المنبرالحر

بانتظار تشكيل الحكومة "جيبْ ليلْ وأُخذْ عَتابة " / مازن العاني

أُعلنت نتائج الانتخابات في الاسبوع الماضي وباتت حصة القوائم في مقاعد مجلس النواب القادم و التوازنات بين هذه القوائم واضحة عموما. وشيء طبيعي ان تضيف هذه النتائج عوامل جديدة الى الصراع و الى تواصل لعبة لَيْ الاذرع، بين الخصوم السياسيين و بين الصحاب و الخلان من الاخوة الاعداء. و ما يميز الصراع هذه المرة هو ان الخصومة و الافتراق بين الكتل السياسية الكبيرة، اللذين عهدناهما في المرات السابقة، امتدا اليوم بل ومنذ قبل بدء الانتخابات، الى داخل الكتل التقليدية الكبيرة الثلاث، بين الاحزاب و التنظيمات المكونة لكل كتلة. و هذا من شأنه بكل تأكيد ان يزيد "الطين بلة"، و يضفي تعقيدات جديدة على المشهد السياسي المعقد اصلاً، تؤدي في النهاية الى تأخير تشكيل الحكومة.
واول الغيث في هذه التعقيدات كان الموقف من نتائج الانتخابات. ففي حين ترى دولة القانون و" الكواكب الصغيرة" التي تدور في فلكها ان الانتخابات كانت "ناصعة البياض"، ينظر الكثيرون من خصومها الى الانتخابات كونها كانت مليئة بـ" البُقع و اللُكع"، بقع التزوير والهبات المالية لبعض القوائم الصغيرة و مرشحيها، و لُكع توزيع سندات الاراضي و الرشاوى العينية على المواطنين، ناهيك عن توظيف مؤسسات الدولة و بعض ممتلكاتها في الدعاية الانتخابية !
كل يغني ليلاه في جولات مكوكية و لقاءات متواصلة في الداخل و الخارج و سباق ماراثون صوب تشكيل الحكومة القادمة. و حتى الان يتمحور هذا السباق في مسارين: ما اذا سيجري التجديد بولاية رئاسية ثالثة للرئيس المنتهية ولايته، وما اذا ستكون الحكومة القادمة حكومة اغلبية سياسية، كما يريد السيد المالكي و حلفاؤه، ام حكومة شراكة وطنية او وحدة وطنية كما تدعو الاغلبية من الاحزاب و القوى السياسية الاخرى؟
ويبدو ان الشغل الشاغل للسيد المالكي هو أن اكون رئيس وزراء لدورة ثالثة او لا اكون فهو المسألة التي تحتل تفكيره الان، كما أنه هو المسألةفي بال خصومه ايضا و تفكيرهم، بعد ان جرى طي الوعود و البرامج الانتخابية و رميها وراء الظهور.
و أمام لوحة " الزرق ورق" هذه، بنسختها العراقية وليس الاماراتية او الامريكية، يبدو اننا أمام صراع طويل و مرير، مع مرض دوري عضال يتكرر كل اربع سنوات، قبل ان يحسم أمر الحكومة العتيدة. و سنكون امام معارك و تسقيطات سياسية و اعلامية، و تقاذف مجاني للتهم. وهي معارك و تسقيطات تذكرنا بمرحلة تاريخية سابقة، يوم كان حكام دولنا لا يتورعون عن نشر غسيل لبعضهم البعض حين يختلفون و يختصمون، و كان المواطن في كل مكان مقتنعا ان هؤلاء الحكام لا يَصْدِقون بشيء اكثر مما يَصْدقون عندما يفضح احدهم الاخر و "يشرشحه".
ومن يدري؟ ربما ينتهي كل هذا الصخب بصفقات وتسويات تحت الطاولة، ليس للشعب ناقة فيها و لا جمل.