المنبرالحر

الموصل... رئة العراق النابضة بالحياة / عبد الجبار نوري

انّها نينوى شمال العراق الحبيب ، ومركزها الموصل وهي مدينة ذات طابع تاريخي يرجع تاريخها الى سبعة الاف سنة او الى عشرة الاف سنة كما يذكر بعض المؤرخين ، وقد زارها الكثير من الرحالة والمؤرخين مثل ابن حوقل/ وصفها : بانّها مدينة ذات ريف خصب ، المقدسي/ قال فيها : انّها مدينة على شكل نصف دائرة ، ابن جبير/ قائلا : انّها مدينة ذات غلّة وفيرة في وسطها قلعة محاطة باسوار ، الشاعر العباسي ابو تمام / الذي اقام فيها وعينهُ الخليفة صاحب البريد ، وقال في الموصل :انّها اوسع مدن العراق واوفرها رزقا ، وسميّتْ نينوى وترجع التسمية الى 1800 ق م في العهد الاشوري – الاكدي ، وذاع صيتها عندما عرفتْ بعبادة الالهة ( عشتار) الهة الخصوبة الرافدينية ، وهي تاج شمالنا المرصّعة باثمن واعرق لؤلؤة مختومة بانامل اشور بانيبال قبل اكثر من اربعة الاف سنة ، انّها ام الربيعين حين يتجدد عنفوانها وروعتها لفصلين ، انّها الحدباء الموغلة في اعماق التاريخ ، انّها مدينة الخيروالعطاء الرافديني ، انّها الماء --- والخضراء---والوجه الحسن، انّها مدينة الشعب الموصلي الكريم الشهم المفعم بالعراقية الاصيلة حين عشق مدينتهُ عشقا صوفيا واقترن بها بعقدٍ كاثوليكيٍ لا رجعة فيهِ عندما انتزعها من براثن الدولة العثمانية التي استمرّتْ هيمنتها على الموصل حتى نهاية الحرب العالمية الاولى ، وكانت بريطانيا وفرنسا قد عقدتا اتفاقيّةٍ سريّةٍ عُرفتْ بعد ذلك باسم ( سايكس بيكو) فيها تقسيم الولايات العثماية العربية بين الدولتين ، فاصبحتْ "الموصل" في منطقة النفوذ الفرنسي ، تمكنتْ بريطاني اقناع فرنسا بالتنازل عن الموصل لاكتشاف النفط فيها فاحتلتْ المدينة في 7 تشرين الثاني 1918 ، وذلك بالرغم من عقدْ هدنة مع العثمانيين بموجب معاهدة سيفر 1920 ، واوصتْ بالاستفتاء ، غير انّ تركيا استمرتْ بالمطالبة باحقيتها حتى سنة 1925 عندما قررتْ عصبة الامم عودة الموصل الى العراق في 3 تشرين الاول 1932 بنتيجة استفتاء اجماع مطلق من الموصليين بضم الموصل الى المملكة العراقية مستندين الى قرار معاهدة سيفر 1920 باستفتاء الخيار بين الانضمام الى تركيا الحديثة ام الى العراق ؟؟!!! فكان الجواب موصليا عراقيا صميما نعم نعم للعراق--- فسُجلتْ الموصل ب(الطابو) العثماني باسم العراق ، نتيجة لتمسكهم بعروبتهم وقدسية تراب العراق --- حين تُذكرْ الموصل تستحضر كل عوامل الابداع والاق العراقي توشّحتْ الموصل بقصب السبق الريادي في كل المجالات ، وهم انموذج للتفكير المنظّم المرتكز على العمق الحضاري والتجذير التاريخي في مكامن العطاء الزاخر والبناء على امتداد تاريخها الوضاء ، خاصةً منذ مطلع القرن العشرين الدولة العراقية الحديثة 1921 كان للموصل وابنائها حضورا تاريخيا في ارساء دعائم التاسيس ، اذ رفدتها باعلام التخصصات ليساهموا في التشييد وليتركوا بصماتهم التي تحدثّتْ عنها كتب التاريخ والمنصفون من المؤرخين ، ولا زالت الموصل معينا لا ينضبْ من الكفاءات العلمية والتخصصات الادبية والادارية المبدعة وعطائها الثر في مختلف جنبات الحياة ( تعليق الدكتور ذنون يونس الطائي في تثديمهِ للموسوعة) واني شخصيا معجب جدا بموسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين للدكتور عمر محمد الطائي/ 2008 لانهُ يعتبر مرجعا وارشيفا لتاريخ الموصل ، يتابع الدكتور ذنون يونس الطائي مدير مركز دراسات الموصل في تقديمهِ للموسوعة " انّ الشخصية الموصلية افصحتْ عن امكانيات كبيرة في البناء الوطني من خلال المشاركة الجادة والواعية والاسهام في بناء المؤسسات الوطنية ، وتوظيف الخبرات الادارية والوظيفية والعسكرية والعلمية والثقافية وتسخيرها لخدمة العراق العزيز ---
واخترت بعض الاعلام الموصلية لانها تعد بالالاف :* الفريد سمعان 1929 الموصل ، شهادة كلية الحقوق ، دبلوم 1971 في التخطيط من معهد الامم المتحدة ، وهو شاعر واديب وباحث، وسياسي يساري، رئيس اتحاد ادباء العراق 20014 .* محمد حديد 1906 الموصل من اسرة تجارية ، وهو سياسي ومهندس تصنيع الزيوت والصابون في العراق ، و وزير تموين في الحكومة الملكية ووزير للمالية في حكومة الجمهورية الاولى 1958 . * جواد سليم 1921 الموصل نحات وفنان تشكيلي ،اقام "نصب الحرية " وسط العاصمة بغداد . *عوني كرومي 1921 ، دكتورا من المانيا بالمسرح ، مخرج مشهور حيث اخرج اكثر من خمسين عملا مسرحيا . * كامل قزانجي 1907 الموصل اختصاص اقتصاد سياسي من الجامعة الامريكية بيروت 1930 ، وحقوق 1947 من بغداد ، وهو سياسي انضم الى الحزب الشيوعي العراقي واغتيل عام 1959 . * قيس محمد صبري الوتار 1947 الموصل ، وهو طبيب من جامعة الموصل 1970 وحصل على F R C S من كلية الجراحين الملكية البريطانية ، وعضو جمعية جراحي الاطفال البريطانية 1970 ، و FRCS / 1971 من .كلية الجراحين في كلاسكو .
سكانها/اغلبية سكان الموصل عرب ينحدرون من خمسة قبائل شمر، جبور، دليم ، طي ، بقاره ، وسكان الموصل العرب يتحدثون اللهجة الموصلية العربية والتي لها الدور الاكبر في الحفاظ على هوية المدينة تختلف بما في لهجات العراق والشام ، اهم خصائصها قلب الراء الي غين كقول غاس بدل من راس ( راس) وحكم الجغرافية والتاريخ فقد تاثرتْ اللهجة باللغات المجاورة وخصوصا التركية والفارسية الى جانب تاثرها بالكردية والهندية والانكليزية. ويشكل المسلمون في الموصل 90 % والباقي من المسيحيين والشبك واليزيديين ، ويقدر عدد السكان في الموصل – وهي مركز نينوى – حوالي مليوني نسمة ، اما عدد سكان نينوى 2007 هو ثلاثة ملايين وسبعمئة الف نسمة ، فبجانب العرب الذين يمثلون الاغلبية في مدينة الموصل وقضائي البعاج والحضر ، ويشكل المسيحيون نسبة هامة وينتشرون في مناطق سهل نينوى ( شرق نهر دجلة ) وخاصةً قضائي الحمدانية ( اغلبهم من السريان) وتلكيف ( اغلبهم كلدانيه) كما يشكل اليزيديون الاغلبية في قضائي سنجار والشيخان ( موسوعة ويكيبيديا العالمية) ، وتقدر مساحة نينوى ب –32308 كم2 .
معالمها التاريخية
*مكتبة اشور بانيبال 612 ق-م/ *مدينة الحضرالاثرية /* مدينة النمرود / *قصر اشور بانيبال / *سور الموصل /*قلعة باشطابيا / *الجامع الكبير( النوري) فيها منارة الحدباء 568 م/ * جامع النبي يونس/ * جامع النبي جرجيس /* جامع النبي شيت/ * جامع الاغوات/ *الثور المجنح /* دير مار كوركيز/ * دير متي /*مطرانية الساعة / * كاتدرائية مار توما الرسول / * كنيسة اللاتين/ * قبر المؤرخ ابن الاثير/ * تمثال الشاعر ابو تمام 803 م / * مرقد الشيخ فتحي( الف ستة) /* تمثال الملا عثمان الموصلي 1271 م .
المواقع السياحية
*غابات الموصل/ *مصيف سولاف/* مصيف سرسنك /* مصيف زاويته
الموصل بعد سيطرة داعش
يشعر سكان الموصل انّ مدينتهم عادتْ في ظرف اسبوعين فقط مئات السنين الى الوراء ، بعد ما احكم مسلحون ينتمون الى الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) وتنظيماتٍ اخرى سيطرتهم على ثاني اكبر مدن العراق وفرضوا عليها قوانين متشددة ، وخلال فجر الثلاثاء العاشر من الشهر الحالي سقطتْ المدينة بيد المسلحين ، اعادوا الموصل الى اكثر من الف وخمسمئة سنةٍ الى الوراء بتطبيق قوانين تتعارض مع حقوق الانسان والقوانين الدولية ، في اليوم الثاني اصدروا "وثيقة المدينة" وتنص على 16 نقطة "محرّم" : الاتجار بالخمور، المخدرات، الدخان، المجالس والتجمعات، الرايات ، حمل السلاح، مراقد الشرك ، المزارات الوثنية ، خروج المرأة بدون محرم ، صالونات الحلاقة الرجالية والنسائية ، لعبة كرة القدم ، النرجيلة ، محلات عرض الملابس النسائية ----اضافة الى محو الوجود الحضاري لمدينة الموصل بهدم كنائسها واديرتها التاريخية وتحطيم تماثيل رموزها الادبية والفنية والتراثية ، ورفع تماثيل المدينة منها تمثال الملا عثمان الموصلي وتمثال الشاعر ابي تمام وتمثال بائع شراب عرق السوس وتمثال المرأة الموصليّة ، وتمثال مريم العذراء ----- بالاضافة الى معاناة السكان من حرمان الخدمات اليومية الضرورية ونقصها كالكهرباء والماء ، وسرقة موجودات البنك المركزي للمدينة وبقية المصارف ، والمحاكم الشرعية للنساء، و35 محكمة شرعية للرجال يطبق فيها الحد في القصاص الشرعي !!!!!