المنبرالحر

شجاعة .. ونذالة! / طه رشيد

لم يكن زامل الساكن في قطاع 61 الا "نكرة" ولم يجلب لساكني محلته سوى الازعاجات المتكررة خاصة بعد ان تحول من موبوء الى « نصير» . ولم ينفع معه لا هش ولا نش ..
جاء بصحبة زبانيته من الفرقة الحزبية ليداهم الجيران واحدا واحدا ، حتى وصل الى بيت ام قاسم التي منعته من الدخول بحجة عدم وجود « زلْمة» في البيت. اذ لم يكن، في تلك اللحظة، سوى بناتها الثلاث وبقية صبيانها الصغار. وحين اصر زامل على دخول الدار، هدّت عليه ام قاسم بعصى غليظة « توثية «، اخفتها خلف الباب لطواريء كهذه. تراجع زامل وهو يتهدد ويتوعد وبانه سيعود ثانية.
وصل قاسم عصرا عائدا من كليته، واخبروه بما جرى فاستشاظ غضبا وطلب سلّما !
كان والده قد خبأ بندقية في سقف غرفة النوم. واعتقد قاسم انها اللحظة المناسبة للكشف عن هذه البندقية، التي تحدث عنها والده مرارا بانه ورثها عن ابيه حين كان صبيا في الاهوار.
تسلق قاسم السلّم، باحثا بين حصران السقف عن البندقية.. انفتحت اساريره وهو يتلمس جسدها البارد. سحبها رويدا رويدا.. وكانت المفاجأة الكبرى حين لم يكن هناك سوى الماسورة «الصبطانة» دون اخمس او نابض او شاجور. لا شيء يؤهلها ان تكون بندقية سوى الشعيرة المثبتة كعرف ديك في مقدمتها . يعني "بالعراقي" قاسم انضرب بوري!
قاسم لم يتراجع، وقد آمن بان قضية تأديب زامل لا بد منها!
ارتدى معطفا، اخفى جزءا من البوري تحت ابطه واخرج ما تبقى من الماسورة.. نهرته والدته، ولكن لا تحذير ينفع مع قاسم، اذ قرر ان يهاجم زامل، للمرة الاولى والاخيرة، وفي عقر داره.
صراخه كان يسبق ظله: وينك زويمل، نذل، لا تقول اخذتك غفل، جايك وجه بوجه .. وصل خبر البندقية الى زامل قبل ان يكمل قاسم شتائمه وتهديده. الاطفال يحيطون بقاسم من جهات ثلاث، يتقافزون تارة ويصفقون تارة اخرى،. اما الكبار فانهم يتوسلون قاسما كي يكف عن هذا، ولكن هيهات فقد قرر قاسم ان يذهب بالمعركة الى نهايتها.
وصل قبالة دارهم : اطلع جبان، نذل، اطلع اذا ما افرغ كل الطلقات براسك .
استجاب اخيرا قاسم لتوسلات ام زامل واقسمت نيابة عنه بانه سوف لن يقترب مرة اخرى من دارهم.
ما ان عاد الى البيت حتى افترش الارض مع اخوته ووالدته وهم لا يقوون على التنفس من شدة الضحك.
وراح قاسم بعد ان هدأت عاصفة الضحك، يحدثهم عن اهمية الارادة في تفيذ اي عمل. ومن اجل ان تنتصر على عدوك عليك الايمان بقضيتك اولا والدفاع والتفاني من اجلها. اما السلاح والعدة فهما مكملان وليسا اساسيين. ولكم ان تتذكروا اجدادنا الذين انتصروا على الانكليز الذين كانوا متفوقين في السلاح عدة وعددا وتقدما تقنيا، الا ان ارادة اجدادنا وايمانهم بعراقهم كانا اقوى بكثير، وهنا يكمن سر انتصارهم!
فلنحذوا حذوهم في حربنا ضد»الدواعش» ومن لف لفهم من القتلة.