المنبرالحر

الْمُفَاضَلَة ! / يوسف أبو الفوز

لا يختلف أثنان في كون بلدنا العراق يمر بمرحلة غاية في التعقيد، نتيجة لتراكم كم هائل من العوامل أفرزتها المحاصصة الطائفية والاثنية، التي ولدت صراعا غير مبدئي على الثروة والنفوذ بين أطراف العملية السياسية، ما ولد معارضات واحتجاجات وصراعات قادت المشهد السياسي ليكون سرياليا بتعقده، واضعا مستقبل العملية السياسية وعموم مستقبل البلاد أمام مخاطر، قليل بحقها القول أنها كارثية. وستكون اللوحة أعقد وتزداد المخاطرسوءا، أن لم يكن أهل السياسة ــ رجالا ونساء ــ بمستوى المسؤولية، ويعملون بعقلية جديدة يتجاوزون فيها حالات المناكفات وتبادل الاتهامات، التي الى جانب سوء الادارة للبلاد قادتنا الى ما نحن عليه !
ورغم ان الطبيب نصح صديقي الصدوق، أبو سكينة، بعدم الصوم هذا العام، الا أنه اصر على الصوم ورتب أوقات تناول أدويته لتكون في فترة الافطار، مع الوعد بتناولها فوراً أن تطلبت الحاجة، ما جعل أم سكينة في قلق دائم.
قبيل موعد الافطار بنصف ساعة وصلنا بيت ابو سكينة تلبية لدعوته لنفطر معا. وكان جليل وزوجته قد سبقانا بقليل، وكانت العلاقة بينهما رجعت دهن ودبس، مما جعل زوجة جليل في مزاج طيب لتشاكس أبو سكينة كعادتها وهي تغالب ضحكة بروح تآمرية:
ـ عمي عرفت أنت صايم عن الشرب والطعام، بس يقولون ما صايم عن تضاريس المسلسلات العربية؟
وكانت زوجة جليل تلمح لما قالته لها أم سكينة بأنه حريص على متابعة مسلسل عربي، ولا يفوت حلقة منه، حتى حلقات الاعادة، وبطلته فنانة معروف عنها في كل مشهد تغير من ثيابها أشكال وألوان وتحرص على أبراز تضاريس جسدها بشكل ملفت!
تملل أبو سكينة في جلسته، ومط رقبته ونظر لجليل نظرة خاصة ، وهز رأسه فضحكنا جميعا، أذ فهمنا أنه يريد يقول «الله يعينك على هاي المرأة «، ومسح جبينه بطرف منديله وقال لها: يا بنتي ، وانتي العاقلة والمتعلمة، دتشوفين أحوالنا شلون صارت. شلون المجرمين البعثيين متحالفين مع الارهابيين القتلة ضد مستقبل بلادنا، وفوكاها شدة الحر هم متحالفة وياهم، وأم سكينة فوق رأسي كل ساعة عبالها راح أموت لأني صايم ... مو أفضل لي اتفرج على هاي أم التضاريس أهون ما اتفرج على شكل الخليفة الداعشي أبو الساعة الرولكس، لو اتفرج على نوابنا اللي وثقت بيهم الناس وأنتخبتهم، وهم مشغولين بس يتنابزون عايزهم بس يتكافشون من الشعر؟