستمر الذكريات ، واتذكر اسرك في حرب الثمانينات وحزننا الكبير وألمنا لفراقك... ثم اتذكر فرحتنا بعودتك ، ثم اتذكر ابتسامتك وانت تساعد كل من حولك وتقاسمهم كل ما عندك من الاشياء المعنوية او المادية دون ان تجعل احدهم يحس بمد يد المساعدة ، دون حرج و بدون مقابل ، وكأن الحياة عادلة كما يجب ان تكون . وتستمر عقارب الساعة بالحراك وتمشي بي الذكرى لبداية التسعينات. هل تذكرني ؟ صغيرة ، خائفة وكلي امل باللقاء بابي بعد سنين طويلة ، الاحلام الكبيرة ، العتب ، التعب من الحياة بعمر صغير، هل تتذكر؟ والرعب الذي كان مسيطرا علي وانا اجلس بجانبك ونحن نتوجه الى الاردن بجواز سفر غير قانوني لرفض امن الطاغية سفري؟ جواز سفري الذي كانت تعلوه عبارة - بصحبة عمها..؟ هل تذكر؟ خوفي من ارجاعي ووقوعي بيد الامن في نقطة العبور الى الأردن وتبعثر الحلم.. خوفي من ان اقع بيدهم وتكون هذه نهاية المطاف والحلم.. خوفي من فقدانك وتركي وحيدة حين دخلت غرفة التفتيش الرجالي وانا انتظرك في باب الغرفة والرعب يعشعش في كل كياني ، دخلت وعيناي وروحي ذهبت معك وبقيت متخشبة في مكاني انتظر عودتك وكانت الدقائق و كأنها ساعات طويلة.. خوفي من اليروح بيد الامن والشرطه ميرجع.. ولكن رجعت بابتسامتك العريضة ودون أي خوف وأزحت ثقل الهم عني ، ورسمت الابتسامة على وجهي مرة أخرى واوصلتني لدولة الأردن، أوصلتني لبر الأمان ، اوصلتني لبداية الطريق للقاء بابي.. لبداية حلم عشته بالمخيلة سنين طويلة لتكن انت من اوصلني له ويجعله بداية حقيقية .
كل هذا وابتسامتك كما هي. ومرت السنين والتقينا بعد اكثر من عشرين عاماً في البيت الكبير في الصويرة قرب شارع 14 نخلة ، أحلى شوارع الصويرة ومعي زوجي ابن أحد أعز اصدقائك في الصويرة ومعنا طفلان سمعا مني عبر السنين الكثير من الحديث عنكم ، وعن جميع أعمامي وعماتي وهذا وذاك، هنا وهناك ، بالتفاصيل الكبيرة الى النبتة البرية ( الشفلح ) على شاطئ الصويرة ... قابلتمونا بالحب المعتاد والحضن الحنون. وكانت ابتسامتك كما هي، واحتضنت اطفالي كما احتضنتني في صغري واحسستهم أنت واعمامي وكأنهم ولدوا في هذه المنطقة ورسمتم الابتسامة على وجوههم ، وعادوا الى بلاد الغربة ليحدثوا اصدقاءهم عن العراق الجميل ونخله وطيبة ناسه وعن عائلتهم الرائعة الكبيرة ، عادوا بعد ان جعلوني ان اوعدهم بالرجوع للوطن باقرب وقت ممكن والعيش فيه. هل تتذكر حين جعلونا نوعدهم بهذا امامكم ؟ ابتسامتك ومساعدتك وايصالك لي الى طريق البداية منحني فرصة ما انا فيه الان. فكيف لي ان لا اصوت لك؟ وكيف لي أن لا احدث الناس عن طيبتك وشجاعتك ؟
اعرف انك ستقاسم الآخرين ما قاسمتني به يوما . وهذا ما يحتاجه العراق..
تحياتي لك عمي الحبيب .