المنبرالحر

عبد الوهاب البياتي وناظم حكمت وثورة 14 تموز المجيدة / ريسان الخزعلي

في كتابه «تجربتي الشعرية» يقول الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي «ان الشاعر الذي لا يعلن ولاءه للحاضر، ولا يحدد موقفه منه بصورة واضحة صريحة، ولا يأخذ مكانه بين صفوف كادحيه وجماهيره لن يكون له شرف منح المستقبل هذا الولاء».
ومثل هذا القول وجدت صداه في موقف الشاعر البياتي من ثورة 14 تموز الخالدة وقد كان الشاعر يومها في موسكو، فكيف كان موقفه؟ استقبل البياتي نبأ انتصار الثورة بنشوة نصرٍ لا تقل عن نشوة انتصار ثوارها بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، وعاجله الشعر، وقد كتب قصيدته المعروفة «14 تموز» يوم 16 تموز 1958، اي بعد يوم واحد من انتصار الثورة، وقرر العودة الى العراق.
يقول البياتي: كان ذلك قد وقع في احد الايام من تموز 1958 وكانت الثورة العراقية المجيدة قد حررت بغداد، وازمعنا نحن المغتربين والمنفيين، ان نعود الى وطننا بعد ان تحرر من حلف بغداد وثأر لنفسه من الذل الذي اورثه اياه الاستعمار. كنت في موسكو وقبل عودتي ذهبت لزيارة ناظم حكمت، سألني عن الثورة العراقية وعن أمله في ان تعطي حلاً ثورياً لمشكلة الفلاح. لقد كان يعتقد ان جوهر الثورات التحررية في الشرق هو جوهر فلاحي وقال بالحرف الواحد: بالدرجة الاولى يترتب على الثورة في اقطار آسيا ان تعطي الحل الثوري المناسب لهذه المشكلة،?والا فستصاب بالفشل». وتمنى لي ولبلادي مستقبلاً زاهراً. وفي اليوم التالي غادرت موسكو الى العراق.
من ملاحظة ما جاء في قول ناظم حكمت عن حل مشكلة الفلاح، يستنتج ان الثوار الحقيقيين يشتركون في الوعي الثوري، وكأن حكمت يستبطن ما حققته الثورة منذ ايامها الاولى في حل مشكلة الفلاح العراقي بقانون الاصلاح الزراعي المعروف الذي اصدره زعيم الثورة. هذه الثورة التي استحقت شعر البياتي:
الشمس في مدينتي تشرق والاجراس تقرع للابطال
فاستيقظي حبيبتي فاننا احرار
كالنار كالعصفور كالنهار
فلم يعد يفصل فيما بيننا جدار
ولم يعد يحكمنا طاغية جبار
لاننا احرار، كالنار كالعصفور كالنهار
وشعبنا اقوى من الاعصار
ومن حراب الملك المنهار
فجيشنا الحبيب يا حبيبتي حطّمها وسار
يعانق الشعب كما يعانق التيار شواطيء البحار
فاستيقظي حبيبتي.. فان في مدينتي
الاعراس تقام، والاجراس تقرع للابطال.

وبالعراقي، كان الفلاح في جنوب العراق يرتجل شعراً شعبياً ابتهاجاً بثورة 14 تموز المجيدة:
حسافه إعله عمري الگضه عوز ابعوز
حلّفني إبكلام الله إنچان ضگت الموز
أكلته إبيوم صار 14 تموز
(إهلال البين كل عين اتشوفه).