المنبرالحر

التحالف المدني الديمقراطي والتمسك برؤيته الواعدة / جاسم الحلفي

تشير الدلائل، مثلما هو متوقع، الى ان مفاوضات تشكيل الكتلة الاكبر ستأخذ وقتا طويلا، ارتباطا باشتداد الخلافات بين قادة الكتل المتنفذة. فهناك فريق، يتصدره ائتلاف دولة القانون الذي يريد ولاية ثالثة، يبذل الجهود ضمن رؤية «حكومة الاكثرية»، فيما الفريق الاخر المناهض له، يسعى الى تشكيل الحكومة الجديدة ضمن رؤية «الشراكة الوطنية».
ويبدو للمتابع ان الصراع لا يدور حول خلافات في الرؤى، او في برامج وخطط ادارة البلاد واخراجها من الازمة العميقة، التي تتجلى بمختلف الصور والاشكال، كما لا ينعكس الحراك السياسي في صورة طرح برامج سياسية متقابلة. انما يجسد صراع ارادات يقترب من الشخصنة، التي هي اهم مثلبة في ادارة هذا الملف، وسبب في اضافة عقدة جديدة للازمة المعقدة اصلا. وكأن المتنفذين ينزلون بذلك عقابا بعامة الناس، وخصوصا بالجمهور الذي انتخبهم. ففي كل الاحول، وبغض النظر عن الخطابات والوعود والاساليب التي شهدتها الحملة الانتخابية، كان مطلب التغيير هو الاعم عند الاغلبية من المواطنين.
طبيعي ان كل طرف فسر التغيير بطريقته، او وفق رغبته، ولكن كان هناك شبه اجماع على ان الناس لا تريد استمرار الوضع المستعصي، الذي كان سائدا قبل الانتخابات، وإنما تتطلع الى رسم سياسات تخرج العراق من الدهليز المظلم، الذي دفعته اليه سياسة المحاصصة الطائفية الاثنية، وما انتجت من مشكلات تتفاقم يوما بعد اخر، وتنعكس تداعياتها على جميع المجالات.
ان المتابع لمفاوضات تشكيل الكتل الانتخابية، لا يحتاج الى كثير من التدقيق كي يكتشف عدم وجود فروق جوهرية بين الاطراف المتنفذة، في تناولها للقضايا العامة. فالجميع ينطلقون من بوابة اعادة انتاج المحاصصة، ومهما تفننوا في التورية والتستر على جوهر نهجهم المحاصصي، فان تصريحاتهم سرعان ما تفضح توجهاتهم المؤدية الى اعادة انتاج ازمة نظام الحكم وترسيخها، بكل ما وفرت من مناخ محفز للارهاب، وجو مناسب للفساد، وتمكين لغير الكفوئين من الوصول الى مواقع مهمة في الدولة ومؤسساتها.
في ما يخص التحالف المدني الديمقراطي، الذي خاض الانتخابات وفق برنامج يرفض المحاصصة الطائفية، ويعتمد دولة المواطنة، يتوجب ان يتمسك برؤيته التي مكنته من استقطاب اصوات الكثير من المدنيين، الذين ابصروا فيه نواة ممكنة وواعدة للتغيير المرتجى. الرؤية المدنية الديمقراطية، القائمة على المواطنة والحقوق والضمانات الاجتماعية، بعيدا عن الاستقطابات الطائفية والقومية وصراعاتها المرفوضة، وعن الشخصنة والاهواء والامزجة العابرة.