المنبرالحر

الرحلة الثانية للقطار الأمريكي .. الموصل محطة التزود بالوقود ..!!/ علي فهد ياسين

اذا كان الذهول هو العنوان الرئيسي لأحداث الموصل للعامة، عراقيين وعرب وأجانب من المتابعين للشأن العراقي ، فأن اتساع مخرجاته تمثل الضوء الأخضر للمخططين، عراقيين وعرب رفقة العراب الأمريكي ومسانديه الأوربيين، لاستكمال خطواتهم نحو الهدف الرئيسي المرسوم بالفرض من الأقوياء والطاعة من التابعين .
نتذكر أحداث سجن التاجي، التي نُفذت على طريقة أفلام هوليود، لتهريب المئات من رؤوس الأرهاب ونقلهم في وضح النهار ، بقوافل من عجلات الدفع الرباعي التي ترفرف عليها رايات القاعدة وفروعها العراقية في وضح النهار ، من خاصرة بغداد الى سوريا ، ونتذكر ردود الأفعال الهزيلة من طواقم السلطات ( حكومة وبرلمان وقضاء ) وأذرعها الساندة ، التي أضافت ملفها الى أكداس الملفات المركونة على رفوف التوافق السياسي المقيت دون نتائج .
لقد جاءت واقعة سجون بغداد في توقيت أحتاجه المخطط لأعادة التوازن في سوريا ، بين مجاميع الأرهاب والجيش السوري ، ولأن عراب الحرب في سوريا وطاقمه العربي والمجاور ومسانديه الأوربيين ، يتعرضون الى ضغط غير مسبوق هناك ، بالتزامن مع فقدان جبهتهم في العراق ثقلها المؤثر بعد الأنتخابات الأخيرة ، ولأن اعادة التوازن في سوريا بحاجة الى أعداد من الأرهابيين تفوق الـ ( 500 ) أرهابي التي كانت في سجن التاجي ، فأن سجن بادوش في الموصل يوفر المطلوب ، لكنه يحتاج الى سيناريو آخر غير ذاك الهزيل في وقته .
لقد فرض ميزان المواجهة السوري أحداث الموصل من جانبين ، الأول هو عدد الأرهابيين الذي تحتاجهم الكفة الأمريكية هناك ، والذي لا يوفرهم سوى سجن بادوش ، والثاني هو كسر حالة الاستعصاء السياسي في العراق التي أفرزتها الأنتخابات الأخيرة ، التي أكدت شعبية رئيس الوزراء نوري المالكي بعد حصوله أعلى تصويت فردي يتعارض مع فلسفة منافسيه لاقصائه ، اضافة الى خارطة التشتت التي عصفت بالكتل المقابلة له قبل أن تفرض على أطراف في كتلته ( التحالف الوطني ) وضعاً لايُحسدون عليه .
لكن الأكثر أهمية في الأمر كان كيفية تنفيذ المخطط بعيداً عن محاكاة أحداث سجن التاجي، لأن اعادة السيناريو يفسد المشروع ، خصوصاً أذا كان الهدف في جانبه الرئيسي مماثل ، من هنا جاءت الأحداث صادمة وغريبة ومسببه للذهول الذي أحتاجته وخططت له جهات التنفيذ بدقة لتذر الرماد في العيون ، حتى لو كان رماد الأحداث معجوناً بدماء الأبرياء من الشهداء الذين سقطوا قبل أن يعرفوا حقائق العهر السياسي التي تخطط له أمريكا وتنفذه اذرعها السافلة .
لقد احتاج الأمريكيون أطلاق سراح القتلة من سجن بادوش لنقلهم الى سوريا، ولأن العدد كبير فأن أجتياح السجن يجب أن يُنفذ كونه تحصيل حاصل لأسقاط الموصل برمتها ، ولا ينفع في الحالة هذه اعادة سيناريو سجن التاجي الهزيل ، ولأن سجن بادوش زاوية في غرفة في بيت كبير هو العراق ، فأن التنفيذ لا يمكن أن يتحقق له النجاح الا بموافقة أصحاب الدار المتنفذين على ساكنيه ، وما الأنباء التي تواترت ومازالت عن الأحداث الا تأكيدات لا تقبل الشك عن ضلوع الجميع في التنفيذ ، كُلٌ حسب موقعه وتأثيره ، ولأننا تعودنا على الأداء المسرحي للمسؤولين أمام شاشات القنوات الفضائية ، فأن حلمهم هذه المرة في تمرير الفضيحة يزحف للحضيض .
أما الأسئلة اللاطمة للتبريرات فأن كل سؤال منها كافياً لتعرية ادعاءات المبررين ، وسنسوق سؤالين مهمين ولا ننتظر ردوداً من المتهمين ، الأول .. لماذا كان سجن بادوش مكتضاً بهذا العدد من الأرهابيين رغم هشاشة الوضع الأمني في الموصل ؟ .. والثاني ماهي حقيقة الأوامر المركزية التي تلقتها القوى الأمنية خلال الساعات التي سبقت سيطرة الأرهابيين على الموصل ؟ .
أن أحداث الموصل تعيد الى الأذهان الدور الأمريكي المشين في تأريخ العراق السياسي ، فقد أمسى واضحاً وبشهادة رموز من قادة حزب البعث تضمنتها مذكراتهم وأعترافاتهم ، أنهم جاءوا للحكم في تموز 1963 بقطار أمريكي ، حين أعتمدهم الأمريكيون لمواجهة المد اليساري في حينه ، لكن الأمريكيين الآن غيروا مطاياهم باتجاه العصابات التكفيرية التي أعتمدوها في افغانستان بمساعدة ذيولهم العربية بديلاً عن ( فرسان القومية العربية ) ، قبل أن تتقاطع مصالحهم معها بعد أنجازها المهمات الموكلة اليها ، لتكون عدوتهم بعد الحادي عشر من ايلول 2001 ، لحين عودة الوفاق بينهما منذ أحداث تونس ولازال فاصل العسل الدموي المنتج من هذه الشراكة البعيدة عن المبادى الأنسانية ، يسمم الابرياء في المنطقة والعالم باسره ، وقد عاد الأمريكيون لتسيير قطارهم برحلة ثانية هذه المرة ، على سكةِ يخططون لادامتها من حلب الى بغداد ، وما حدث في الموصل خلال الساعات الماضية الا توقف للتزود بوقود الارهاب الذي يدعمونه.