المنبرالحر

نكسة حزيران67 -- خوطر مؤلمة لن تنسى / عبد الجبار نوري

في ألخامس من حزيران عام 1967 مرور 47 عاماً على حرب ألأيام ألستة أو نكبة حزيران والتي نتجت عنها أنْ أحتلتْ اسرائيل سيناء بأكملها حتى قناة ألسويس ، ومرتفعات ألجولان ، وألقدس ، ألضفة الغربية ، ألوف ألقتلى وألجرحى وألأسرى ، مئات ألملايين ثمن ألمعدات ألعسكرية والتجهيزات الحربية والمدنية ، وتعد حرب 67 ألحرب ألثالثة ألتي خاضتها أسرائيل ضد ألعرب فيما سميّ بالصراع ألعربي ألأسرائيلي وقد أنتهت بأستيلاء أسرائيل على كل دولة فلسطين ، هذهِ ألمنطقة ألجغرافية ألتي كانت ألسلطة ألقائمة عليها ما بين 1923 وحتى عام 1948 تدعى حكومة فلسطين تحت ألأنتداب ألبريطاني وتدعو ألأرض ألكائنة عليها " فلسطين" ومعظّم أهلها من ألعرب ألمسلمين وألمسيحيين بألأضافة ألى أقلية من أليهود ، وكان نفوذها يمتد على جميع ألأراضي ألتي يدعوها أليهود أليوم أسرائيل ويطلقون عليها ألعرب " فلسطين ألمحتلّة ، وهذهِ ألأرض كانت جزء من بلاد ألشام لأكثر من أربعة عشر قرناً .
عدوانية ألأحتلال : ولا زالت أسرائيل مسيطرة على عامل مسْك ألأرض في تكريس أحتلالها للأرض ألعربية ، وغيّرتْ الطابع ألديموغرافي، وألواقع ألأقتصادي ، وألواقع ألجغرافي ، وألأستيطاني ، وألأعتقالات ، وألأغتيالات ، وألعنف ألمفرط في مواجهة أنتفاضات ألشعب الفلسطيني، أضافةً ألى طغيان ألأثنية ومحو ألهوية ألعربية وخاصةً ألهوية الفلسطينية بطمس تراثها ولغتها وثقافتها عندما أغلقت جامعة ( بير زيت).
وبصراحة ألجرح كبير وقنواته متشعبة وغائرة في جسد ألأمة وبمساحة تأريخية وجغرافية عميقة ، وسوف أسلطْ ألضوء في هذهِ ألمقالة ألمتواضعة على جانب واحد ( أسباب خسارتنا ) في هذهِ ألمأساة ألتأريحية ، ونحاول أخضاع أنفسنا للنقد الذاتي ونفصح عن ما لنا وما علينا من خلال أيجابية ألعقل الباطني وأعلانها مرفقة بالجلد ألذاتي كعقوبة سايكيولوجية لأجيال عايشت المأساة وشربت من ذل ألهزيمة ألمنكرة --- حين وقفت كولدا مايير- رئيسة حزب ألتآلف اليهودي - في كيلو 101 عن ألقاهرة وتشير " أستسلموا سوف نسقط عاصمتكم" وكذلك لاننسى شماتة موشي دايان وزير دفاع ألعدو وهو يهين كل العرب ويقول: هل أعتقدتم أنّ الحرب نظم شعر؟
"عوامل خسارتنا ألفادحة"
1-أعتمدت أسرائيل على ألحرب ألأعلامية وأطلقت حملة من ألحرب ألنفسية حين أستغلت ألعقلية أليهودية ألقديمة في أوربا ألمستندة على ألظلم ألواقع على أليهود ومعاناتهم من أضطهاد ألأعراق ألغير سامية أو ما يسمى بألعداء للسامية ومحارق ( الهليكوست) ألنازية وحصلت على دعم أمريكا وأنكلترا معتمدةً على الفكر أللآهوتي ألتوراتي والتي هي فلسفة ألتلمود ألمشترك بين أليهود والطوائف ألتي تدين بها أغلب ألأنكليز وألأكثرية ألساحقة من ألأمريكان ، (مقالة عن معادات ألسامية / ألموسوعة ألبريطانية)
2-عوامل عربية داخليّة كأنشغال ألدول ألعربية بالأنقلابات ألعسكرية في تدخل ألعساكرفي ألهيمنة على سياسة بلدها ألداخلية مثل سلسلة ألأنقلابات ألعسكرية ألفاشلة في كلٍ من ألعراق وسوريا ومصر والتي أدخلت ألبلاد ألعربية في سلسلة أزمات في حين ألعدوان ألأسرائيلي قائم وفارض وجودهُ والهزائم العربية تتكرر.
3-تكفير ألأخوان ألمسلمين للحكومة ألمصرية ومحاولاتهم قلب نظام ألحكم وفرض ألأسلمة ألسياسية والقيام بالتخريب وألأغتيالات ، وأضطّرتْ حكومة عبد ألناصر على ألتضييق عليهم وأعدام زعيمهم سيد قطب عام 1966 ، وأصبحت مصر- ألدولة العربية ألكبيرة والتي لها وزنها وثقلها ألسياسي – تعاني من وضعٍ داخلي سيء، والعرب أمام تحدي أسرائيلي خطير .
4- ألتجسس ألذي كان ينخر في جسد ألحكومات ألعربية في جمع ألمعلومات عن ألسلاح ألعربي للتعرّف على أسرارهِ ، والعمل كطابور خامس لتحطيم الجبهات الداخلية مثل منير روفا من العراق الذي أختطف طائرة ميك 21 ونزل بها الى تل أبيب ، و كذلك عزرا ناجي زلخا ، وكوهين ، وأمينه ألمفتي من لبنان ، ومستر بيف من الأردن ، وهبة عبد الرحمن عامر سليمان من مصر--- وهم كثيرون ، بألأضافة الي زرع أسرائيل وأستثمار أدق ألأختراعات ألحديثة وتجنيدها لصالح مخابراتها المسنودة من مراكز المال والثروة في العالم .
5- أعتمدتْ أسرائيل على مبدأ ألتفوّق في السلاح وخاصةً ألتفوّق ألجوي مع وحدة ألعقيدة ألعسكرية ، وألقيادة الهرمية ألموحدة عكس ألجبهة ألعربية ذات ألقيادات ألمتعددة وألأيديولوجيات ألمختلفة ألتي كانت لها ألأثر ألكبير في تحقيق ألهدف ألمنشود وهو ألحلم بالنصر.
6- أعتمدت أسرائيل على ألدول ألكبرى لوجستياً وتعبوياً بأختيار ألزمان والمكان ألمناسبين ، وخاصةً أمريكا الصديقة الحميمة لأسرائيل ألي شاركتْ قولاً وفعلاً بتقديم ألمشورات وألخبرات ألعسكرية والحربية واللوجستية ودعم ألمعركة مادياً من خلال أساطين ألمال ومن أللوبي ألصهيوني ملياديري ألكونكرس ألأمريكي ، والتي كان لأمريكا وبريطانيا وفرنسا لهم دور كبير في ألتأثير على أعضاء مجلس ألأمن بأصدار قرار (وقف أطلاق ألنار) 242 ألقاتل بتوقيتهِ بعد أتمام ألعدوان مباشرةً وكان هذا من أهم أسباب هزيمة ألجبهة ألمصرية والذي فسح ألمجال أمام ألقوات ألأسرائيلية بتنظيم وحداتها فيما يسمي عسكرياً ( أستثمار ألفوز) ، وخاصةً قرار ألأنسحاب ألمفاجيء وألعشوائي ألخاطيء ألذي أصدرهُ ألمشير عبد ألحكيم عامر بأمر من عبد ألناصر وألذي أحدث ألفوضى وألأرتباك في صفوف ألقوات ألمصرية ( مذكرات نبيه سيحمات/ عن حرب 1967 ).
7- ألأختلاف ألأساسي بين ألجيوش يكمن في كفاءة ألجيش ألأسرائيلي في أستخدام ألأسلحة وألمعدات ، وألمقدرة ألتنظيمية وألتعبوية وألقيادية وتوظيفها بشكلٍ سليم عكس ألجيوش ألعربية ألثلاثة .
8- مصادر ألسلاح ألأسرائيلي : ظلتْ أوربا ألغربية وخصوصاً ألمانيا ألأتحادية وفرنسا وبريطانيا ألمُوّرّدْ ألرئيسي للسلاح ألأسرائيلي ، وكانت فرنسا بألذات بألصدارة قبل 67 حين عقدتْ ألدولتان عدة صفقات في ألفترة بين 1955 -1967 حصلتْ أسرائيل على 300 طائرة حربية ، وفي 1961 وقعتْ اسرائيل على أتفاقية سريّةٍ مع ألمانيا ألأتحادية تمّ بموجبها تزويدها بألدبابات وقوارب ألطوربيد وألأسلحة ألمضادة للدبابات وقذائف القنابل وطائرات مروحية ، وحصلت من أمريكا دبابات متطوّرة وحديثة ، ومن بريطانيا دبابات سنتوريون ألثقيلة وعدد من ألسفن ألحربية وهذهِ ألصفقات ألأخيرة تمتْ في 28 مايس 1967.
9- وأستفادت أسرائيل تعبوياً من ألغنائم ألحربية مثل نهب آبار ألنفط لسد حاجاتها ألمحلية ، وألأستفادة من ألمطارات وألقواعد ألجوية ألتي كانت موجودة آنذاك ، ووضع أجهزة أنذار على الجبال وألمرتفعات ، وأقامة خط دفاعي على ألضفة ألشرقية من قناة ألسويس عُرِفَ بأسم ( خط بارليف) وهذهِ ألأمور أفادتها عسكريا وأستراتيجياً فحسّنتْ من قدراتها على ألمناورة بقواتها وأصبح بمقدورها مهاجمة مصر في ألعمق ، فطالتْ طائراتها ألكثير من ألمنشآت ألعسكرية والمدنية وألأقتصادية .
10- دور عبد الناصر في هزيمة حرب يونيو: أولاً/ علمْ عبد ألناصر ألمسبق بوقوع ألحرب ، وذلك بوجود معلومات وتفصيلات عن أستعداد أسرائيل ألعسكري للحرب وتحديد يوم 5 حزىران للهجوم على مصر ، وذلك عن طريق مندوب ألمخابرات ألمصرية ألمزروع في أسرائيل وألمسمى( رأفت الهجان) ، وأعطاء كولونيل فرنسي تفاصيل خطة ألهجوم على مصر وساعة وتاريخ أليوم للمفوّض ألمصري بباريس ( عز ألدين شرف) ألذي سافر الى ألقاهرة لأبلاغ شقيقهِ( سامي شرف )مدير مكتب ألريس وألذي قام بدورهِ بأبلاغ عبد ألناصر بذلك في نفس أليوم . ثانياً/ أستجابة عبد الناصر لنداء روسيا وأمريكا في ألتريّثْ . ثالثاً/ أمر عبد الناصر في ألأنسحاب والموافقة على قرار وقف أطلاق ألنارألصادر من مجلس ألأمن - بالوقت ألذي تتجاوز أسرائيل جملة قرارات أممية تراها ضد مصالحها – مما أعتبرهُ ألكثير من ألخبراء ألأستراتيجيين أنهُ قرار فوضوي غير مدروس وبدون خطة مما أربك ألقوات ألمصرية في صحراء سيناء ألمكشوفة وأصبحت هدفاً سهلاً للطيران ألأسرائيلي مما عرّضها للأبادة وتركها للأسلحة وألمعدات وألعربات وألفرار بأتجاه ألقناة وألنجاة بنفسها . رابعاً/ تخبط عبد الناصرفي أجراءاتهِ ألعسكرية كتخفيف حمولمة ألطائرات من ألذخيرة بنسبة 25 % وألسماح لأجازات ألطيارين بنسبة 15 % (نقل من ألأرشيف ألعسكري ألمصري ومقتطف من مقال / ألأستاذ أحمد عبد ألمجيد / محلل أستراتيجي مصري) ، ويقول ألفريق ألأول ( محمد أحمد صادق) مدير ألمخابرات ألحربية ألمصرية 1967 : " أنها جريمة كبرى ولا يمكن أنْ أصفها بأقل من ذلك تلك ألتي أرتكبوها في حق ألشعب ألمصري وهم ينفذون مشروع ( ألتعبئة ألعامّة لمعركة 5 يونيو) : عندما قاموا بكل هزل وأستخفاف بأرسال تشكيلات قوات ألأحتياط بملابسهم ألمدنية ألى مسرح ألقتال ودون أسلحة أو أغذية أو أدوية بل بدون توفير مياه ألشرب لهذهِ ألقوات ، وأرسلوا مئات ألدبابات دون وقود ودون أبر ضرب ألنار ألى سيناء ، وأطقم ألدبابات ت 34 ألى ت 54 ، ودبابات جديدة خرجت من ألمخابرات بشحومها وبدون بطاريات أو ذخيرة ألى سيناء دون أن يكون لدى قادتها خرائط بمواقعهم أو أوامر بواجباتهم ألقتالية --- ويتابع ألجنرال ألمصري بمرارة : كما شحنوا ألى ألجبهة بوحدات ألحرس ألوطني دون مهامٍ لها فتحولوا ألى عبء خطير أدارياً وقيادياً وأنسانياً ولم يرسلوا أليهم أغذية تكفي أسبوعاً ولا حتى يوماً ولا بمياه ألشرب أو ألدواء تحسباً للأمراض ألمفاجئة ، أعادوا قادة من ألجبهة وأرسلوا بدلهم قادة جدد دون أن يكون لديهم أدنى فكرة عن تنظيم ألتشكيلات ألتي سيتولون قيادتها ، وأستمر ّ ذلك حتى نهاية يونيو ، وظلت مستودعات ألذخيرة وألبترول وأحتياطات ألغذاء ألجاف منتشرة ومتناثرة في جبهة سيناء دون نقلها ألى مستودعات أخرى – كما تستلزم حالة ألسلم- وفعلاً وقعت جميعها في أيدي العدو ألذي أستخدمها وهو يزحف متقدماً ألى ألضفة ألشرقية من ألقناة ، وحلل الصحفي ألأستراتيجي محمد حسنين هيكل :"أنّ تعطيل سلاح ألجو ألمصري هو ألسبب ألأبرز لخسارة الحرب والبيروقراطية ألأدارية حالت دون أستعمال صواريخ أرض جو ضد ألطائرات ألأسرائيلية صباح يوم ألهجوم" .
،11 – وجملة أجراءات وأحداث أحترازية ووقائية عربية أعتبرتها أسرائيل أستفزازية مؤثرة تهدف لأنهاء وجودها حسب تصورها ألعرقي والعدواني ، منها : قرار مؤتمر ألقمة ألعربية 1964 في ألقاهرة بتحويل مياه نهر ألأردن في كل من سوريا وألأردن ، وتأسيس منظمة ألتحرير ألفلسطينية ، وجرتْ ألأمور بأتجاه حرب ألمياه بين ألطرفين حين سحبت أسرائيل مياه نهر ألأردن عام 1964 وأزاء ذلك قرر ألعرب بناء سدود على روافد أنهارهِ مثل نهر أليرموك وبانياس وألحصباني وتصاعد ألتوتر في ألمنطقة ، في 22 مايس1967 أعلنت مصر أغلاق مضيق تيران أمام ألسفن ألمتجهة ألى ميناء أيلات وألتي أصبحت سببا مباشرا في ألحرب.
وخسرنا ألحرب بهزيمة تأريخية نكراء ، وأعلن جمال عبد الناصر تنحيه عن رئاسة مصر متحملاً ألمسؤولية ألكاملة عن ألهزيمة ، وفي 1 سبتمبر توفّي ألمشير عبد الحكيم عامرألقائد ألعام للجيش ألمصري بظروفٍ غامضة وهو تحت تأثير شد نفسي كبير، تلاهُ أستقالة أحمد ألشقيري زعيم منظمة التحرير ألفلسطينية ( صاحب نظرية رمي أسرائيل في ألبحر)