المنبرالحر

البرلمان الاوربي القادم وملف العراق بدون ستروان ستيفنسون/ كامل زومايا

اسبوع واحد يفصلنا عن موعد الانتخابات للبرلمان الاوربي الجديد ‏الأحد‏، 25‏ أيار 2014، حيث سيغادر السيد ستروان ستيفنسون منصبه الحالي كرئيس للجنة العراق في البرلمان الاوربي ، مؤكدا ذلك في حديث سابق معه بعدم ترشحه للدورة القادمة ، والسيد ستروان ستيفنسون اسكتلندي الاصل من مواليد 1948، ينتمي لحزب المحافظين في بلده وهو عضو كبير في اكبر كتلة في البرلمان الاوربي ، وقد انتخب منذ عام 1999عضوا في البرلمان الاوربي ولثلاث مرات على التوالي ، ومنذ ذلك الوقت تم تكليفه بعدد من المهام او اللجان في البرلمان الاوربي، ويذكر انه ساعد في غلق ميدان التجارب للاسلحة النووية في منطقة ( سيميبالاتينسك في جمهورية كازاخستان) ،وتقديرا لجهوده منح من قبل حكومة كازاخستان شرف المواطنة ، كما انه حصل على جائزة بقيمة 50 الف دولار في مسابقة اقامتها مؤسسة جون تمبلتون مقرها في الولايات المتحدة الامريكية ، حول المقالات الدولية وكانت مقالته بعنوان "بكاء الابد" والمقالة تجسد معاناة منطقة ( سيميبالاتينسك في كازاخستان) ،وقد تبرع السيد ستروان ستيفنسون بمبلغ الجائزة وقدره 50 الف دولار لـ (جمعية الرحمة الاسكتلندية لمساعدة اهالي منطقة سيميبالاتينسك في كازاخستان) ، كما تبرع ب 20 الف دولار لمستشفى للاطفال في ( سيميبالاتينسك) و 20 الف دولار هي عن واردات البيع لكتابه المنشور في نيويورك بعنوان "بكاء ايضا للابد" الذي يحكي تفاصيل تجربته في منطقة سيميبالاتينسك في كازاخستان.
استلم السيد ستيفنسون ملف العراق في البرلمان الاوربي وتابع ما يتعرض له الشعب العراقي من انتهاكات لحقوق الانسان والعنف بشكل عام والمكونات العراقية " الاقليات" بشكل خاص.
السيد ستيفنسون سوف يغادر البرلمان الاوربي ويترك ملفا مفتوحا لمتابعته من قبل القادمين بعد 25 آيار للبرلمان الاوربي الجديد ، ولكن السيد ستيفنسون سوف لا يترك مهماته في متابعته بقضية حقوق الانسان في الشرق الاوسط وخاصة في العراق وايران ويعود الى بلده اسكتلنده ليتقاعد ، بل سوف يكمل مشواره في احدى المنظمات الدولية المختصة بالشرق الاوسط ، وبهذه المناسبة نتمنى له النجاح والموفقية بأعماله خدمة للحد من العنف والقتل واحترام حقوق الانسان في العراق وايران.

البرلمان الاوربي وملف العراق والحكومة العراقية

لا تجانب الصواب الحكومة العراقية اذا اعتقدت ان مغادرة السيد ستروان ستيفنسون رئيس لجنة العراق في البرلمان الاوربي، يعني طوي ملف العراق بخصوص ما تم توثيقه ومتابعته من قبله واللجنة التي كانت تعمل معه خلال فترة رئاسته للملف العراقي ، حيث وكما هو معلوم ان المجتمع الدولي لا يعمل على اساس شخصنة الامور، الا ان الحكومة العراقية تختزل وكما يبدو موقفها من السيد ستيفنسون ، لما بدر منه من تعاطف مع عناصر "مجاهدي خلق الايرانية" الذين كانوا في مخيم اشرف في شرق بغداد ومن ثم تم نقلهم الى مخيم ليبرتي قرب مطار بغداد الدولي ، حيث تتجاهل الحكومة العراقية وضعهم الانساني وهي تتصرف معهم انطلاقا من مواقفها السياسية ليس كدولة بل كحزب سياسي لا يزال يعيش المعارضة في داخله، وهذا لا يليق بها كدولة تتطلع ان تكون رائدة في قضية احترام حقوق الانسان في المنطقة بالرغم بما اقترفته تلك المجموعة من انتهاكات ضد الحركة الوطنية العراقية ابان النظام السابق، لذا على الحكومة العراقية ان تلتزم بمايلي:
اولا : - ان تتعامل مع عناصر " مجاهدي خلق وعوائلهم واطفالهم الذين ليس لهم ذنبا بما اقترفوه ابائهم وان تلتزم بما الزمت نفسها من عهود ومواثيق دولية بخصوص احترام حقوق الانسان بالنسبة للنازحين واللاجئين والذين من ضمن تركات النظام السابق على اساس الوضع الانساني وليس على اساس تصفية حسابات السياسية مع تلك المجموعة ، طبعا اذا اردنا ان يكون للعراق له سمعه طيبة في العالم المتحضر.

ثانيا :- على الحكومة ومجلس النواب العراقي الجديد ان يراجع ملف حقوق الانسان واوضاع ومستقبل المكونات العراقية الاصيلة " لاقليات" ولابد من اصدار تشريعات وقوانين لحماية خصوصيتهم وحمايتهم من العنف والقتل والتهجير وعمليات التغيير الديموغرافي لمناطقهم بعلم الحكومة العراقية بشكل مباشر او غير مباشر.

ثالثا :- لابد على الحكومة العراقية ان تخطو خطوات حثيثة وواقعية ، وان تقوم بدراسة اسباب ومواقف البرلمان الاوربي من العراق بعقل مفتوح ، علما ان ملف العراق في البرلمان الاوربي لا يتناوله السيد ستيفنسون وحده فقط، بل هناك لجان اخرى كلجنة حقوق الانسان التي تترأسها السيدة ( بربارة لوخ بيلر) عن كتلة الخضر وهي ليست من كتلة السيد ستيفنسون، وكذلك الامر للجنة العلاقات الخارجية ولجنة حرية الاديان في البرلمان الاوربي ، ومن المعلوم ايضا ان القرارات الاخيرة التي صدرت من البرلمان الاوربي في شهر آذار/ 2014 الماضي حول التحديات المهمة التي يواجهها العراق بخصوص ملف حقوق الانسان ، قد اشرت بوضوح نوعية الانتهاكات في عموم العراق واخرها ما حصل في الانبار وبهرز في ديالى واوضاع المكونات العراقية الاثنية ، واليكم الرابط ادناه عن مقررات البرلمان الاوربي.

رابعا واخيرا:- خلاصة القول نود ان نؤكد للحكومة العراقية وبكل اخلاص ان قضايا الشعوب ومطالبات المشروعة للمكونات الاصيلة سوف لا تعالج من خلال تمثيل شكلي لبعض الشخصيات في دفة الحكومة كما كان يفعل النظام الديكتاتوري على سبيل المثال فكان للمسيحيين المجرم طارق عزيز وللشيعة المجرمين سعدون حمادي والزبيدي رئيسا لمجلس الوزراء العراقي انذاك على التوالي ، او من خلال جلب اشخاص غير معروفين لدى ابناء شعبنا وليس لهم تاريخا مشرفا ولا حاضرا نكرا ، ان يكون هؤلاء يمثلونا بهذه الصيغة او تلك تحت اي مسمى كان وهذا الامر استهجنته جميع المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا مؤخرا ، هذه الحلول الترقيعية سوف لا تنفع امام المصير المجهول الذي يتعرض له الشعب الكلداني السرياني الاشوري، والتي ازدادت هجرته امام المزيد من عمليات الاستيلاء والاستحواذ لمناطقه التي يتواجد فيها او يقطنها حاليا ، حيث ان تلك العمليات التي اجحفت بحق ابناء شعبنا اكثر ايلاما ووقعا بما كنا نتعرض له في ظل النظام الديكتاتوري السابق
لذا على الحكومة العراقية ان تتصدى لتلك الخروقات والتصرفات اللامسؤولة واللاانسانية لمعالجة ما اقترفته سياسة المحاصصة الطائفية منذ نيسان / 2003 ولحد الان ، ناهيك بأن الاعتكاز على التبريرات الواهية، على ان العنف والقتل لا يفرق بين ابناء الشعب العراقي وان الارهاب ضد الجميع ، بات هذا الحديث في اروقة المجتمع الدولي وكما يقول المثل البغدادي (ميوكل خبز ) ، لان واقع الحال والمشهد اليومي الذي يهدد النسيج العراقي وما يتعرض له الشعب الكلداني السرياني الاشوري المسيحي بالاخص من تهديد ومحاولة قلعه من جذوره ليس بسبب العنف ، بل الخروقات والتشريعات التي اختزلت الوطن لمجموعة معينة وذات لون واحد والتي تحط تلك الممارسات من كرامة الانسان العراقي اولا والعراقيين من غير المسلمين ثانيا ،وبالرغم ان عشرات الشكاوى والمطالبات المشروعة تم رفعها للبرلمان والحكومة العراقية عن طريق الاحزاب والمؤسسات الدينية والمدنية لأبناء الشعب الكلداني السرياني الآشوري ، الا انها اهملت ولم تلقى آذان صاغية من قبل صاحبي القرار في البرلمان والحكومة العراقية على حد سواء.

وعليه فملف العراق في البرلمان الاوربي ليس له علاقه ببقاء او مغادرة السيد
ستيفنسون او غيره بقدر ما يتعلق الامر في الواقع السياسي في العراق الذي يعيش بأزمة حادة.
لقد تلمست شخصيا في حديث مع احدى الشخصيات الفاعلة في حكومة دولة الرئيس السيد نوري المالكي السيد ( ....) حيث يعتقد سيادته بأن ملف العراق سببه هو السيد ستيفنسون شخصيا لما يبديه من تعاطف مع " مجاهدي خلق الايرانية " ، وقد وضحت له في حينها ان القضية ليست شخصية ، ولكن يجب على الحكومة العراقية ان تعمل على ترجمة العهود والمواثيق التي قطعها العراق باتجاه ابنائه من جميع المكونات الى تشريعات وقوانين تعمل على زرع الثقة بنفوسهم وخاصة جميع المكونات العراقية "الاقليات " الذين يشعرون هم دائما مستهدفين ، حيث باتوا يشعرون بانهم ضيوفا في موطنهم الأصلي من اي وقت مضى ، كما ان الاداء الضعيف والسلبي والهزيل لممثلي السياسة الخارجية العراقية عند المشاركة في الاجتماعات التي يدعوا لها البرلمان الاوربي لمناقشة ملف العراقي اوضاع حقوق الانسان ، هذه الشخصيات ليسوا بالمستوى المطلوب او كما يبدو هكذا تريد منهم الحكومة العراقية ، فأجاباتهم لا تستند الى اساس مادي ولا تمت بالواقع المرير بصلة، ويحضرني هنا امثلة للاداء الضعيف والهزيل للسياسة العراقية الخارجية التي هي بعيدة كل البعد عن الواقع المرير الذي يعيشه شعبنا العراقي ، ففي احدى جلسات الاستماع بخصوص اوضاع ومستقبل شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وبعد تقديمي للاوضاع التي يتعرض لها شعبنا من عمليات قتل وتشريد وتهجير وتغيير ديموغرافي لمناطقه ، طلب السيد ستيفنسون وكما هو معمول في جميع الجلسات، طلب من ممثل العراق الرد على ادعاءاتي ، وكل الذي فعله ممثل الحكومة العراقية، قام بقراءة نصوص من الدستور العراقي!! التي تتحدث عن حقوق الانسان وحقوق المكونات العراقية " الاقليات" ، وهذه الحالة لم تكن وحيدة ففي كل جلسة استماع لا تسمع من المسؤولين العراقيين الحاضرين في الجلسة الا نفي كل ما يتم تقديمه من ادلة وبراهين ووثائق ، حتى اصبحنا سخرية في احدى الجلسات عندما اجاب مسؤول كبير من الحكومة العراقية قادما من بغداد حيث وصف اوضاع المسحيين العراقيين بأنهم يعيشون اليوم عصرهم الذهبي !!! ، او في بعض الجلسات يحاولون بعض المسؤولين ان تتم مقارنة الاوضاع الاقتصادية وتذكيرنا بالحصار وبالانفال وما تعرض له الشعب العراقي في انتفاضته في آذار/ 1991 في ظل النظام الديكتاتوري مقارنتها بما نتعرض اليه اليوم ، اضافة الى انهم يحملونا جميل لمناخ الحرية الذي نعيشه اليوم من خلال الكم الهائل من القنوات الاعلامية ومئات الصحف التي تصدر في العراق ...الخ او في بعض الاحيان يضطرون ممثلي الحكومة العراقية لمقاطعة الجلسة ومغادرتها ، ويسمعوننا كلاما كأنهم الحريصين على مقدرات الوطن ويجري تخويننا، وكأن العراق هو ملكهم وحدهم فقط ونحن ضيوف ، وهذا الامر لم يأتي من فراغ اذا علمنا بأن مجلس الوزراء في احدى خطاباته ينعتنا بأننا عبارة عن جالية مسيحية في العراق ليس الا ..!! ا ..!!

ان ملف العراق سيبقى مفتوحا وملفا مثير في اروقة البرلمان الاوربي مادامت الحكومة العراقية لن ولم تتعامل معه لحد الان بشكل انساني وواقعي من اجل بناء عراق فدرالي اتحادي لجميع العراقيين وان العراقيين سواسية ولهم حق المشاركة في الحياة السياسية بغض النظر عن معتقداتهم الفكرية والدينية ، وعلى الحكومة العراقية القادمة وبرلمانها الجديد عليها ان تتعامل مع قضايا حقوق الانسان وصيانة كرامته وفق المعايير الدولية والعمل على سن قوانين وتشريعات تضمن المشاركة السياسية على اساس المواطنة والعمل على الارتقاء بالوطن لبناء دولة مدنية ديمقراطية متحضرة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والمصالح الضيقة ، والعمل على الاهتمام بحقوق المكونات العراقية " الاقليات " بما يعزز الثقة بين ابناء هذه المكونات من اجل بقائهم في مناطق تواجدهم من خلال توفير الحماية لهم والاحتفاظ بخصوصيتهم الثقافية ووقف وازالة جميع عمليات التغيير الديموغرافي التي تتعرض لها مناطقهم ، والعمل على ترسيخ قيم التسامح وقبول الاخر والعدل بين ابناء الشعب الواحد، هذه من البديهيات في حق المواطن ان يعيش بسلام وامان في وطنه، ومن خلال ذلك فقط بألامكان غلق ملف العراق من اروقة المجتمع الدولي والنهوض بعراق مؤثر في محيطه الدولي ايجابيا
اقدم هذه الملاحظات للحكومة العراقية الحالية والجديدة ايمانا منا وانطلاقا من حبنا للعراق والعراقيين ، ومن اجل العمل في بناءه على اسس سليمة وبمشاركة جميع ابناء شعبنا العراقي ، لكي نفتخر به ويفتخر بنا ، وهذه هي مسؤولية الجميع وعلى رأسها
الحكومة العراقية وبرلمانها القادم
والله والشعب وراء القصد

الرابط البرلمان الاوربي يدعو لمعالجة تحديات يواجهها العراق
http://www.iraqhurr.org/content/article/25282682.html