المنبرالحر

خارج حدود الحلم.. ثمة حلم / ئاشتي

تشرعُ الأسئلةُ المشاكسةُ أن تفرشَ أجنحتها على أطراف ِمخيلتك الضائعة في احتمالات الممكن واللا ممكن، فتبدو كأنك َداخلٌ في غابة لم تطأ متاهاتها قدم حيوان أو إنسان من قبل، أي أنك تضيع كضياع مخيلتك، ترهن الحاضر بماضٍ صدئ من كثرة استعماله، مثلما ترهن المستقبل بحاضر يعتقد جازما أن ( الحلم هو البريء الوحيد، الذي لا يقدر أن يحيا إلا هاربا) لهذا ترى نفسك في دوامة الأسئلة العقيمة، وعقم الأسئلة يتجلى بوضوح ضوء شمس صيفية من خلال الأجوبة المتعددة الاحتمالات، وقد أورثتك التجربة معرفة جيدة في فهم الأجوبة الصحيحة من الخاطئه في احتمالاتها، وكأنك تستعيد حكاية ذلك الوافد الغريب على قرية من جنوب بلادك:
( ذيچ السنه ..نزل ضيف اسمه أحميد على قرية اعگيل....وچان هذا الضيف لا يزرع ولا يحصد...يسمونه عدنه إلفوه...يعني واحد لاجئ ..مثل اللاجئين العراقيين هسه في بلدان العالم...وبالمختصر چان ياكل ويشرب ويلبس ببلاش عله حساب ديوان الشيخ...بس چان كل سنه بموسم الزرع وهو منتچي بعكسه على المخده بالديوان أيگول جمله وحده ..السنه سنه يعگيل... فإذا كان الموسم جيدا ..ايگول ها يعگيل مو انه بشرتكم وگلت الكم السنه سنه يعگيل..انطوني حصتي من المحصول... وإذا كان الموسم موزين ..ايگول ها يعگيل انتم مناعيل والدين ما تسمعون النصيحه مو گلت الكم السنه سنه يعگيل ..بس انتم ما تسمعون النصیحه.... واستمر الحال به لعدة سنوات إلى أن كان فی سنة ما قد شح المحصول بشكل كامل وقبل أن يشتم أهل القرية جاءوا له وأوجعوه ضربا ورفسا وشتما وهم يرددون ..السنه سنه يحميد... وطردوه من القرية)
تشرعُ الأسئلةُ المشاكسةُ أن تفرش َأجنحتها على أطراف مخيلتك الضائعة في احتمالات الممكن واللا ممكن، فتضيعُ مخيلتك أحيانا في دائرة التشاؤم، ومرات أخرى تغرق في التفاؤل غير المحدود تدعمه ثقتك بشعبك وبالتاريخ والتضحيات والمواقف الوطنية والنزاهة والإخلاص ونكران الذات، فيبدو الحلم لك أقرب من فرحة رمش جفونك في رؤية عزيز فارقته سنينا، أو في الحقيقة يبدو لك هو الحلم خارج حدود الحلم، فيصحو في روحك ثانية سؤال يبدو غريبا ..هل ثمة حلم ..خارج حدود الحلم..وتجيب بكل فرح نعم هناك ثمة حلم.
تشرع الأسئلة المشاكسة...وقبل ذلك يشرع سؤالك لبلادك أين أنت منها؟ وكيف تراها؟ ربما مثلما يراها الشاعر أدونيس حين يقول
(أحارُ كل لحظة ٍ أراك يا بلادي في صورة،
أحملك الآن على جبيني، بين دمي وموتي،
أأنت مقبرة أم وردة؟،
قتلتني قتلت أغنياتي
أأنت مجزرة أم ثورة؟)